|
|
 حكاية جاد الله ود سعيد
|
تقع قريتنا على ضفاف النيل الابيض قرية وادعة وصغيرة. تمثل الزراعة النشاط الرئيسي لمعظم سكان القرية وهناك من يقومون ببعض الاعمال التجارية الصغيرة اضافة للزراعة. كان جاد الله ود سعيد من هؤلاء الذين يقومون بالتجارة فقد كان له دكان صغير لتوفير احتياجات المواطنين. رزق ود سعيد بثلاثة بنات وولد واحد وكانت زوجته ام الحسن من قرية تبعد عنا مسافة ليست بالقليلة فى داخل مشروع الجزيرة.
منذ الايام الوالى كان سعيد الابن المدلل لابيه وكان لا يؤخر له طلبا. وكان صعب الطباع وذلك لاحساسه باهميته عند ابيه ولما يتوفر له من نقود لشراء ما يعجبه. كنا نحاول ان نقوى صداقاتنا مع سعيد حتى نفوز بالقليل مما ينعم به وذلك لاننا كنا نعيش فى حالة من الفقر والحاجة ولا يكاد اهلنا يوفرون لنا لقمة العيش ناهيك عن الحلويات والالعاب التى كان يتمتع بها سعيد.
مع مرور الزمن ازدادت شراسة سعيد واصبح يدخل فى مشاكل كثيرة مع اولاد الحلة ولم يكن له صديق لانه كان يحتقر الجميع. شكى الكثيرون لجاد الله تصرفات ابنه ولكنه كان يقول لهم:
- اصبرو عليهو الولد صغير بكرة يكبر ويفهم ويبقى راجل يملى العين.
- لكن يا ودسعيد ات بى طريقتك دى بتخرب الولد وبعدين ما بتقدر عليه. هكذا تحدث خالى الفضل وكان لا يعجبه لا ودسعيد ولا ابنه سعيد.
كبر سعيد وصار مركز اهتمام ابيه. كان يرسله ليشترى له السعوط من الطيب ود النور ويبعثه ليجلب له المريسة من الكمبو المجاور. كان سعيد صغير السن فى تلك الفترة واعجبته طريقة وضع السفة فى الشفة العليا وفتح الحقة فكنا عندما نقابله فى الطريق يقول لنا:
فيكم واحد راجل بقدر يسف السعوط زى كدة والله تخت السفة راسك يدور وبردلب تجى واقع ا##########.
لم يجاريه احد منا نحن الصغار فى ذلك وانما كان بعض الكبار يجارونه وذلك طمعا فى الحصول على سفة مجانية او عبار مريسة من جركان ود سعيد. وتعلم سعيد شراب المريسة.
قال له خالى الفضل ذات مساء:
- يا ود سعيد والله ولدك قالوا بقى يشرب المريسة الحقوا قبل ما يتعلم ليك العرقى ويجيب ليك بلية.
- يا ناس انتو ما عندكم سيرة غير سعيد ولدى دا. ما قت لكم الجنا بكرة بكبر وبفهم ودا كله بطير ليه من راسو.
- غايتو نحن والله كنا خايفين عليك منه لكن بعد دا ما همانا بس بنخاف على ولادنا منو.
كبر سعيد تعلم العرقى وصار كل يوم يدخل فى مشكلة مع شخص من الحلة او الحلال المجاورة. ثم تطور الامر الى ان المشاكل بدأت تظهر بين سعيد وابيه فى المصاريف وفى تصرفاته. فقد حاول ود سعيد ان يصلح حال ولده ولكن كان الاوان قد فات.
اصبحت الحلة كل يوم تسمع بان سعيد ضرب اباه حتى شق جبهته او انه حبس اخته الصغيرة فى الغرفة لمدة ثلاثة ايام وهكذا.
ما يحمد لسعيد انه كان يعز امه جدا ويقدرها ولم يدخل معها فى مشكلة يوما ما وكانت لذلك تطيعه فى مرات عديدة رغم انها لم تكن راضية عن تصرفاته.
ذات يوم علا صوت ود سعيد وابنه وتجمهر الناس لمعرفة السبب. كان سعيد قد وصل الى طريق مسدود مع ابيه وقرر ان يغادر القرية واقنع امه واخواته ان يرحلن معه. سمعت امه كلامه واخته الصغرى ورفضت الكبرى لانها ارادت ان تكون مع زوجها وبعد جهد رحلت معه الوسطى.
اصبح ود سعيد وحيدا الا من ابنته الكبرى التى كانت تمر كل يوم عليه وترعاه. تدهورت صحته ومات قبل نهاية عام من رحيل اولاده. لم يحضر سعيد لعزاء ابيه فقد اقام عزاءا فى قرية امه. ماتت امه من الحسرة على تصرفات ابنها وفراق زوجها.
بعد عامين عاد سعيد لاول مرة الى قريتنا طالبا ميراثه من ابيه. حاول اعمامه اقناعه ان يعود ويواصل عمل والده الا انه رفض باع الدكان والارض واعطى الكبرى نصيبها لانها اصرت عليه. وعلمنا انه قد بدد ميراث اخواته فى الشراب والنساء والقمار.
لم يتجرأ احد لطلب الزواج من بنات ود سعيد خوفا من مشاكل اخيهن وكان مصيرهن العنوسة.
|
|
 
|
|
|
|
المعتمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست