|
|
 الاستاذ محمد ابراهيم نقد .. لماذا يحترمه الشعب السوداني . مقال لصلاح الباشا
|
عندما يقول الشرفاء الحقيقة
الأستاذ محمد إبراهيم نـُقد... لماذا يحترمهُ شعب السودان ؟؟؟
صلاح الباشا
[email protected]
طوال مسيرة الحركة السياسية السودانية الحديثة لم يتزحزح الأستاذ محمد إبراهيم نقد عن خطه الإعلامي المتمثل في ثوابت إدبيات حزبه العتيد .. ومفاصل مبادئه .. وجسارة زملائه القدامي والمحدثين منهم ، وعدم إرتمائهم في أحضان عمالة أجنبية شرقية كانت أم غربية أو حتي عربية . ذلك أنه نشأ كما يقول الأستاذ الراحل دولة السيد محمد أحمد محجوب رئيس وزراء السودان الاسبق ملتزما بالخط الوطني ومبتعداً عن العمالة للأجنبي ، وقد وردت هذه الحقيقة في كتاب المحجوب الشهير ) الديمقراطية في الميزان ) الذي صدر في بيروت إبان السنوات الأربعة الأولي لحكم الرئيس الأسبق جعفر نميري (1969-1985م) .
ومما نود ذكره هنا أن جيلنا بمختلف إنتمائاته السياسية والعقائدية التي إكتسبها بعيد إنتفاضة 21 أكتوبر الشعبية في عام 1964م ظل يذكر كيف أن الأستاذ نقد وزملائه قد إكتسحوا معظم دوائر الخريجين القومية حين أحرزوا إحدي عشرة مقعداً من مقاعد دوائر الخريجين البالغة خمسة عشر مقعدا ، وقد فاز بالأربعة مقاعد الأخري الدكتور حسن الترابي ، الأستاذ محمد يوسف محمد ، الراحل المقيم محمد توفيق صاحب عمود الجمرات الشهير ، والأستاذ محجوب محمد صالح الذي خاض الإنتخابات مستقلاً ، أما الأستاذ نقد فقد فازت من قائمة حزبه بدوائر الخريجين حينذاك: الراحل الأستاذ حسن الطاهر زروق - محمد إبراهيم نقد – الراحل دكتور عذالدين علي عامر- الراحل عمر مصطفي المكي – الأستاذ فاروق أبوعيسي- السيدة فاطمه أحمد إبراهيم – الراحل الأستاذ جوزيف قرنق المحامي الذي قام نميري بإعدامه بعد فشل حركة 19 يوليو 1971م العسكرية بقيادة الراحل الرائد هاشم العطا وقد كان جوزيف وزيرا لشؤون الجنوب – دكتور الطاهر عبدالرحمن ، ولم تسعفني الذاكرة التي كانت نضرة وقتذاك في تذكر الثلاثه أعضاء الفائزين الآخرين .
علماً بأن القادة ألأكبر سناً قد نزلوا في تلك الإنتخابات في أبريل 1965م بدوائر شعبية ولم يفزوا في أي منها ، غير أنهم كما يقال وقتذاك كانوا يريدون معرفة قوة حزبهم الجماهيرية ، وهم: الراحل الأستاذ عبدالخالق محجوب في دائرة أم درمان الجنوبية والتي فاز الزعيم إسماعيل الأزهري – والأستاذ احمد سليمان بدائرة البراري التي فاز فيها الإتحادي عماد الدين خاطر ، والراحل المناضل العمالي الأكثر شهرة محليا وعالميا الشفيع أحمد الشيخ بدائرة الخرطوم جنوب حيث فيها الزعيم الإتحادي الراحل إبراهيم المفتي .
ولكن في الإنتخابات اللاحقة التي أجريت في عام 1968م فاز الأستاذ عبدالخالق محجوب في ذات دائرته ضد الأستاذ أحمد زين العابدين ، كما فاز الراحل النقابي العمالي الحاج عبدالرحمن بدائرة مدينة عطبرة ضد الإتحادي العمالي محمد الحسن عبدالله .
تلك كانت خلفية خفيفة عن مسار المعارك الإنتخابية التي خاضها نقد وزملائه في فترة الديمقراطية الثانية ( 1964- 1969م ) . وحين عادت الديمقراطية مرة أخري بعد الإنتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام النميري وقد إقتلعته إقتلاعاً قوياً وحاسماً في السادس من أبريل 1985م ، فاز الأستاذ محمد إبراهيم نقد في دائرة الديوم والعمارات ضد منافسه الأستاذ يسن عمر الإمام نائب الأمين العام للجبهة الإسلامية وقتذاك ، كمافاز الراحل دكتور عز الدين علي عامر بالخرطوم الأولي منتصراً علي مرشح الجبهة الإسلامية اللواء طيار محمد الفاتح عابدون .
ظل الأستاذ محمد إبراهيم نقد مثار إعجاب حين كانت جماهير شعبنا تتابع مناقشات ومداولات الجمعية التأسيسة ( البرلمان ) إبان سنوات برلمان الديمقراطية الثالثة ( 1986- 1989) ، فبرغم عدم إنتمائنا لعضوية هذا الحزب العتيد والذي كانت تضحيات عضويته علي إطلاقها عظيمة وفائقة التصور وفيها من البسالة والوطنية والتجرد .. وكل ذلك كان ممزوجاً بشفافية عالية المقام يغلفها الطهر والأمانة وحب تراب هذا الوطن بطريقة بائنة لاتخطئها العين ، إلا أننا كنا نحترم ونستمتع جدا بأطروحات الأستاذ نقد إبان تلك الفترة بالبرلمان حيث كان الرجل لايمل من طرح القضايا التي كانت أكثر إلحاحاً والتي تهم جماهير شعبنا ، فهو لم يزايد في التمشدق بشعارات الإشتراكية التي كانت باهرة وقتذاك ، بل كانت كل اطروحاته الناقدة سواء في أبواب الموازنة العامة أو في أحاديثه عن أهمية الإهتمام بتقوية مشاريع التنمية القائمة وتوسيع مظلة خدمات القطاع العام الإنتاجية والخدمية حتي تخفف كثيرا من معاناة الجماهير ، بل كان يقترح دوما بإبعاد القيادات المدنية التي كانت تحوم حولها شبهات الفساد ، مقترحا عدم حرمانها من نعمة العمل ، ومؤكداً علي إتاحة فرص العمل لهم بالنقل لمواقع حكومية مدنية أخري لاتتيح لهم مجالا للفساد أو الإختلاس مثلاً حتي لاتضار أسرهم من خاصية إنقطاع المورد الشهري.
كما أن إيمان الأستاذ نقد بحرية العمل السياسي لكافة أشكال الطيف السياسي وتمديده لجسور العلائق الإجتماعية من مخالفيه في الرأي ، ومتابعة أدبيات التواصل معهم ، كل تلك الأسباب مجتمعة تجعل جماهير شعبنا تحترم هذا الرجل النادر الوجود علي مستوي العالم في زماننا المجدب هذا ... فهو السياسي الذي تمكن من سودنة أفكار حزبه وجعلها فكراً غير مستورداً أو معلباً كما كان يقال في السابق .
لكل ذلك ... يظل أهل السودان يحترمون بكل التجلة والذوق الرفيع والحميمية السودانية المتميزة هذا السياسي السوداني الوطني المعتق .. الأستاذ محمد إبراهيم نقد والذي أصبح بعد كل هذا الغياب رمزاً سياسياً سودانياً أصيلا ونجماً ساطعاً في سماء السياسة السودانية المتقلبة .. بل ورقما في الوطنية من المستحيل تجاوزه .... فقد كان حضور ندوته بالديوم الشرقية مؤخراً كحضور الجماهير لمباريات القمة ( هلال – مريخ) .. وكفي .
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست