كمال الجزولي: القَوْسُ المُوَشَّى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 09:28 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-26-2004, 11:53 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كمال الجزولي: القَوْسُ المُوَشَّى

    البيان 17/3/2004
    اضاءة سودانية
    القَوْسُ المُوَشَّى «1ـ 2»

    بقلم :كمال الجزولي


    تحت عنوان (المصالحة وبناء الثقة في السودان) قدم الإمام الصادق المهدي، كعادته، ورقة مرتبة الأفكار، جيَّدة السبك، رغم اختلافنا مع بعض جوانبها، ضمن أعمال ورشة (السلام بين الشراكة والمشاركة) التي نظمها مركز دراسات السلام بجامعة جوبا ومؤسسة طيبة برس بالتعاون مع مؤسسة فريدريش آيبرت الألمانية بقاعة الشارقة بالخرطوم، في الفترة بين 6 ـ 7 مارس 2004م.


    وكما أشرنا في أكثر من مناسبة فإن المرء لا يستطيع، بالغاً ما بلغت حِدَّة الاختلاف، أن يجحد، إلا بالتجرُّد من أخلاق الفرسان، مواقف الرجل الثابتة من الأنظمة الشموليَّة، وإسهاماته المرموقة ضمن حركة الاستنارة الفقهوفكريَّة الهادفة لإعادة الحياة لمضخات التجديد والتطور في الفكر السياسي الاسلامى، وإجلاء ما تراكم عليها من صدأ بفعل ألف عام من الجمود والتخلف، وفي رأس ذلك سعيه الحثيث لتوطين (الديمقراطيَّة المعياريَّة) و(حقوق الانسان) في تربة الاسلام، مجالدة لتيارات الغلوِّ والهوس التي ما تنفك تروِّج لغربتها عنه.


    سوى أن الامام، كما سبق وألمحنا أيضاً، ليس فقيهاً مفكراً فحسب، وإنما أيضاً رئيس حزب من حقه ألا تغمض عينه عن الحكم وهمومه. لذا، فثمة وجه آخر للاشكاليَّة يطل في ما يرى، ونرى معه، من ضرورة مُلحَّة لاجتراح ما يدعم ديناميكيات (الديمقراطيَّة العمليَّة) التي لا يمكن بدونها المحافظة على تماسك بنية (الديمقراطيَّة المعياريَّة) في الوعى الاجتماعى.


    لكن، هنا بالتحديد، «يختلط القوس المُوَشى»! فعلى حين تتصعَّد قيم (الديمقراطيَّة المعياريَّة) من أنقى ما في الفطرة والخبرة والمعتقد، تبقى ممارسة (الديمقراطيَّة العمليَّة) عرضة للضيق والأثرة والطبع الخطاء، ما لم نتعهَّدَها بالمراجعة الدائمة والذهن النقدى والمغالبة لشحِّ النفس، حتى لا تجرفها أمواج (السياسة السياسويَّة)، حين يتمكن منها منطق الكسب (الحزبيِّ) البحت، إلى سواحل يضحى الحقُّ فيها غريب الوجه واليد واللسان!


    لقد عدَّد الصادق، من وجهة نظره، أربع حالات محمَّلة ببذور عدم الاستقرار ورثها السودان من الاستعمار، من بينها، وهذا ما يعنينا هنا بوجه خاص، نظام حكم ديمقراطي معيارى لا يدعمه الشيوعيون المتحمسون للعمل السياسي في القطاع الحديث (ويدمج معهم الأخوان المسلمين غير أن هذه قضية أخرى)، كونهم يرون، على حدِّ قوله، أن هذا النظام يأتى عبر الانتخابات بقوى غير ديمقراطيَّة، ولا يتيح لأطروحاتهم أيَّة فرصة عبر صناديق الاقتراع، ولهذا لم يستطع النظام الديمقراطي أن يحقق استقراراً، بل أعطى فرصاً كبيرة بما أتاح من حريات لهؤلاء العقائديين الثوريين أن يخططوا للاطاحة به، أو كما قال!


    هكذا، ولأن الورقة تطرح بمثل هذا التبسيط المخلِّ، للأسف، قضية ذات طابع تركيبيٍّ شديد التعقيد، فقد كان لا بد لها أن تصادم جملة معطيات تاريخيَّة وفكريَّة نوجز، لضيق المجال، أبرز نماذجها من مختلف المراحل والفترات.


    (1) نبدأ بملاحظة بسيطة تتصل بالطابع التركيبى المعقد لمسار تطور مفهوم (الديمقراطية) نفسه في فكر الحزب منذ تكوينه في منتصف أربعينيات القرن الماضى. فعلى حين بقيت هذه الموضوعة تمثل، بشكل ثابت، أحد أهم المطلوبات الاستراتيجية المطروحة في أفق مشروعه الاشتراكى، ظلت ملتبسة أيضاً، في فترات مختلفة من هذا التطور، وبدرجات متفاوتة، بمفاهيم ومصطلحات (الديمقراطية الاشتراكية، الجديدة، الثورية.. الخ)، وذلك تحت الأثر الضاغط على حركة اليسار، وحركة التحرر الوطنى العالمية بوجه عام، من جهة النموذج الاشتراكى الملموس والسائد آنذاك، وبالأخص التجربتين السوفييتية والصينية. وهى المفاهيم والمصطلحات التي تصعَّدت من أنماط الهيكلة السياسية الستالينية للحزب والدولة والمجتمع، تحت عنوان (المركزية الديمقراطية)، في الاتحاد السوفييتي، ومن ثم في أنظمة الديمقراطيات الشعبية التي نشأت في بلدان شرق أوروبا وأنحاء متفرقة من العالم، في أعقاب الحرب الثانية، مستهدية بهجائيات الماركسية اللينينية، وبخاصة في نسختها الروسية بظروفها المحددة، للديمقراطية الليبرالية.


    (2) ومع ذلك، فمن غير الممكن عدم ملاحظة أن مؤشر الأصالة الفكرية لدى الحزب ظل يسجل منذ ذلك الوقت الباكر، وبرغم قوة تأثير ذلك المفهوم للديمقراطية، وتائر عالية من النزوع إلى (الديمقراطية الليبرالية) بمضمونها القائم، كما ألمحنا، في الحريات والحقوق، قانوناً وممارسة، إلى درجة تصويب النقد الجريء والصريح للتجربة السوفييتية، في هذه الناحية، قبل انهيارها المدوى بنحو من أربعين سنة ونيف (تصريح حسن الطاهر زروق «للسودان الجديد»، 1/9/1944م ـ ضمن محمد نورى الأمين، رسالة دكتوراه).


    (3) لم يكن قبول الحزب بممارسة العمل السياسي وفق المبادئ العامة لهذه الديمقراطية الليبرالية التعدديَّة محض قبول بقضية شكلية، وإنما بمضمونها المتجذر في الحريات العامة والحقوق الأساسية التي تمثل، في بلد كالسودان، بتعدد تكويناته الاقتصادية الاجتماعية والقومية وعدم التناسق في تطور قطاعاته الاقتصادية، الشرط المركزى لتحقق هذه الديمقراطية، تعبيراً عن رؤية الحزب لها، سواء كان محقاً أم مخطئاً، كبيئة أصلح لحضانة مشروعه الاشتراكى من خلال أوسع حراك جماهيرى، علاوة على عدم اقتناعه بأن التجربة الاشتراكية قدمت أيَّ نموذج ملهم في الديمقراطية السياسية. ذلك برغم شيوع مف


    (4) وقبل ذلك كان قد قرَّ في فكر الحزب، أصلاً، ومنذ بواكير نشأته، أن الكفاح من أجل (التحرر) من الاستعمار لا يمكن أن ينفصل عن النضال من أجل الحريات والحقوق الديمقراطية. لذا فقد جاء الشرط التاريخى لتأسيسه مقترناً مع ذات الشرط التاريخى لتأسيس حركة جماهيرية واسعة، متنوِّعة، ومنفعلة، بحكم طبيعتها وقانونها الباطنى، بالتطلع إلى هذه الحريات والحقوق الديمقراطية، كالنقابات والاتحادات المهنية، وتنظيمات الشباب والنساء والطلاب، وغيرها. وليس من باب الصدفة أن الشيوعيين أسهموا في استنهاض تلك الحركة بنشاط، فشكَّلت، بأساليبها وأدواتها الديمقراطية، كالإضراب، والمظاهرة، و


    (5) وفي فترة لاحقة، وضمن سياق مساهمته في مناقشة البرلمان لمشروع الدستور المؤقت بتاريخ 31/12/1955م، شدَّد حسن الطاهر زروق، النائب الشيوعي عن دوائر الخريجين وقتها، على ضرورة إخضاع جهاز الدولة للرقابة والمحاسبة الشعبيتين، وضمان المشاركة الشعبية في الحكم، وتوفير حرية الاعتقاد وحرية اعتناق الآراء السياسية والعمل من أجلها، وما إلى ذلك من الحريات العامة (م. سليمان، 1969م).


    (نواصل)

    http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?pagename=Bayan%...ge&cid=1051780117401
    =======
    السودان لكل السودانيين








                  

03-26-2004, 11:57 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كمال الجزولي: القَوْسُ المُوَشَّى (Re: sultan)

    البيان 23/3/2004

    إضاءة سودانية
    تبسيط القضية

    بقلم :كمال الجزولي


    أبرزنا، في ما تقدم، تفسير الامام الصادق المهدي لمتاعب (الديمقراطية المعيارية) بأربع حالات «موروثة عن الاستعمار»، من بينها، برأيه، عدم حماس الشيوعيين لدعمها، كونها لم تتح لأطروحاتهم فرصة فخططوا للاطاحة بها! وقلنا إننا، مع تثميننا العالى لمجاهدات الرجل الفقهوفكرية في توطين (الديمقراطية المعيارية) في تربة الاسلام، لا نغفل أيضاً وضعه كرئيس حزب عينه على السلطة، وهذا من حقه، وسعيه لدعم مقوِّمات (الديمقراطية العملية)، الأمر الذي نوافقه عليه. غير أن هذه، برأينا، هي النقطة التي «يختلط القوس المُوَشى» عندها، حين تجرف أمواج (السياسة السياسويَّة) منطق التاريخ إلى سواحل يضحى فيها غريب الوجه واليد واللسان! هكذا وجدنا الورقة تنحو لتبسيط قضية ذات طابع شديد التركيب، فتصادم جملة معطيات لا يمكن بدونها إعطاء تقييم موضوعي لسيرورة الحزب الشيوعي التاريخيَّة والفكريَّة، كمقاومته، مثلاً، لمفاهيم الديمقراطية الثورية، الشعبية، الجديدة.. الخ التي سادت بتأثير التجربتين السوفييتية والصينية على حركة اليسار والتحرر الوطني عموماً، ونزوعه للديمقراطية الليبرالية، بمضمونها القائم في الحريات والحقوق، كبيئة أصلح لحضانة وتطوير مشروعه الاشتراكي. وفيما يلى نواصل:


    (6) ولعل من المهم، بإزاء الحجة القائلة بأن الأمية تشكل عائقاً دون نجاح التجربة الديمقراطية، إستصحاب دلالات الموقف الفكرى للحزب في دحضها بأن شعبنا عرف مصالحه أكثر من بعض الشعوب الأوروبية التي تصوِّت للمحافظين، فانتخب أغلبية وطنية حققت الاستقلال في برلمان 1954م، ودحضه أيضاً لاتهام النظام الديمقراطي بالفساد بدليل استمراره في ظل الشمولية، وما خلص إليه من أن اجتثاث الفساد غير ممكن إلا برقابة الشعب إذا تمتع بالحريات والحقوق (ع. الخالق،2001م). وكان ذلك موقفه أصلاً عندما خاض أول انتخابات برلمانية عام 1953م لتوسيع المناهضة للاستعمار وتعميق الديمقراطية (ع. الخالق، 1987م).


    (7) لا بد كذلك من قراءة دقيقة لوقائع دعمه في الفترة (فبراير 1953 ـ يناير 1956م)، لتحركات العمال والمزارعين والصحفيين والطلاب من أجل الحقوق والحريات، قبل أن تكتسى مقررات مؤتمره الثالث (فبراير 1956م) بالطابع الجبهوي العريض (الاتحاد الوطني الديمقراطي)، بتأكيدها على أن الحريات هي طريق النمو السلمى، وطرحها لمبدأ الشراكة العادلة في الحكم، للتخلص من أدواء التعصب الحزبى، ولمنع السيطرة المنفردة لأي قسم على جهاز الدولة في تلك الحقبة الجنينية من الاستقلال.


    ( ويلزم المحلل أيضاً قدر من الموضوعية لدى النظر إلى وقائع الفترة بين 1954م ـ 1958م كى يقف على جليَّة أوضاع قد تتراءى غريبة للوهلة الأولى: فعلى حين كانت تشتد بوضوح نزعة الحزب للاستمساك بالديمقراطية الليبرالية وتعميقها في الحركة الجماهيرية، كانت الخروقات تتوالى عليها من مواقع ذات القوى التي يفترض أنها أوثق انتساباً إليها وأقوى التزاماً بها! وكمثال، فعلاوة على تعريض استقلال البلاد للإجهاض بالانغماس في الصراعات غير المبدئية، تسببت حكومة الأزهرى الأولى في حادثة (عنبر جودة)، حيث قتل أكثر من 125 مزارعاً كانوا يطالبون بحقوقهم، ثم أعملت المزيد من عنف الدولة في حركة الاحتجاجات الشعبية على تلك الحادثة، في حين لم يستخدم المحتجون من العمال والمحامين والطلاب سوى الأساليب الديمقراطية المعهودة.


    أما حكومة عبد الله بك خليل (حزب الأمة) فقد رفضت الاعتراف لا بالحزب ولا باتحاد العمال. وأبدت، إلى ذلك، قدراً كبيراً من العداء تجاه تعبيرات المعارضة السلمية لزيارة نائب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بغرض تسويق (مشروع أيزنهاور) الاستعماري، حيث اتهمت «حفنة من الشيوعيين بتهديد الأمن والاستقرار»، وأقدمت في يونيو 1958م على تعطيل البرلمان عندما بدأ ينذر بسحب الثقة منها، ثم أظهرت في 21/10/1958م رد فعلها العنيف بإزاء إضراب 42 نقابة تمثل 98% من القوى العاملة، بقياده اتحاد العمال ومؤازرة الحزب وتنظيمات المزارعين والتجار والطلاب، احتجاجاً على تغول الحكومة على الحريات النقابية، وللمطالبة ببعض الاجراءات الاقتصادية، كتخفيض المصروفات الحكومية وتنويع التجارة الخارجية وما إلى ذلك، فشنت (جردة) اعتقالات واسعة، وحظرت المواكب والتجمعات السياسية، مما اعتبرته الصحف نقطة تحول في نشاط الحركة النقابية (القدال، 1999م). وأخيراً توَّج حزب الأمة كلَّ تلك الخروقات لأسس الممارسة الديمقراطية بتسليم عبد الله خليل، أمينه العام ورئيس الوزراء وقتها، السلطة لكبار الجنرالات في 17 نوفمبر 1958م، وذلك، حسب إفادة عبود نفسه للجنة التحقيق بعد ثورة أكتوبر، بموجب «أوامر.. صادرة من رئيس لمرؤوس، وقد قبلتها ونفذتها على هذا الأساس.. عبد الله خليل هو مهندس الانقلاب، ولو طلب منا إلغاءه في أية لحظة لفعلنا فوراً» (ضمن تيم نبلوك، 1990م).


    (9) والواقع أن الأحزاب التقليدية كانت قد عمدت لاختزال كل قيمة للاستقلال في محض (عَلَم) يُرفع، و(سلام جمهوري) يُعزف، و(عملة وطنية) أضحت دولة بين الأغنياء بخاصة! ولم يكن شعار (تحرير لا تعمير)، في تلك الفترة، غير صياغة شديدة الإحكام لتلك الرؤية الخرقاء. وكما لاحظ بعض الباحثين فقد «كان النظام البرلماني بالنسبة للأحزاب التقليدية وسيلة شرعية لفرض سيطرتهم، وليس أداة لتأسيس الديمقراطية في السودان. وقد تبين ذلك في المواقف غير المبدئية وتغيير التحالفات وتحوُّل النواب البرلمانيين من معسكر إلى آخر» (حيدر ابراهيم، 1996م).


    (10) وربما كان من المفيد، في السياق، استدعاء أحد أهم استنتاجات الحزب من وقائع الصراع بعد الاستقلال بين نظريتي البناء الرأسمالي والتطور اللارأسمالي، بأن العامل الأساسي في تنامى قوى العنف البرجوازي هو اكتشافها أن الليبرالية السياسية تعيق مشروعها بما توفر من إمكانات مناهضته شعبياً، وهكذا اتجهت لخيار الديكتاتورية العسكرية السافرة، «فما عجزوا عنه بالصراع السلمي أرادوا تحقيقه بالصراع الدموى» (تقرير المؤتمر الرابع 1967م). لذلك، فإن تفسير السيد الصادق لإقدام حزب الأمة على تدبير انقلاب نوفمبر، وتبريره بمجرد (سوء تفاهم) و(خلاف) في الرأى بين أمينه العام المرحوم عبد الله خليل وبين رئيسه المرحوم الصديق المهدى (الصحافة، 10/4/2001م)، لهو من صنف التبسيط المخل الذي أشرنا إليه، والذي لا يُتصوَّر من مفكر في قامة السيد الصادق، لولا مقتضيات (السياسة السياسوية) التي يختلط عندها «القوس الموشى»!


    (3) ولكون الانقلاب، من الناحية الشكلية، لم يسلب الحزب الشيوعي سلطة، بل لعله طمر الحكومة التي ناصبته والحركة الجماهيرية العداء، فإن مما يستوجب التأمل حقاً موقفه منه: بالانفراد بفضحه قبل وقوعه: «إفتحوا عيونكم جيداً: الاميركان يستعدون لتدبير الانقلاب المقبل في السودان» (الميدان، 3/11/1958م)، وبالانفراد بمناهضته من يومه الأول، حيث صدر بيان مكتبه السياسي في 18/11/1958م بعنوان: (17 نوفمبر انقلاب رجعى)، فكيف يمكن تفسير ذلك موضوعياً؟!

    http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?pagename=Bayan%...le&cid=1051780162240
    =======
    السودان لكل السودانيين
                  

03-26-2004, 11:59 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كمال الجزولي: القَوْسُ المُوَشَّى (Re: sultan)

    البيان 31/3/2004
    القَوْسُ المُوَشَّى

    بقلم :كمال الجزولي


    في مناقشتنا لرأي الامام الصادق المهدى، ضمن ورقته في ندوة قاعة الشارقة، بأن الشيوعيين لم يدعموا الديمقراطية المعيارية، كونها لم تتح لهم فرصة فخططوا للاطاحة بها، أشرنا إلى أننا، برغم تقديرنا لجهوده الفقهوفكرية في توطين (الديمقراطية المعيارية) في تربة الاسلام، لا نغفل أيضاً سعيه، كرئيس حزب،لدعم مقوِّمات (الديمقراطية العملية).


    ولكن هنا «يختلط القوس المُوَشى»!


    فالورقة تنحو للتبسيط فتصادم معطيات يصعب بدونها تحليل سيرورة الحزب الشيوعي التاريخيَّة والفكريَّة، كمقاومته لمفاهيم (الديمقراطيات الاشتراكية) ونزوعه الباكر (للديمقراطية الليبرالية)، ورفضه لخرق القوى التقليديَّة للحريات، ومناهضته تسليم حزب الأمة السلطة لعبود.


    وتساءلنا عمَّا تعنيه بالنسبة للامام مقاومة الحزب لذلك الانقلاب، رغم أنه لم يسلبه سلطة من الناحية الشكلية! وفي ما يلي نختم هذه المناقشة:


    (12) وبإزاء قول الامام إن الانقلاب وقع (لسوء تفاهم) بين سكرتير حزبه وبين رئيسه وراعيه (الصحافة، 10/4/2001م)، تبرز حقيقتان أساسيَّتان:


    الحقيقة الأولى: أن سكرتير الحزب سلم السلطة للجيش. وأن رئيس الحزب لم يعارض التسليم، بل كان يرى تقصير فترته الزمنية (ت. نبلوك، 1990م). أما راعى الحزب فقد أصدر بياناً دمغ فيه كل الأحزاب بالفشل: «وها هو يوم الخلاص، فقد هب رجال الجيش.. ولن يسمحوا.. بالعبث.. فابشروا بهذه الثورة المباركة» (ضمن المصدر). والسؤال: أين سوء التفاهم هنا؟!


    الحقيقة الثانية: أن تبرير الصادق لا يعدو توضيح الصراعات في حزبه مع نهاية الخمسينيات، وتداخلها مع ملابسات انقلاب عبود، تماماً كشرحك انقسام الشيوعيين أواخر الستينيات وتداخله مع ملابسات انقلاب النميري! فيتعيَّن على الامام إذا ذهب لذاك أن يقبل بهذا!


    أما بمعايير مؤسسية (التبعات) السياسيَّة والأخلاقيَّة، فلا القول الأول يصلح لإعفاء حزب الأمة من مسئوليته عن إنقلاب الجنرالات في 1958م، ولا الثاني يصلح لإعفاء الشيوعيين من مسئوليتهم عن انقلاب الرواد في 1969م.


    (13) ناهض الحزب الشيوعي انقلاب عبود بالمخالفة لكل الأحزاب التي أيدته بلا استثناء. فعلى حين كان الناس يتداولون صباح 18/11/1958م بيان الحزب ضد الانقلاب، كان حزب الشعب الديمقراطي يعبِّر، في رسالة راعيه إلى الشعب، عن أمله في أن «تؤدى.. مجهودات الجيش إلى نشر الأمن والاستقرار» (المصدر)، ثم عاد قادته ليصفوا الانقلاب في مذكرة (كرام المواطنين) بتاريخ 29/11/1960م، بأنه جاء «ليجني الشعب ثمرات الاستقلال» (بشير محمد سعيد، 1990م).


    وأما الحزب الوطني الاتحادي فقد بعث سكرتيره خضر حمد، في اليوم التالي، ببرقية تهنئة إلى عبود من القاهرة، مطالباً باتخاذ «إجراءات ضد الفساد والمفسدين».


    وقال إن الأزهرى عبر عن ثقته في وطنية الانقلابيين فلعلهم يوفقون فيما فشلت فيه الأحزاب، وكلفه بنقل رأيه إليهم ففعل (مذكرات خضر حمد). وأما الأخوان المسلمون فقد رأوا أن بداية الانقلابيين «في تصحيح الأوضاع الفاسدة تدعو للاطمئنان» (صحيفة «الأخوان المسلمون»، 1/12/1958م).


    (14) وينبغي، للاجابة على السؤال حول مغزى انفراد الشيوعيين بذلك الموقف، تقييم تحليلات الحزب نفسه الذي عزا السبب لكون الانقلاب كان موجهاً لصدور الجماهير، فالقوى التقليدية عجزت عن مواجهة قضايا ما بعد الاستقلال فنقلت الصراع الطبقي من حيزه السلمي إلى ديكتاتورية عسكرية (وثيقة مؤتمر 1967م).


    (15) كان على الحزب، خلال العامين التاليين، أن يتحمَّل وحده، على صغره وقلة إمكاناته، مسئولية عدم ترك القوى الشعبية تتقهقر أمام الديكتاتورية، حتى غيرت الأحزاب موقفها من النظام، فطرح الحزب أمامها، في بيانه بتاريخ 29/8/1961م، أداة (الإضراب السياسي) لإسقاطه.


    (16) أثار اندياح نفوذ الحزب بين الجماهير، بعد أكتوبر، قلق القوى التقليديَّة، بتأثير ابتزاز الاخوان المسلمين لها، فانقضت على حكومة الثورة الأولى، ثم عدَّلت الدستور وحلت الحزب نفسه وحظرت نشاطه وطردت نوابه من الجمعية التأسيسية، مستندة إلى أغلبيتها الميكانيكية، ومستغلة حادثة ندوة معهد المعلمين الشهيرة،


    حيث أشيع أن طالباً شيوعياً خاض في (حديث الإفك). ورغم أن كل الشواهد دلت على أن الطالب ليس شيوعياً، إلا أن (المؤامرة) استمرت، بل إن نائب حزب الأمة محمد ابراهيم خليل فضح المسكوت عنه فيها بقوله صراحة في جلسة 15/11/1965م إنه «ليس من المهم إن كان الطالب شيوعياً أم غير شيوعي»! (المضابط، 1965م).


    (17) حسناً فعل الامام بنقده الذاتى لحل الحزب قائلاً: «كان موقفاً سياسياً غير محسوب نتج عن موقف انفعالي» (م/طلاب جامعة الخرطوم، 1985م)، علاوة على قول قطب آخر في حزبه: «أرى أن تعجلاً مضراً حدث بمقتضاه» (مذكرات أمين التوم، 1985م).


    ولكن ذلك يجعلنا، بالأحرى، نتوقف عند تعقيب الامام على مناقشتنا لورقته، ذاكراً من مآثر الاحزاب التقليدية «أنها صانت استقلال القضاء»! وليت تلك كانت الحقيقة في واقعة حل الحزب! ذلك أن الشيوعيين توجهوا للقضاء الذي حكم ببطلان تلك الاجراءات. وكان ذلك اختباراً حقيقياً لتلك الأحزاب ولطاقتها الديمقراطيَّة على احترام كلمة القضاء (المستقل!) غير أنها رفضت الانصياع له، مستندة إلى فتوى من د. الترابي (!) مما حدا برئيس القضاء للاستقالة.


    (1 تراجعت الأحزاب بعد ذلك حتى عن ترتيبات لجنة سوكومارسن، التي استصحبت خصائص الواقع السوداني في أول قانون للانتخابات لسنة 1953 فخصَّصت خمس دوائر لخريجي المدارس آنذاك، مما بح صوت الحزب في المطالبة بمواصلة السير باتجاهه لعلاج (عرج) الديمقراطيَّة حتى لا تتكرَّس الشكلانية طابعاً لها تحت سطوة القطاع التقليدي.


    من ذلك، مثلاً، إفراد دوائر للقوى الحديثة، بما فيها القوات النظامية، وتطوير تجربة الكليات الانتخابية بين العرب الرحَّل، وتضييق الدوائر الجغرافية في المدن وتوسيعها في الريف.. الخ.


    وبالطبع رفضت القوى التقليديَّة ذلك، ثم ما لبثت أن انغمست في صراعات أجنحتها، وترتيبات دستورها (الاسلامي)، متوهمة فيه حلاً لمشكلاتها، لترتكس بالبلاد في حمأة تعانف عبثى أفضى بها جدلياً إلى إنقلاب البكباشى جعفر نميري صبيحة 25 مايو 1969م. تم كل ذلك والحزب محلول، ونشاطه محظور، وممتلكاته مصادرة، فما الذي كان مطلوباً منه إذن؟! يُدعى إلى الحرب ولا يُدعى إلى المنادمة؟!


    لقد ترتبت تلك التساؤلات وغيرها، آنذاك، على تيئيس القوى التقليديَّة ليس للحزب وحده، بل ولكل أقسام الاستنارة والحداثة من جدوى السير بطريق (الديمقراطيَّة الليبراليَّة)، مما رجَّح كفة (الديمقراطيَّة الجديدة)، ومهَّد لاستبشار الجماهير بانقلاب الرواد، وما موكب 2/6/1969م ببعيد عن الأذهان!


    ومع ذلك فقد تحمَّل الحزب مسئوليَّته عن مايو من زاوية مسئوليَّته عن النشاط المنفلت سياسياً وفكرياً وتنظيمياً للكثير من رموزه وأعضائه ممن دفعوا باتجاهها. ولعل القاصي والداني يدرك فداحة الثمن الذي سدَّده نظير ذلك.


    (19) أجرى الحزب عام 1977م مراجعة فكريَّة شاملة، وخلص إلى رفض المصالحة مع ديكتاتوريَّة نميري، مقترحاً (جبهة للديمقراطيَّة وإنقاذ الوطن) بدلاً عنها، على حين قبلها حزب الأمة والأخوان، قبل أن يعود في ديسمبر 1978م ليؤكد مجدداً على موضوعة الديمقراطية التعدُّدية الليبرالية التي استقرَّت كقانون أساسي للثورة السودانيَّة، مما تسهل ملاحظته في كل ما ظل يصدر عنه من قول أو فعل، منذ ذلك الحين وحتى الآن.


    وقد يكون من المناسب أن نختم بما ظن النميرى أنه يشين الشيوعيين في (اتهامه) لهم (بتحريض) الأحزاب على رفض مصالحته، قائلاً إنهم فعلوا ذلك «تحت شعار استعادة الديمقراطية الليبرالية بحسبانها ساحة كانوا يتنفسون فيها وتوفر لهم قدراً من الحركة يتناسب مع حجمهم الذي يعترفون بأنه محدود» (النميرى، 1980م).


    ولعل أطرف ما في هذا (السَّبِّ العلني) أنه صحيح إلى حدٍّ بعيد، فها دونك يا سيدي الامام رجل يصيب من حيث يخطئ، وينصف من حيث يتجنى!

    http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?pagename=Bayan%...ge&cid=1051780210188
    ====

    السودان لكل السودانيين

    (عدل بواسطة sultan on 03-31-2004, 08:11 AM)

                  

03-26-2004, 12:02 PM

فرح
<aفرح
تاريخ التسجيل: 03-20-2004
مجموع المشاركات: 3033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كمال الجزولي: القَوْسُ المُوَشَّى (Re: sultan)

                  

03-26-2004, 12:07 PM

فرح
<aفرح
تاريخ التسجيل: 03-20-2004
مجموع المشاركات: 3033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كمال الجزولي: القَوْسُ المُوَشَّى (Re: فرح)

                  

03-31-2004, 08:12 AM

sultan
<asultan
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 1404

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كمال الجزولي: القَوْسُ المُوَشَّى (Re: sultan)

    up
                  

03-31-2004, 10:10 AM

أبو ساندرا
<aأبو ساندرا
تاريخ التسجيل: 02-26-2003
مجموع المشاركات: 15493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كمال الجزولي: القَوْسُ المُوَشَّى (Re: sultan)

    مقال ممتاز يؤكد موقف الحزب الأصيل من الديمقراطية اللبرالية ، والمفارقة تمسكه بها في مواجهة اولئك اللذين تأتي بهم الديمقراطية اللبرالية الى سدة الحكم .
    شكرآ يا سلطان على المتابعة الدؤبة ، وشكرآ لكمال الجزولي الذي أنعش الذاكرة بكثير من المعلومات المنتخبة من مذكرات الثقاة , والتحية لذكرى الراحل حسن الطاهر زروق سابق عصره
                  

04-02-2004, 05:52 PM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كمال الجزولي: القَوْسُ المُوَشَّى (Re: sultan)



    كمال الجزولى يختتم مناقشته للصادق المهدى

    القَوْسُ المُوَشَّى (3ـ3)





    ـ سكرتير الأمَّة سلم السلطة لعبود ، وراعيه سمَّى ذلك "يوم الخلاص" ، ورئيسه اشترط فقط تقصير الفترة .. فأين سوء التفاهم هنا؟!

    ـ باسم الديموقراطيَّة عدَّلت القوى التقليديَّة الدستور وانقضت على الحزب الشيوعى خوفاً من تزايد نفوذه الجماهيرى بعد أكتوبر!

    ـ التراجع عن خطة سوكومارسن كرَّس الشكلانيَّة طابعاً للممارسة البرلمانيَّة تحت سطوة القطاع التقليدى!

    ـ نميرى (اتهم) الشيوعيين (بتحريض) الأحزاب على استعادة الديموقراطيَّة الليبراليَّة .. فأصاب من حيث أخطأ وأنصف من حيث تجنى!

    ـ حسناً فعل السيِّد الصادق باقتراحه إعادة فتح ملف الانقلابات فى السودان .. علَّ ذلك يرتب لدروس أكثر نفعاً!



    فى سياق مناقشتنا لورقة السيِّد الصادق المهدى ، أمام الندوة التى أقامها مركز السلام بجامعة جوبا ومركز طيبة بالتعاون مع مؤسَّسة فريدريش آيبرت بقاعة الشارقة ، ورأيه بأن الشيوعيين لم يدعموا الديموقراطية المعيارية ، كونها لم تتح لهم فرصة فخططوا للاطاحة بها ، أشرنا إلى أننا ، برغم تقديرنا لجهوده الفقهوفكرية فى توطين (الديموقراطية المعيارية) فى تربة الاسلام ، لا نغفل أيضاً سعيه ، كرئيس حزب ، لدعم مقوِّمات (الديموقراطية العملية). ولكن هنا بالتحديد "يختلط القوس المُوَشى"! فالورقة تنحو لتبسيط قضيَّة شديدة التعقيد بطبيعتها ، فتصادم جملة معطيات يصعب بدونها تحليل سيرورة الحزب الشيوعى التاريخيَّة والفكريَّة ، كنزوعه الباكر (للديموقراطية الليبرالية) ، ورأيه بأن الفساد لا يُجتث إلا بالديموقراطيَّة ، ومقاومته لمفاهيم (الديموقراطيات الاشتراكية) ، ودعوته لحكومة (الاتحاد الوطنى الديمقراطى) ، ومناهضته لاعتداء القوى التقليديَّة على الحريات والحقوق ، وخرقها لأسس الممارسة الديموقراطية ، ورفضه تعطيل حزب الأمة للبرلمان ، ثم تدبيره لانقلاب عبود فى نوفمبر 1958م. وتساءلنا عمَّا تعنيه بالنسبة للامام مقاومة الحزب لذلك الانقلاب ، رغم أنه لم يسلبه سلطة من الناحية الشكلية! وفى هذه الحلقة الأخيرة نواصل المناقشة بذات المنهج القائم فى إضاءة المعطيات الموضوعيَّة فحسب:

    (12) وبإزاء قول السيد الصادق إن الانقلاب وقع نتيجة (سوء تفاهم) بين سكرتير حزب الأمة وبين رئيسه وراعيه (الصحافة ، 10/4/2001م) ، فثمة حقيقتان أساسيَّتان تلوِّحان هنا بأكثر من إصبع:

    الحقيقة الأولى: أن سكرتير الحزب السيد عبد الله بك خليل سلم السلطة للجيش. وأن رئيس الحزب السيد الصديق المهدى لم يعارض إستيلاء العسكريين على السلطة (من حيث المبدأ) ، إلا أنه كان يرى أن يكون ذلك مرتبطاً بفترة زمنية قصيرة (ت. نبلوك ، 1990م). أما راعى الحزب الامام عبد الرحمن المهدى عليه رحمة الله ورضوانه فقد أصدر بياناً بعد يومين فقط من الانقلاب دمغ فيه كل الأحزاب بالفشل: ".. فشلوا جميعاً ، ولم تنجح أى من الحكومات .. وأصيب الشعب بالاحباط ، وهاهو يوم الخلاص ، فقد هب رجال الجيش وأمسكوا بمقاليد الأمور ، ولن يسمحوا للتردد والفوضى والفساد بالعبث فى هذه البلاد ، ولقد منَّ الله علينا برجل يقود الحكومة بالحق والصرامة ، فابشروا بهذه الثورة المباركة ، واذهبوا إلى أعمالكم بهدوء وثقة لتأييد رجال الثورة" (ضمن المصدر). والسؤال للسيِّد الصادق: أين سوء التفاهم فى كل هذه المواقف السياسيَّة الصريحة ، الواضحة ، القاطعة ، والمنسجمة؟!

    الحقيقة الثانية: وحتى بافتراض قبول تبرير السيد الصادق هذا ، فإنه لا يعدو كونه مجرَّد (توضيحات) للصراعات التى كانت تعتمل فى حزب الأمة مع نهاية الخمسينات ، وتداخلها فى ملابسات تسليم السلطة لعبود ، تماماً كالإطناب فى شرح انقسامات الحزب الشيوعى أواخر الستينات وتداخلها فى ملابسات انقلاب النميرى! فإذا وافق السيد الصادق على أن تكون الأولى مبرراً لموقف حزب الأمة من 17 نوفمبر 1958م ، فسوف يتعيَّن عليه ، منطقياً وبالضرورة ، أن يقبل أيضاً بأن تكون الثانية مبرراً لموقف الحزب الشيوعى من 25 مايو 1969م! أما بمعايير مؤسسية التحمُّل لتبعات النشاط الحزبى سياسيَّاً وأخلاقيَّاً ، فلا القول الأول يصلح لإعفاء حزب الأمة من مسئوليته عن إنقلاب الجنرالات ، ولا القول الثانى يصلح لإعفاء الحزب الشيوعى من مسئوليته عن انقلاب الروَّاد. ويبقى المحك هو المدى الذى يستطيع فيه كلٌ حزب أن يحوِّل (سالب) واقعه التاريخى إلى (موجب) دروس وعبر. وقد أحسن السيد الصادق صنعاً ، ضمن تعقيبه علينا فى الندوة ، باقتراحه فتح ملف الانقلابات العسكرية فى السودان ، فمن شأن ذلك أن يهئ لدروس كبيرة أكثر تمكثاً ونفعاً ، بمنأى عن مناهج التبسيط والاختزال التى لا أرضاً تقطع ولا ظهراً تبقى!

    (13) وثمة حقيقة تاريخيَّة أخرى يتوجب الوقوف عندها أيضاً برويَّة ، ومفادها أن الحزب الشيوعى اتخذ موقفه المناهض لانقلاب عبود ، منذ البداية ، بالمخالفة لكل الأحزاب التى أيدته بلا استثناء ، حيث ".. جاءت المعارضة منذ الوهلة الأولى من اليسار والنقابات والاتحادات المهنية ، رغم أنها لم تكن فى السلطة" (حيدر أبراهيم على ، 1996م). فعلى حين كان الناس يتداولون منشور الحزب بتاريخ 17/11/1958م بعنوان (17 نوفمبر إنقلاب رجعى) ، كان حزب الشعب الديموقراطى يعبِّر ، فى رسالة راعيه إلى الشعب ، عن أمله فى أن "تؤدى نوايا ومجهودات الجيش إلى نشر الأمن والاستقرار والطمأنينة" (المصدر) ، ثم عاد قادته ، وعلى رأسهم شيخ على ومحمد نور الدين ، ليصفوا ، فى مذكرة (كرام المواطنين) بتاريخ 29/11/1960م ، أغراض الانقلاب (بالعظمة) ، و(ليؤكدوا) أن (الثورة) عملت "فى عزم وصدق .. على تحقيق .. الاستقرار .. ليجنى الشعب ثمرات الاستقلال" (بشير محمد سعيد ، 1990م). وأما الحزب الوطنى الاتحادى فقد بعث سكرتيره العام خضر حمد ، فى اليوم التالى ، ببرقية تهنئة إلى عبود من القاهرة ، يطالبه فيها باتخاذ "إجراءات ضد الفساد والمفسدين". وأورد فى مذكراته أن الأزهرى عبر له عن ثقته فى وطنية عبود وجماعته فلعلهم "يوفقون فيما فشلت فيه الأحزاب" ، وكلفه بزيارة الفريق عبود واللواء أحمد عبد الوهاب ونقل رأيه هذا إليهما ففعل (مذكرات خضر حمد). وأما الأخوان المسلمون فقد رأوا "أن البداية التى سارت عليها الحكومة فى تصحيح الأوضاع الفاسدة تدعو للاطمئنان" (صحيفة "الأخوان المسلمون" ، 1/12/1958م).

    (14) وباتجاه الاجابة على سؤالنا المحورى حول مغزى انفراد الشيوعيين ، أو (اليسار والنقابات) على حدِّ تعبير حيدر ابراهيم ، بمناهضة الانقلاب منذ البداية ، فإنه ينبغى التفكير الموضوعى فى تحليلات الحزب نفسه ، مع كامل الاستعداد لاعتماد أى تفسير آخر شريطة أن يدخل العقل. لقد عزا الحزب موقفه لكون الانقلاب كان موجهاً بالأساس إلى صدور الجماهير والقوى الديموقراطية ، فالقوى التقليدية التى عجزت عن مواجهة قضايا ما بعد الاستقلال نقلت الصراع الطبقى من حيزه السلمى إلى دكتاتورية عسكرية (وثيقة المؤتمر الرابع "الماركسيَّة وقضايا الثورة السودانيَّة" ، 1967م).

    (15) ولا بد أيضاً من التفكير فى مغزى الجهد الفكرى والسياسى الذى بذله الحزب للمنافحة عن ديموقراطية الحركة النقابية من خلال الصراع مع الاتجاهات التصفوية داخله. بدون الوقوف على أطروحات ذلك الصراع ومآلاته يستحيل إدراك الموقف الحقيقى للحزب ، إذ ليس نادراً ما شهد بروز اتجاهات معاكسة فى تاريخه ، كالاتجاه ، عقب مايو ، لدعوة السلطة للتدخل لضمان سيطرة القوى التقدمية على قيادة الحركة النقابية: (حاسم حاسم يا ابو القاسم) .. الخ! لقد تصدى الحزب لتلك الدعوات المنحرفة التى ترهن الصراع النقابى لقرارات السلطة ، مشدِّداً على أن التنظيمات الديموقراطية أدوات فى يد الجماهير ، ويجب أن تظل كذلك (م/الشيوعى ، ع/134).

    (16) وإذن فقد كان على الحزب ، خلال العامين التاليين لانقلاب عبود ، أن يتحمَّل وحده ، على صغر حجمه وقلة إمكاناته المادية ، مسئولية عدم ترك القوى الشعبية تتقهقر فى المعركة ضد الديكتاتورية ، حتى غيرت الأحزاب الأخرى موقفها من النظام ، فطرح الحزب أمامها ، لأول مرة ، أداة (الإضراب السياسى) لإسقاطه (بيان الحزب فى 29/8/1961م). ولعل هذه الحقيقة التاريخية ، وما استتبعها من وقائع أفضت إلى انتصار ثورة أكتوبر 1964م ، تكفى ، بمجردها ، للكشف عن مدى استمساك الحزب بالديموقراطية فى معنى وسع المشاركة الجماهيرية المستقلة. أما ملابسات صلته ببعض الانقلابات ضد الأنظمة العسكرية ، كانقلاب الشهيد على حامد عام 1959م وانقلاب الشهيد هاشم العطا فى 1971م ، فيقيننا أن السيِّد الصادق يتفق معنا فى أنها خارج محاور هذه المناقشة التى نحاول من خلالها استقصاء المسئوليَّة عن متاعب التجربة الديموقراطيَّة لا الأنظمة الشموليَّة. وأما حركة الشهيد خالد الكد ليلة 27 على 28/12/1966م فقد فشلت حكومة السيد الصادق وقتها فى إثبات أدنى صلة للحزب بها. بل ان خالداً نفسه لم يكن عضواً فى الحزب إلا بعد ذلك بسنوات طوال ، ولفترتين قصيرتين: الأولى فى 1978 ـ 1979م وقد انتهت فى ملابسات سفره للدراسة ببريطانيا ، والثانية عند عودته بعد انتفاضة أبريل 1985م وقد انتهت باستقالته مطلع عام 1991م إثر خلاف شخصى مع بعض قادة الحزب بسجن شالا ، وذلك قبل سنوات من سفرته الثانية إلى لندن أوائل فبراير 1992م حيث كوَّن مع الاستاذ الخاتم عدلان حركة القوى الجديدة (حق) بعد ذلك بسنوات. ومع ذلك فقد نعود لمناقشة ذلك كله ضمن تناولنا لهذا النوع من الحركات المسلحة ، كحركة الشهيد حسن حسين فى الخامس من سبتمبر 1975م وحركة الشهيد محمد نور سعد فى الثانى من يوليو 1976م ، وذلك من خلال ملف الانقلابات بشكل عام ، إن قيِّض له أن ينفتح فى منبر مرموق حسب المقترح الجيِّد الذى طرحه السيِّد الصادق.

    (17) شهدت فترة ما بعد أكتوبر اندياحاً ملحوظاً لنفوذ الحزب بين الجماهير ، مما أقلق القوى التقليديَّة التى كانت قد وقعت ، أوان ذاك ، تحت ابتزاز الأخوان المسلمين ، فقطعت أمرها فى ما بينها وأجهزت على حكومة الثورة الأولى فى 18/2/1965م. ثم سرعان ما انقضت على الحزب نفسه ، فاستصدرت قراراً من الجمعية التأسيسية بتعديل الدستور فى 8/12/1965م ، مما مكنها من استصدار قانون ، فى اليوم التالى مباشرة ، بحل الحزب وحظر نشاطه وإيقاف صحفه ومصادرة ممتلكاته وطرد نوابه منها ، مستندة إلى الأغلبية الميكانيكية داخلها ، ومستغلة حادثة معهد المعلمين الشهيرة ، حيث أشيع أن طالباً شيوعياً خاض ، من خلال إحدى الندوات ، فى (حديث الإفك). ورغم أن كل الشواهد دلت على أن الطالب لا صلة له بالحزب، إلا أن (المؤامرة) جرت مجراها ، بل إن نائب حزب الأمة محمد ابراهيم خليل فضح المسكوت عنه فيها بقوله صراحة فى جلسة 15/11/1965م إنه "ليس من المهم إن كان الطالب شيوعياً أم غير شيوعى!" (مضابط الجمعية).

    (1 ورغم أننا نقدر للسيد الصادق نقده الذاتى لتلك الأحداث بقوله: "كان انفعالاً .. إن الذى حدث فى موضوع حل الحزب الشيوعى كان موقفاً سياسياً غير محسوب نتج عن موقف انفعالى" (م/طلاب جامعة الخرطوم ، 1985م) ، علاوة على قول قطب آخر فى حزب الأمة: "أما تعديل الدستور وتحريم الحزب الشيوعى وطرد نوابه من الجمعية التأسيسية .. فأمر أرى أن تعجلاً مضراً حدث بمقتضاه" (مذكرات أمين التوم ، 1985م) ، فإن ذلك يجعلنا ، بالأحرى، نتوقف عند تعقيبه على مناقشتنا لورقته ، فى ندوة قاعة الشارقة ، مدافعاً عن الاحزاب التقليدية ، وذاكراً من بين مآثرها "أنها صانت استقلال القضاء"! وليت تلك كانت هى الحقيقة فى واقعة حل الحزب! ذلك أن الشيوعيين أصروا على خوض المعركة حتى نهايتها بالنهج الديموقراطى ، فطرقوا أبواب القضاء فى ديسمبر 1965م طاعنين فى شرعية تلك القرارات ، فأصدرت المحكمه العليا حكمها فى 28/12/1966م ببطلانها وبحق نواب الحزب فى استعادة مقاعدهم البرلمانيَّة. وكان ذلك اختباراً حقيقياً لتلك الأحزاب ولطاقتها الديموقراطيَّة على احترام كلمة القضاء (المستقل!) غير أنها رفضت ، للأسف الشديد ، الانصياع للحكم ، مستندة إلى فتوى من د. الترابى (!) مما حدا برئيس القضاء للاستقالة. أهذا هو التاريخ أم ترانا نقطع من رءوسنا؟

    (19) تراجعت القوى التقليدية ، فى ذلك السياق ، حتى عن الترتيبات العمليَّة التى كانت اجترحتها لجنة سوكومارسن ، باستصحابها لخصائص الواقع الاقتصادى السياسى الاجتماعى السودانى ، فى أول قانون للانتخابات لسنة 1953م ، عندما خصَّصت خمس دوائر لخريجى المدارس آنذاك ، مما بح صوت الحزب فى المطالبة منذ ذلك الوقت بمواصلة السير باتجاهه لعلاج (عرج) الديموقراطيَّة تحت سطوة القطاع التقليدى فى بلد كالسودان ، حتى لا تتكرَّس الشكلانية طابعاً لها ، ومن ذلك ، مثلاً ، دعوة الحزب لإفراد دوائر خاصة للقوى الحديثة ، بما فى ذلك القوات النظامية ، وتطوير تجربة الكليات الانتخابية بين العرب الرحَّل ، وتضييق الدائرة الجغرافية فى المدن ومناطق الانتاج الحديث ، مقابل توسيعها فى الريف .. الخ. ثم فشلت تلك القوى فى النهوض بالمهام التى طرحتها الثورة ، وأدارت ظهرها لقضايا التنمية ، وعجزت عن إيقاف حرب الجنوب ، وانشغلت بحربها (المقدسة) ضد الحزب الشيوعى من جهة ، وبصراعاتها الداخلية من الجهة الأخرى. ثم ما لبثت أن انغمست فى ترتيبات ما أسمته (بالدستور الاسلامى) ، متوهمة فيه حلاً لمشكلاتها ، وتأبيداً لسلطتها فى وجه حركة جماهيرية انصرفت عنها وأضحت تتهددها (بالتجاوز) ، فأتمت إجهاض الثورة بزاوية انحراف كاملة ، وارتكست بالبلاد كلها فى حمأة تعانف عبثى انتهى بها جدلياً إلى إنقلاب البكباشى جعفر نميرى الذى أعلن فى فجر 25 مايو 1969م نهاية (العشاء الأخير) للديموقراطيَّة الثانية. ونذكِّر أن ذلك تم والحزب محلول ، ونشاطه محظور ، وصحفه موقوفة ، وممتلكاته مصادرة، رغم أنف الحقيقة ، والتاريخ والقضاء (المستقل!) فما الذى كان مطلوباً منه إذن؟! يُدعى إلى الحرب ولا يُدعى إلى المنادمة؟!

    (20) تلك هى التساؤلات المترتبة على تيئيس القوى التقليديَّة ، فى تلك الأزمنة ، ليس للحزب وحده ، بل ولكل أقسام الاستنارة والحداثة فى بلادنا ، من جدوى السير بطريق الديموقراطيَّة الليبراليَّة ، مما نتج عنه استبشار تلك الأقسام بانقلاب الرواد ، وما موكب 2/6/1969م ببعيد عن الأذهان! مع ذلك ، فقد تحمَّل الحزب مسئوليَّته عن مايو ، من زاوية مسئوليَّته عن النشاط المنفلت سياسياً وفكرياً وتنظيمياً للكثير من رموزه وأعضائه ومنتسبيه ممن دفعوا باتجاهها. وليس أكثر فداحة من الثمن الذى سدَّده فى ملابسات الصراع الذى خاضه داخلها ، مما يعلمه القاصى والدانى ، إعداماً لقياداته ، وشقاً لصفوفه ، واعتقالاً وسجناً وملاحقة وتشريداً لأعضائه وحلفائه وأصدقائه وكل من ربطته به صلة.

    (21) وقد تصرَّم الآن ما يربو على ربع القرن مذ أجرى الحزب مراجعته النهائية لمجمل الملابسات التى عملت على زحزحته ، فى بعض المعارج التاريخيَّة ، عن خطه الأول ، وعاد يستمسك ، أكثر قوة ، بموقفه الأصيل من موضوعة الديموقراطية التعدُّدية الليبرالية ، وذلك من خلال رفضه مصالحة مايو عندما عرضت عليه ـ وقد قبلها حزب الأمة بعض الوقت والأخوان المسلمون (الترابى) كل الوقت ـ واقتراحه عام 1977م (جبهة للديموقراطيَّة وإنقاذ الوطن) بدلاً عن مصالحة الديكتاتورية ، قبل أن يعود فى ديسمبر 1978م ، من خلال دورة الانعقاد ذات الطابع البرامجى للجنته المركزيَّة ، ليؤكد مجدداً على موضوعة (الديموقراطية التعدُّدية الليبرالية) ، بمضمونها الأساسى المتجذر فى قضية (الحريات والحقوق) ، والتى استقرَّت كقانون أساسى للتطوُّر السياسى فى بلادنا ، مما تسهل ملاحظته ، بل وينبغى وضعه فى الاعتبار ، لدى التحليل الموضوعى النهائى لكل ما صدر ويصدر عنه من قول أو فعل ، منذ ذلك الحين وحتى الآن.

    (22) أما الاصرار على مواصلة تحميل الشيوعيين وحدهم المسئولية عن الخيبات التى حاقت بالتجربة الديموقراطية فى السودان ، فلا يعكس خطة مرموقة لتجاوز هذه الخيبات بأى قدر ، علاوة على كونه يصادم منطق التاريخ وحقائقه الموضوعيَّة. وقد يكون من المناسب أن نختم هنا بما ظن النميرى أنه يشين الشيوعيين فى (اتهامه) لهم (بتحريض) الأحزاب على رفض مصالحته ، قائلاً إنهم فعلوا ذلك "تحت شعار استعادة الديموقراطية الليبرالية بحسبانها ساحة كانوا يتنفسون فيها وتوفر لهم قدراً من الحركة يتناسب مع حجمهم الذى يعترفون بأنه محدود" (النميرى ، 1980م). فالطريف فى هذا (السَّبِّ العلنى) أنه صحيح إلى حدٍّ بعيد ، وها دونك يا سيدى الامام نموذج رجل يصيب من حيث يخطئ ، وينصف من حيث يتجنى (!) مع خالص تقديرى لك ، وأكيد مودتى التى تعلم.

    (إنتهى)

    الهامش:

    ] استمعت للقصة الحقيقية الكاملة لذلك الانقلاب من الشهيد شخصياً بسجن كوبر عام 1977م ، وأعد بتوثيقها قريباً ، بالاضافة لتوثيق تاريخ صلته اللاحقة بالحزب ، كما أرشح للمساهمة فى هذا العمل كلاً من د. محمد سليمان ود. عبد القادر الرفاعى


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de