هاشم صديق ومصطفى سيد احمد- حاجة فيك تلك الموناليزا السودانية

هاشم صديق ومصطفى سيد احمد- حاجة فيك تلك الموناليزا السودانية

نذكر ان نص حاجة فيك للشاعر هاشم صديق عام 73 حين القاه امام جمع كبير وعندما خلص من الالقاء لم يجد اى تجاوب او اهتمام من الحضور فكرر مقطع الختام " وأعرف متين أبقى المطر وأفهم متين أصبح حريق. " عسى ان ينتبه الحضور الى انه نهاية النص وبالفعل كان القليل من التصفيق هنا وهناك .. بعدها كان مصير النص هو درج مكتبه ولم يعره اى اهتمام بل اصر على ان هذا النص للقراءة فقط فقد اعطاه لعدد من الملحنين الكبار رفضوا جميعا تلحينه لصعوبة ذلك اولا ..وثانيا لان مثل هذه النوعية من النصوص لا تضرب فى سوق الغناء كما ردد الكثيرون .

يقول الملحن بدر الدين عجاج قمت بوضع اللحن الاولى لحاجة فيك واكمل مصطفى اللحن واضاف اليه من روحه الكثير

ويواصل سرده ويقول اول ما استوقفنى فى نص حاجة فيك هو المقطع " حاجة زى نقر الأصابع لمـّا ترتاح .. لى الموسيقى "
وشعرت بانه خطاب يوجهه الشاعر لكل موسيقى وبالفعل شرعت فى تلحينها ووضعت الخطوط الاولى للحن وعرضتها على الفنان محمد ميرغنى الذى طلب ان يتم تغيير بعض الكمات التى ترد فى سياق النص مثل كلمة " برضو " فى المقطع " برضو ادتنى السلام " واذكر ان الاستاذ عبد الباسط سبدرات قال انه يمكن ان يعدل فى المقاطع والكلمات باخرى ولكن لثقتنى الكبيرة فى الشاعر هاشم صديق رفضت ذلك وتوقف الموضوع عند ذلك ولم اكمل اللحن

بعدها التقيت بمصطفى وعرضت عليه النص فاحذه منى وقام باكمال اللحن بالصورة التى نراها الان وسكب فيه من روحه واضاف اليه الكثير

ربما تكون تلك الحاجة كما اسماها هاشم صديق فى داخل كل انسان يفسرها كما يريد ويرسم لها صورة بمخيلته بقر الامكان
اما كيف يتقطع نفس خيل القصايد بداخل الفنان ولماذا ..فهذا ماتركه الاستاذ هاشم صديق لنا وهو ما يتطلب ارتفاع احساسنا لمستوى ذلك الحدث


يقول هاشم صديق ان (حاجة فيك) ربما كانت هىالقصيدة الوحيدة التى تعاملت فيها مع مصطفى وليس هنالك سبب اكثر من ظروف مصطفى وهجرته وكانت اخر مرة التقيه فى العام 1990 عندما حضر برفقة صلاح حاج سعيد لتادية العزاء فى والدتى وافترقنا . وفى العام 1992 اهديته قصيدة اسمها ميلاد نشترتها بصحيفة الخرطوم مع اهداء خاص له ولم اعلم إ ن
كانت قد وصلته ام لا .

وفى اكتوبر من العام 1995 اتصلت من الامارات بصديقى عبد الرحمن نجدى فى الدوحة وهو ايضاً صديق لمصطفى وقد اعطانى رقم تلفون مصطفى وهولا يزال محفورا باكرتى وهو....د.... 320955....د..
وفور فراغى من محادثة عبد الرحمن ادرت رقم مصطفى وفى الجانب الاخر سمعت صوتا ليس هومصطفى يرد على المكالمة واستاذنته فى ان احادث مصطفى ان كان موجودا فرد على اقول ليهو منو ؟ قلت له: قل له صديق من السودان . وبعد لحظات ترامى صوته لاذنى وبعد التحايا السريعة سالنى انت منو ؟؟ قلت له ساقرأ لك قصيدة يا مصطفى وبعدها نشوفك حا تعرفنى ام لا ؟
وبدأت اقرأ له قصيدتى " شكراً جزيلاً " فى التلفون وباحساس عميق وبعد ان انتهيت صمت للحظات الى ان جانى صوته قائلاً
والله القصيدة دى عجبتنى انت منو ؟" الكتيبابى " ؟؟ قلت له اخوك هاشم صديق . وتبادلنا التحايا من جديد بحرارة وسالته عن صحته فاجاب بما يؤكد تماسكه وصبره وسالته ان كان قد تسلم قصيدتى ميلاد اندهش واجابنى بالنفى ووعدته ان ارسلها له مع قصائد اخرى هى شكرا جزيلا والحب والزمان بالفاكس على عنوان الاخ عبد الرحمن نجدى وافترقنا.
وفعلا ارسلت القصائد لعبد الرحمن وقام بتسليمها لمصطفى وكذلك ارسلت له صورة من جواز سفرى بغرض ترتيب زيارة لشخصى لدولة قطر .

المهم تاخرت اجراءات الزيارة كثيراً وعدت للسودان ومن المفارقة ان تصل الموافقة على الزيارة بعد وفاة مصطفى باسابيع قليلة وكانت بتاريخ 8/2/1996 اكدت الحجز وتلفنت اصدقائى بمواعيد وصولى الى هناك وقبل يوم واحد من السفر عدلت عن رايى ولغيت الرحلة لا ادرى ربما هزمنى ذلك الاحساس بالانقباض والحزن على مصطفى ووجدت نفسى لا استطيع ان اتصور ان ازور الدوحة ولا التقيه او اعانقه واتحدث معه وقد كانت فكرة الزيارة اصلاً من كونى سالتقيه هناك ومن المفارقات ان اصدقائى انتظرونى فى المطار لانهم لم يعلموا بالغاء سفرى .

ايضاً اهربتنى كلمات موظف الخطوط القطرية عندما ذهبت لاسترداد قيمة التذاكر حيث عبر عن شعوره بالارتياح واضاف ان المدينة التى توفى بها مصطفى سيد احمد نخاف على امثالك المبدعين منها لقد كان مصطفى فارعاً فى حزننا لدرجة ان مدينة بأكملها اصبح الهبوط فيها مستحيلاً لانها ارتبطت به ومات فيها .

اما عن القصائد التى ارسلتها له فقد سمعت انه قد لحن مقاطع من قصيدتى شكراً جزيلاً ولم اتأكد والشخص الوحيد القادرعلى تاكيد ذلك هو الاخ عبد الرحمن نجدى لانه كان من اقرب الناس الى مصطفى .

ان تجربة مصطفى سيد احمد بالنسبة لى هى موضوع دراسة متأنية اخطط لها واتامل من حولها وسوف اكتبها وانشرها على حلقات واتمنى ان اوفق فى ان اعطيها حقها من الدراسة والتحليل بما يتوافق مع قامة الراحل الابداعية.


حاجة فيك
تقطع نفس خيل القصايد
تشده أجراس المعابد
توهتنى .. جننتنى
جننت حرف الكلام
وبرضو أدتنى السلام
***************
حاجة فى شُرف المداين
وفى غرف كل السفاين
جوّة فى عمق المناجم .. والعيون
حاجة زى ماتكون
محلـّق فى العواصف
فجأة .. تهبط فى السكون
حاجة زى نقر الأصابع
لمـّا ترتاح .. لى الموسيقى
حاجة زى أخبار ..
تناغم من جريدة
حاجة زى وتر الموانى
لمـّا يصدح لى سفينة
.. حاجة فيك
*********
حاجة فيك
لا بتبتدى .. لا بتنتهى
خلتنى أرجع لى القلم
وأتحدى بى الحرف الألم
وأضحك مع الزمن العريض
وأنسف متاريس الطريق
وأعرف متين أبقى المطر
وأفهم متين أصبح حريق
.. حاجة فيك..


.......................................

................................................