عودة الغابة والصحراء
في ذكرى استقلال السودان
رأيْـت الكــوخَ عَبْرَ تِلاعـه قَصْــرا
سُيُوَر الشَّعْر من كْتفيْهِ : ذا عجباً وذا سِحْرا
محار الصَّدَف المنظوِم من جِيدِ الطّلاَ سَدْرا
"وعِقـد جَـلاده " مِسْكاً وثغرَ الفَجْر مُفْتَـرّا
ونخلُك إذْ تَمَـرَّعُ لا يكفّ يحـاور الجـذرا
جدائلـه إلى الأَبَنُـوس ؛ يسـألنا إذا كبـرا
سباطتُهُ إلى اللاَّلُوبِ ؛ يسـألنا أما ازدهـرا
وقفْـتُ عليـك تنطِـق أرضـك الشعـرا
يحاكى رملك البـدرَ السَّـنا والخزَّ والتبـرا
علـى العِرْنِين بـرّاقٌ ؛ صلاةً ليلةَ الإسـرا
وقد صلّـوا وقد دانوا وذَرَّ ترابك الشكـرا
فعُبّادٌ ومسـبحةٌ من اللاَّلُـوبِ تُسْـتَضْرَى
قديمـاً أَرْهَـصَ الفَتْـحَ لهذا رهطُنا فجْـرا
وبات قديمنا يحدو وفجـر ضميرنا يَتْـرَى
وكانت " كَرْمَةُ " الأمجـاد أَسَّتْ هاهنا إِزْرَا
رِباعـك يا مراحَ القلب هلَّتْ ليلةَ الذكـرى
شَمَمْتُ ثَرَاك في كفِّى فكان " الغاب والصحرا "
دنـوتُ فَمَاثِلُ الأبصـارِ نيلاه وقد زخـرا
حجيجا من جنان الأرض للوطن الذي نفـرا
ثنائي الأزرق – الأبيـض طوّافاً ومعتمـرا
يشقّ سنا الدهور ويرسم التاريخ والسِّيَـرَا
إذا اعتكرَ المُفَاضُ وأرسـل اليدَ بالذي بَـذَرا
بُـذارُ حضارةٍ سَـلَفَتْ وبَنَّـاءٌ لها عَمَـرَا
ملوكَ النّيِل من " كُوشٍ " هلمّوا إنشروا الخبرا
عـلى جنبىْ مغـانينا ووعُّـوا البيـد والحـضرا
بـأنّ جباهكـم شمخـت لأنّ صنيعكـم أَمَــرَا
لأنّ السّعْـىَ إنسـانٌ منـحْتُـمْ عقلَــه الفِـكْرا
وأقيـالٍ عـلى سِيـحِ النُّهَـى وُثْقَاهُمُـو شُـوْرى
فهل مـن بعـدُ أدركْنَـا وَعَيْنَـا قيمـةَ الـذكرى
مَخَضْنَـاها جـديداً مـن تليـدِ الأمـسِ مُـذْدَكَرا
أعـادَ سُـراةَ مـاضـينـا قَـوِيٌّ هَـبَّ وانتصرا
" مُقُرَّةُ " منك من " لـببٍ " نواها الأخْصبُ إخْضَرَّا
" مُقُــرَّةُ " عنك عن لبب " لوانا الأبيض " إئْتَزَرا
وصَبَّ عـلى الخَنَا قِطْراً وأَضْرَمَ نـارَ مـنْ ثَأَرا
" أَبَـا " حـقَّتْ صوارمهـا ؛ أتاهـا الفـذُّ مقتدرا
يهـز فِرِنْـدَه نَصْلاً فـأَرْدَى بَـغْىَ مَـنْ فَجَـرا
إِمـامـاً مَـهْدَوِيّاً ؛ ليْتَ حَـلّ اليومَ مَـنْ دَحَرَا
ومَـنْ دَاعَى ومـن نـادَى ولَـمَّ الشمْلَ مـعتَبَراً
وليْت القائـلَ الـوافِـي يعيدُ يـردّد الأَثَــرَا :
" نبايِعُـه وإن لــم يَـكُ مـهدِيّاً ومـنتَظَـراً "
لأنَّـا اليـومَ أمـشـاجٌ مَصَـارِيعٌ ولا غَيْـرَى
وحُـمَّ الشّطَـطُ الـدَّاجِي فـأقْعَدَنَا ومـا أَجْرَى
مباشرةُ الكـلامِ طِـلاَبُنَا والشِّـعْرُ مـا أَوْرَى
ولـيس الـشعرُ إغـماضاً يلُفُّ ولا يرى أَمْرَا
حـقيقتنــا إذا قُلْنـَا نريــد ثقـافةً كبــرى
تقيـم حطـام ساقية روتنـا سـابقـاً خَصْــرا
عـداهـا لن تقيـم لنـا إلى الألفيـة المَــدَرا
مرائـي وحـدة أو قـوة أو بيننـا جســـرا
بقاؤك في يد العشاق يا وطني وبالحبل الذي استمرى
ومن لبقـاك غير العاشقيـن همـو همو الأحـرى
ألا حِبُ وما أدراك ما الحُـب الذي كبـرا
فتى من لبن الأرض شبا .. يا أرضنا الظئرا
ذرعـت بقاعك السمـراء خافيها وما ظهـرا
فكنت على شكولك واحـداً أو مازجاً صـورا
مددت يدي بقدر الوسـع ما كنت الذي قصـرا
رزقت العشـق قوتاً فيك عيشـاً فيك بل مِيَـرَا
دَبورى والصًّبّا سـيان من قدمي الذي قطـرا
ولـم ألف سـوى بدئي عليـك بتالـد نجـرا
وقومي من مـلوك النيـل أبقوا ركنك الحجرا
فخذـنا عمـداً فيـه نُعِـدْ أيامـك الزهـرا
مع الغابة صحراء ، مع الشوتال جلباباً ، وإبلاً حذوه ثورا
***
رحمابي
(عدل بواسطة AlRa7mabi on 01-10-2004, 07:46 AM)