|
شــــــــــــــــــر البلية ما يضحك
|
الجمل والسلحفاة خالد القشطيني
سألوا الجمل، لماذا رقبتك عوجاء بهذا الشكل، فقال، تسألونني عن اعوجاج رقبتي؟ اي جزء من اجزاء جسمي سالم وعدل لتسألوا عن رقبتي؟ نظر الاوربيون الى هذه الهيئة الشاذة للبعير، رقبته الطويلة العوجاء، وسنامه الشامخ المتورم واطرافه الطويلة المتعرجة ووجهه المخيف ببراطمه المتدلية، فقالوا، هذا حيوان قامت بتصميمه لجنة. قالها الساخرون في تهكمهم مما تتمخض عنه اللجان الحكومية. نحن طبعا لا نرى اي شذوذ في الجمل لأنه حيواننا وابن عمنا في السراء والضراء. لكنني فكرت بالسلحفاة، فهيئتها لا تقل شذوذا عن هيئة الجمل، بل واكثر منه. تأملت فيها وفي سلوكها فقلت هذا حيوان لا بد ان يكون من تصميم الجامعة العربية. وهي في الواقع كالجامعة العربية، تسير ببطء ولا تتحرك الا لماما ولا تسمع لها صوتا وتنام طويلا وعمرها مديد، مثل عمر سكرتير الجامعة العربية في بقائه في منصبه. وهي ايضا حيوان لا ينفع ولا يضر. ولكن بعض الناس يصنعون منها شوربة، وهو ايضا ما يفعله بعض الرؤساء بالجامعة العربية. ما جرى في تونس قبل ايام كان اقرب ما يكون الى الشوربة، ولكنها كانت شوربة ثقيلة الهضم كريهة الطعم. لو قدموها لي في اي مطعم لرميت بها في وجه النادل وخرجت. اذا كان الغربيون يحلون اي مشكلة، او بالاحرى يتفادون حل اي مشكلة باحالتها الى لجنة، فنحن نقوم بذلك، اي بالهروب من وجه اي مهمة صعبة، بعقد مؤتمر بشأنها، ثم اصدار بيان عنها نصفق له، ثم نضعه على الرف وننساه. هذا ما كان مخططا لمؤتمر القمة عن الاصلاح العربي. كان المتوخى من هذا المؤتمر ليس طبخ شوربة عدس عربية حرة ومنسجمة، وانما شوربة خضروات تايلندية تلقي فيها بأي شيء يخطر في بالك من الخضروات والبهارات واللحوم والمعكرونة وتتوكل على الله. حل المسألة الفلسطينية، حقوق الانسان، حرية الفكر، تحقيق العدالة، دعم اللغة العربية، التخلص من النفوذ الاجنبي، مقاومة الارهاب، نشر الثقافة وغير ذلك من الكثير الذي صبوه في شوربة الاصلاح العربي. من ضمن هذا البرنامج اصلاح الجامعة العربية. فأسرعت الجامعة العربية الى تأجيل اصلاح نفسها سنة اخرى، وهو ما تفعله اي سلحفاة تطلب منها ان تنزع عن نفسها قوقعتها. فهذا طلب اشبه ما يكون بمطالبة مريض بالسرطان ان يعالج مرضه بنفسه بشرب الكمون. كما نعلم، الجامعة العربية سلحفاة تشتغل بالزمبرك قام بتصميمها الانجليز بعد الحرب العالمية الثانية جريا وراء فكرتهم عن الوحدة العربية. فكما اخذت اكتشف مؤخرا كان الانجليز بقيادة الكولونيل لورنس هم الوحيدون الذين آمنوا فعلا بالوحدة العربية. وطالما كانت الجامعة العربية من تصميمهم وثبت الآن عطلها فعلينا ان نقوم بما يقوم به اي رجل عاقل يشتري حاجة من مخزن. ثبت ان هذه الحاجة معيبة. فعلينا ان نعيدها للبائع على ان يعطينا واحدة غيرها او يصلحها لنا. لقد ذهبت ايام الزمبرك. كل شيء في هذه الايام يشتغل بالبطاريات. على الانجليز ان يعطونا جامعة عربية تشتغل بالبطارية. بيد ان الامريكان لاحظوا قرفنا من هذه السلحفاة المعيبة فاستغلوا الفرصة ودخلوا السوق لينافسوا الانجليز بلعبة جديدة، لا تحتاج الى زمبرك ولا بطاريات وانما تشتغل بأشعة الشمس بموجب تصميم يحمل براءة اختراع مسجلة بتل ابيب. هذه هي لعبة السلحفاة المعروفة بمشروع الشرق الاوسط، ومصنوعة كليا من البلاستيك. بيد انهم سارعوا لسحب هذا المشروع واخذوا يعملون الآن على تصميم سلحفاة لا تشتغل بالزمبرك ولا بالبطاريات ولا بأشعة الشمس وانما تعمل بالنفط.
|
|
|
|
|
|