قد يتبادر الى ذهن القارئ في اللحظة الاولي ان هذا الموضوع سيكون عن تقنية جديدة تجعل الكمبيوتر غير مرئي بالعين المجردة. وقد يكون هذا الميل نحو الاختفاء قانوناً عاما في تصرف الانسان، و قيل أن الاختفاء ينجم أساساً عن نفسية البشر و ليس بسبب التكنلوجيا، فكلما تعلم الانسان شيئاً بشكل جيد بما يكفي ، فإنه يتوقف عن الإحساس به. و إذا بدى هذا الامر بعيداً عن الواقع، فيمكنك أن تفكر في تطور الكثير من الادوات و التقنيات من حولنا، فعندما اخترع الورق لأول مرة ، كان سلعة نادرة و غالية جداً و تحتاج لفافة بسيطة منه مئات الساعات لإنتاجها ، هذا ناهيك عن السعر المرتفع بحيث لم يتمكن سوى الملوك من الحصول عليه و لم يستطع معظم الناس الا نادرا من القاء نظرة خاطفة عليه طيلة حياتهم. اما الان فبالكاد نحس بالورق على الرغم من أننا محاطون بعالم يطفح بالورق و الكتابة، ففي كل يوم نلتقط قطعاً من الورق و نخربش عليها و نلقيها دونما أن نكترث لشيئ. و تطور وسائل الاتصال أدى كذلك لمثل هذه الظاهرة أي ظاهرة الاختفاء ، فمثلاً قبل بضعة سنين و عند ظهور أجهزة الموبايل ، ما أن نسمع رنين الموبايل حتى ترتفع و تشرأب الرقاب بحثاً عن من يحمل هذا الجهاز أولاً و من ثم لرؤيته ، و الويل كل الويل لمن يمتطي مركبة عامة و لم يقم بإغلاق موبايله ، فسوف يعاني الويلات من التعليقات المحرجة التي بالكاد يسمعها : - الفلهمة ليه شنو شايل موبايل و ما عندو عربية ... (مع العلم أن العربية أغلى من الموبايل ....) - ما يراعي لشعور الناس و يقفل موبايلو قبل ما يركب ... (لست أدري هل هو موبايل أم كلمات جارحة ...) - عاين لي المتضهب ده ... فرحان بالموبايل ..... و الكثير الكثير من التعليقات ، كل ذلك لندرة هذا الاختراع البرستيجي في تلك الفترة ، و للننظر اليوم ماذا حدث ، الكل لديه موبايل (والبعض أكثر من واحد) ، اصبحنا نمتطي المواصلات العامة و تفاجأ بصريخ شخص في المقعد المجاور لك و هو يحاول أن يبرر عدم حضوره بأنه في الكلاكلة مع أن كلاكما في حافلة الثورة ، في ناس كتير هتخش النار بسبب الموبايل. أصبحنا الان نتعرف على الاخرين بالاستفسار عن الاسم و مكان السكن او الدراسة و من ثم تسأل عن رقم الموبايل بينما تقوم بالعبث في مفاتيح موبايلك لتسجيلها وكلك ثقة من أن محدثك لن يخزلك و أنه سوف يقوم بتملية الرقم عليك مباشرة، في كل الاماكن العامة أصبحنا نرى الاخرين يتحدثون ويقهقهون قد يلفتنا الحديث ... القهقهة ... الهمس ... السير هنا و هناك (بالمناسبة هنالك علاقة قوية بين ارسال الشبكة ورجل البني آدم)... و لا يلفتنا الجهاز نفسه ... ألم يصبح خفياً .... مثله و مثل الورق ... هذا ما قصدته فالكمبيوتر كذلك في طريقه الى الخفاء ... ما أن تدلف لمكتب أو منزل أو دكان أو بقالة الا ووجدت هذه الالة الغريبة فيه ... و اصبحت تتدخل في كل صغيرة و كبيرة في المجالات المختلفة ناهيك عن مبدأ الوجاه و الديكور في مكاتب المدراء. فبذلك أصبح خفياً طالما أنه لم يلفت النظر و اصبح من المسلمات في المجتمع المتحضر ..... عشان كدة بيني و بينك .... جهازك القدامك ده انت ما شايفو ولة شنو ؟؟؟؟ فكر ...!!!
Quote: تفاجأ بصريخ شخص في المقعد المجاور لك و هو يحاول أن يبرر عدم حضوره بأنه في الكلاكلة مع أن كلاكما في حافلة الثورة ، في ناس كتير هتخش النار بسبب الموبايل
05-28-2005, 02:15 AM
Sobajo Sobajo
تاريخ التسجيل: 05-29-2003
مجموع المشاركات: 1978
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Sobajo
luai
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست