|
محمد الحسن سالم ( حميد ).. أعظم الشعراء
|
يعتبر محمد الحسن سالم حميد ، واحدا من أعظم شعرائنا المعاصرين ، الرجل الذي نبع من بيئة خضراء ومترعة بالحليب ، الشايقي الذي خطا بقصيدة العامية خطوات ما كان لها أن تخطوها لولا موهبته الكبيرة ،لتنغرس قصيدته الحكاءة بكل زخمها وإدهاشها ، في كل قلب تصادفه .. والرجل الذي تشرد في الوطن وخارج الوطن ، يحمل وجه ( نورا ) الساطع و فقر ( عبد الرحيم ) ،وأراض بور يحاول جاهدا أن يملأها خضرة .من ذا يعرف عصبية ( قولونه ) إن تعصب ،من ذا يشتري له ( ليبراكس ) أو ( بوكسيديوم ) ؟ .. من ذا يعرف قرقرة مصارينه إن قرقرت ، ومن ذا يمده بمنديل ( زينوبي ) مضمخ بالحنان ، إن سالت دموع غربته قصيدة جديدة مدهشة . لن يسقط حميد .. لأنه خلق ليقف .. ولن يموت شعره ، لأنه الشعر الحي .. وكونه عمل موظفا ليعيش ، فلأن القصيدة مهما كانت نارها مشتعلة ، لا تأتي بلقمة العيش ..تماما كالرواية والمسرحية واللوحة التي تطالعها لتندهش ، وتثني على رسامها الذي ربما كان في تلك اللحظة واقفا في هجير شارع الوادي باحثا عن حافلة ، أو يسعل من السل في عنبر متسخ ، أو يطهو على النار قدرا خاويا .وفي الوقت الذي يصدح المغنون فيه برائعات حميد وغيره، ويتلقون دنانيرهم كاملة ، لماذا لا يكافأ الأصل ، ويروى العشق بأجر لشاعر أراد أن يعول نفسه . هي في النهاية ليست محنة حميد وحده .. أن تطارده الألسنة لأنه أراد أن يعيش ..إنها محنة الابداع كله .. أن تكون مبدعا طويل القامة ولكن ميتا . في إحدى المرات التقيت في ( عمان ) بواحد من رسامينا الكبار ، طلبت منه لوحة كغلاف لرواية أود إصدارها ...فاجأني الرسام بأن طلب أجرا مرتفعا ثمنا لصورة فوتوغرافية عن لوحته .. اندهشت بشدة ،وأبديت له استغرابي عن سلوكه ، فقال الرسام : نحن السودانيون بحاجة إلى تربية .. أن نتعلم كيف نقدر الابداع وندفع من أجله . اكتشفت في تلك اللحظة إنه على حق ، الذي يريد الدهشة يجب أن يمول رغبته ، وما أجمل الدهشة التي تنبع من حروف حميد .
|
|
|
|
|
|