|
|
 ظلال التفرقة العنصرية
|
ظلال التفرقة العنصرية
في عدد 11 يونيو من هذا العام كتبت الايكونومست مقالة عزاء في السيد هاملتون ناكي, الباحث في
المجال الطبي في جامعة كيب تاون بجنوب افريقيا. في ذلك المقال سردت الايكونومست مشاركة مزعومة
لناكي في اجراء اول عملية نقل قلب اجريت في العالم حيث أدعي أن ناكي تولي عملية نزع القلب
المراد نقله الي المريض. و القصة اخذت بصورة مباشرة من رواية للسيد ناكي.
يحسن بي ان اذكر ان السيد ناكي هو مواطن افريقي اسود اللون و هو بهذه الصفة يمنع من عمل اشياء
كثيرة عندما يتعلق الأمر بالبيض و ذلك في ظل نظام التفرقة العنصرية الذي كان قائما.
بعد نشر هذا المقال اتصلت جهات عديدة بمجلة الايكونومست و خاصة الجراحون في مستشفي قروت شيير و
هو الذي اجريت فيه عملية نقل القلب الشهيرة في الستينات من القرن الماضي, اكدت هذه الجهات ان
السيد ناكي لم يكن عضوا في فريق العملية الشهيرة و لم يكن حتي ليسمح له بالاقتراب من غرفة
العمليات!!. و السبب الاول: انه اسود و السبب الثاني انه لم يكن لم يملك شهادات طبية اكاديميه
تؤهله لاداء هذا العمل. و الجراح الذي اجري عملية نزع القلب من الواهب (Donor) هو الجراح موريس
بيرنارد شقيق الجراح المشهور كرستيان بيرنارد و الاخير هو الذي اجري العملية الرئيسة كما هو
معلوم للجميع.
احد المصادر و الذي كان قريبا من السيد ناكي سأله عن أين كان موقعه عندما سمع لاول مرة باجراء
عملية نقل قلب, اجابه انه سمع بالعملية لاول مرة من الراديو. لكن السيد ناكي مؤخرا عدل من
اقواله بحيث تضيف له مجد انه شارك في هذه العملية رغما عن قوانين التفرقة العنصرية المطبقة
انذاك. و السيد ناكي عدل عن اقواله ليس بسبب تقدم العمر و انما بصورة رئيسة استجابة لضغوط
الذين كانوا من حوله. فالسيد ناكي كان قد اصبح بطلا قوميا في جنوب أفريقيا فمن خلال تعليم غير
نظامي بسيط و ارادة قوية استطاع ان يخترق الدوائر الطبية العليا في جنوب افريقيا و شارك في أول
عملية نقل قلب تجري في العالم. و كان ينظر إليه أنه شهيد نظام الابارثايد الذي وقف حائل من ان
يسمح بذكر أسمه أو ان ينوه بانجازاته. دعك عن الاجر الذي يليق به و بامكانياته العالية.
و الحقيقة ان دكتور كرستيان بيرنارد قد اعترف ان السيد ناكي اذا ما كان وجد الفرصة العادلة
لكان جراحا اكفأ منه نفسه. و هكذا و لكل هذه الأسباب و بعد انتهاء نظام الاباراثيد و وصول
الغالبية السوداء للحكم, تم تضخيم دور السيد ناكي للدرجة أن السيد ناكي نفسه صدق أسطورته.!
لكن يجدر الذكر ان هذه القصة تم تبنيها بصورة عامة لاشارات من دكتور كرستيان بيرنارد فهم منها
ان السيد ناكي قد ساعده بصورة لم يكشف عنها. و ساعد ايضا انه كان معلوما ان في نظام الابراثيد
لم يكن ليسمح لاي اسود ان يمس جسد ابيض حتي في داخل المؤسسات الطبيه, لذا كان مفهوما ان اي دور
لاي أسود لايمكن الا و ان يكون سرا بصورة ما.
و هكذا تشكلت روايه لم تأخذ طريقها للايكومنومست فحسب وانما نشرتها ايضا لانست و المجلة الطبية
البريطانيه.(Lancet and British Medical Journal) و لقيت القبول عند العدديين. لكن هذه
الرواية لم تستسغيها بالمرة جامعة كيب تاون للدرجة انها لم تكلف نفسها رهق نفيها.
و بالنسبة لنا ان سرد هذه القصة بكل تداعياتها محزن في جزئيتن, الأولي اسفنا لانزلاقنا في التورط
في هذه الروايه, و الثانية وهي الأشد أسفا حقيقة ان ظلال نظام الابراثايد مازالت عالقة في جنوب
افريقيا للدرجة ان البيض و السود يسردون نفس الرواية بطريقة مختلفة تماما, و اي من الفريقين
يذهب في تأكيد صدق روايته مذاهب شتي.!. و الكل يشكك في توجهات الاخر, و الموضوع مؤسف اكثر لانه
يمس السيد ناكي و هو الرجل المحترم من كلا الطرفين البيض و السود, و الذي تعتبر حياته ملهمه
للعددين.
منقول و مترجم عن مجلة الايكونومست
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست