مَتاعِبُ التُّرَابِى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 02:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-11-2004, 02:11 PM

NGABY AJOOZ
<aNGABY AJOOZ
تاريخ التسجيل: 10-14-2003
مجموع المشاركات: 1997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مَتاعِبُ التُّرَابِى

    إضاءة سودانية

    مَتاعِبُ التُّرَابِى

    بقلم : كمال الجزولي

    بعد غياب دام عدة أشهر فى عطلة كنت أحتاجها بشدة ، أستأذنكم كى أعود مجدَّداً للاطلال من هذه النافذة ، وفى رأس مفكرتى المشكلة التى ثارت أواخر فبراير المنصرم داخل اجتماع هيئة شورى حزب المؤتمر الشعبى (د. حسن الترابى) حول حقوق غير المسلمين فى البلاد ، بما في ذلك شرب الخمر وبيعها (البيان 29/2/04) ، وذلك ضغثاً على إبالة المتاعب الفقهوفكريَّة/ السياسيَّة التى لا يبدو أنها إلى زوال قريب بين نظامى (القيم) و(المفاهيم) لدى هذا المفكر البارز لحركة الاسلام السياسى فى السودان والمنطقة ، والذى نستشعر ، قبل كل شئ ، واجباً أخلاقياً وسياسياً مبدئياً فى تهنئته هنا على نيله ، قبل فترة ، قراراً بإطلاق سراحه، بعد اعتقال إدارىٍّ متطاول أهدر حقه فى أن يقدَّم لمحاكمة عادلة يواجه من خلالها تهماً محددة ، بما يمكنه من الدفاع عن نفسه أمام قاضيه الطبيعى.

    الشاهد أن انقساماً عميقاً قد وقع ، حسب المصدر ، حول مقترح تقدم به د. بشير آدم رحمة ، أحد أقرب معاونى د. الترابى (يعنى بعلمه وموافقته) ، بأن يُكفل "للمسلمين حيثما كانوا في الوطن حقَّ الاحتكام لقوانين تعبر عن دينهم ، ولغير المسلمين كذلك الاحتكام إِلى قوانين تمثل دينهم ، ولا تفرض بالغلبةِ على قلةٍ أحكامٌ من دين غير دينهم" ، أو ما يُسمى (بالتطبيق الشخصى). ساعتها انخرط البعض فى هتاف داو مطالباً بحذف المقترح ، كونه يحوِّل الخرطوم ، برأيهم ، إلى عاصمة علمانية تملؤها الخمارات! بينما هتف البعض الآخر مطالباً بالتمسك به كمسألة مبدئية. لجأ د. الترابي لاحتواء هذا التباين برفع المصحف (!) وشرح الآيات التى تشهد بأن "القرآن دعا الرسول الكريم إلى الحكم بالقسط بين أهل الكتاب ، وأنه غير مأمور بإخضاعهم للاسلام إن هم أعرضوا عنه". كلام جميل ، ولكنه متأخر جداً للأسف! فمتاعب الرجل الفقهوفكريَّة/السياسيَّة المتفاقمة برزت ، هذه المرة ، ليس من قلب هتاف تقليدىِّ متشاكس بين مؤيديه ، من جهة ، ومؤيدى البشير ، من الجهة الأخرى ، كما جرت العادة منذ (مذكرة العشرة ، ديسمبر 1998م) و(قرارات رمضان ، ديسمبر 1999م) ، بل من قلب هتاف متعاكس وغير مسبوق ، انفجر وسط مؤيِّديه أنفسهم ، حيث اجترأ عليه داخل القاعة نفر من غمارهم ، كالسيدة منى محمد والسيد محمد السيد (!) مثلما اجترأ عليه خارجها بعض أخلص خلصائه ، كالسيد يس الامام الذى انطلق يصرِّح للصحف بأن "آراء الترابى الفقهيَّة لا تمثل المؤتمر الشعبى" (ألوان ، 5/3/04). سوى أن هؤلاء وأولئك أجمعهم ترعرعوا ، جيلاً بعد جيل ، على منهجه هو ذاته القائم فى الاجترار العقيم ، وإن كان بصلف مشهود ، لمنظومة متكاملة من (قيم) التديُّن السلطوىِّ الخاص ، عِوضاً عن انتاج منظومة دقيقة ومنسجمة (لمفاهيم) خطاب مستقيم ومنضبط تفتقر إليه حركته بإلحاح فى حقول الفقه والفكر والسياسة. ولعل هذا هو ، بالضبط ، ما نعاه على حركات الاسلام السياسى فى المنطقة بأسرها بعض المستنيرين من مفكريها بقولهم إن جُلَّ ما تنشره "يتناول نظام القيم .. ولكن ما نحتاجه الآن وبشكل مُلِح هو تحديداً نظام للمفاهيم .. فبدون التحديد العلمى الموضوعى للمفاهيم لا يمكن بلورة النظرية الاسلامية المتكاملة" (ع. فهد النفيسى ، 1989م) ، كما فسَّره مفكرون آخرون باحتياجها الدائم "للتحصن بالإلهى والمقدس لمواجهة أى نقد .. من خارجها" (حيدر أبراهيم ، 1999م).

    وإلى ذلك لا يستطيع المرء إغفال وجه دراماتيكىٍّ نادر لتمظهُر متاعب الرجل ، هذه المرة ، فى إضافته لذيل بيانه ، والمصحف فى يمينه ، أنه لا يخشى أن تقول الصحافة غداً إنه أباح الخمر (!) كونه ، على حدِّ تعبير صحيفته ، لم يقل ذلك ، بل أوضح أن غير المسلمين في شئون الأسرة والميراث والزي أحرار فى أن يتحاكموا لمعتقداتهم (!) لكن الحيرة سرعان ما تتملك المرء حين يذكر أن (الخمر) ليست من شئون (الأسرة) أو (الميراث) أو (الزى) ، كما وأن أحداً لا يكاد يذكر آخر مرة احتاج فيها الرجل لمثل هذه المخارج الخلفية حتى بإزاء خصومه الذين يقعدون له كلَّ مرصد ، دَعْ أن يحتاجها الآن وسط خاصة أتباعه الذين يُفترض أنهم مشبَّعون حتى أسنانهم بقوَّة كارزمته ، وجسامة تضحيته ، وخالص محبته ، علاوة على ما يحتقبون من غبن بإزاء مَن يرون أنه اصطنع لهم ، ذات مساء ، عروشاً فوق المجرَّات ، فانقلبوا ، أول الفجر ، ينكرونه قبل صياح الديك مرَّتين!

    والحق أن متاعب د. الترابى مع حقوق المسلمين نفسها قديمة ، دع حقوق غير المسلمين ، وبالأخص ما تعلق منها بالخمر شرباً وتجارة. فلقد سبق له ، قبلَ ما يربو على ربع القرن ، وتحديداً خلال الفترة التى أعقبت مصالحة حركته لنظام مايو الشمولى عام 1977م ، أن ترأس (اللجنة الفنيَّة لمراجعة القوانين كى تتسق مع الشريعة الاسلامية) ، التى اعتمدت الرأى القائل بأن شرب الخمر ليس جريمة (حديَّة). وقد ورد فى المذكرة التفسيريَّة لمشروع القانون الصادر عن لجنته تلك "أن عقوبة الجلد لم ترد فى أصول الشريعة مقدَّرة بحيث تقوم حداً ، فلا نصَّ فى القرآن الكريم ، ولم يضطرد عدد واحد فى ضرب الرسول (ص) ، ولا انعقد الاجماع على حدٍّ معيَّن ، ومن ثمَّ كان التقدير أن فى الأمر سِعَة ، وأن العقوبة تعذيرٌ ، وهذا هو رأى ابن تيميه وابن القيِّم" (م. سليم العوَّا ، 1983م). وقد عُهد فى الرجل ، منذ ذلك الوقت الباكر ، ميله للأخذ بمبدأ (التطبيق الجغرافى) لا (الشخصى) ، حذر أن يُفتنَ مسلمو الجنوب فى دينهم ، فتمسى الشريعة مُهيِّجاً لردَّتهم (!) بل وميله للتدرُّج فى التطبيق حتى فى الشمال تخفيفاً من غلواء غلاة المتشدِّدين. ولعل ذلك وغيره هو ما حدا بمتخصص بريطانى فى السياسة السودانية لأن يسميه "الفابيانى" حيناً ، و"البراغماتى" حيناً آخر ، من باب المدح لا الذم (بيتر ودوارد ، 1990م). على أنه ، عندما باغته النميرى فى سبتمبر 1983م ، بإصدار (شريعته) التى اعتبرت الخمر (حدَّاً) ، سارع د. الترابى لتأييدها ، ناسياً أو متناسياً (فقهه) الذى لم يكن مداده قد جفَّ بعد! وحتى لو سلمنا جدلاً بأن الأمر قد قضى من وراء ظهره ، "حسداً من عند النميرى" ـ كما فى تفسيره الشهير ـ كيلا يقال إن له فضلاً فيه ، فإنه ما لبث أن عاد ، حتى بعد أن تهيَّأ له ثقل معتبر فى التشريع ، فاعتبر الخمر (حدَّاً) ، بالتجاهل لفقهه القديم دون تغيير فى المكان أو الزمان: مرة وهو شريك فى (حكومة الوفاق) عام 1988م ، حيث لم يثق الجنوبيون فى وعده لهم باستثناء الجنوب ، فأصروا على استثناء (العاصمة القوميَّة)! ومرة أخرى ، وهو مشرِّع لا معقب عليه ، فى القانون الجنائى لعام 1991م ، والذى ما يزال محل نقد ورفض أغلب القوى الشمالية والجنوبيَّة على السواء!

    (فابيانية) د. الترابى ، أو (براغماتيته) ، المحكومة غالباً بما فى واقع السودان من فرادة التعدُّد والتنوُّع ، ليس نادراً ما تصطدم لديه ، من الجانب الآخر ، باحتياجه الذاتى النابح بإلحاح للاستمرار فى تغذية تيارات الغلو يستقوى بها فى ابتزاز الأحزاب التقليديَّة ، بحكم نزوعه الذى لا يقبل القسمة على اثنين نحو (التمكين) المطلق فى السياسة ، من جهة ، وبحكم إدراكه لضآلة شأن حركته بدون هذا الابتزاز والمزايدة ، من الجهة الأخرى. على أن للغلو أيضاً مقتضياته التى لا تقبل المساومة. وهكذا ، فما أكثر ما صدرت عن الرجل أقوال وأفعال تعبِّر عن ضيقه بهذا الواقع المعقد الذى زادته تعقيداً عليه مناهجه الملتبسة ، فى حين لا يبدو أن ثمة سبيلاً أمامه ، بإزاء مستحقات الغلو ، إلى نظر فقهوفكرىٍّ أرقى يكافئ هذا الواقع ، فيصرَّح ، مثلاً ، لبعض الصحفيين فى آواخر الثمانينات متذمِّراً: "قدرنا .. أن نبتلى ببلد مركب معقد البناء يكاد يمثل كل الشعوب الأفريقية بلغاتها وسحناتها وأعراقها وأعرافها" (م/الصياد ، ع/مايو 1988م) ، ثم لا يلبث أن يسارع ، بعد أقلِّ من عام ، لحسم قضية السلطة بالانقلاب العسكرى ، زاجاً بحركته كلها فى مأزقها المأساوىِّ الراهن ، كى يعود ، الأسبوع الماضى فقط ، ليبدى (توبته) من الانقلابات العسكرية (الشرق الأوسط 3/3/04) ، وذلك بعد أن كان قد انشق عن حركته فى طورها (الأكبر) أواخر سبعينات القرن المنصرم ، ثم انشق عنها فى طورها (الأوسط) أواخر تسعيناته ، ثم ها هى فى طورها (الأصغر) تتهيَّأ لنفض يدها عنه ، فى مشهد شكسبيرىٍّ فريد!

    متاعب د. الترابى مع (فقه الخمر) ليست سوى قطرة من بحر ارتباكاته الفقهوفكريَّة/السياسيَّة مع السودان كله ، بما فى ذلك حركته نفسها ، ديناً ودنيا!

    نقلاً عن البيان الاماراتية








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de