|
|
 رؤية الدكتور قرنق لمستقب السودان
|
أورد هنا ما جاء على لسان الدكتور جون قرنق فى الندزة المقامة بواشنطن. دعوة للحوار
في آخر ندوة عامة لقرنق بواشنطون (1)
نموذج التفاوض الراهن سيوقف الحرب لفترة أنتقالية محدودة ولكنه لن يؤدي الي وحدة طوعية
أستراتيجيتنا تقوم علي التفكيك السلمي للنظام عن طريق التفاوض
ترجمة وتحرير: خالد موسي
هذه الندوة قدمها الدكتور جون قرنق بواشنطون منتصف العام قبل الماضي ونقوم بنشرها لانها تحتوي علي الافكار الاساسية للدكتور قرنق .
تجري بضاحية نيفاشا الكينية مفاوضات السلام بين الحكومة والحركة حيث تم أحداث أختراقات كبيرة تبشر بقرب تحقيق السلام وتبقت بعض القضايا العالقة الخاصة بوضع العاصمة ومنطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق ونسب المشاركة في السلطة. ولكن رغم التفاؤل السائد وسط الجماهير والنخب السودانية بقرب تحقيق السلام إلا أن قعقعة خطاب الحركة وأدبياتها السياسية المتطرفة القائمة علي أعادة تشكيل السودان وفق أشراط الحركة وتصوراتها الخاصة وتفكيك ما تسميه النموذج العربي الأسلامي يدق أسفينا من الشكوك ويبدد ثقة الشراكة القومية في صنع السلام والأنتصار لخيار الوحدة في ختام الفترة الأنتقالية..ومما يزيد من هذه الشكوك أن قرنق قد طرح في آخر محاضرة عامة له في واشنطون عن مسارات تحقيق السلام وأستراتيجية التفاوض خياراته الكلية وقال أن أهمها هو التفكيك السلمي للنظام عن طريق التفاوض متأسيا بتجربة جنوب أفريقيا ..و يعتقد معظم المراقبون أن أسلوب الحركة في التفاوض الراهن قائم علي أنفاذ هذه الأستراتيجية وقال قرنق في تلك الندوة بأن علي حكومة الخرطوم الأختيار بين وحدة الدين والدولة أو أنفصال الجنوب وأطلق قرنق علي نموذج التفاوض القائم الآن بالسودان الأصغر الجديد the minimuim new Sudan وهو يقوم علي تطبيق الشريعة في الشمال وأستثناء الجنوب منها..وهو ما تريده الحكومة وأكد بأن هذا النموذج سيوقف الحرب لفترة أنتقالية محدودة ولكنه لن يؤدي الي الوحدة الطوعية الطبيعية.. توضح هذه المحاضرة التي سكب فيها قرنق جملة تصوراته عن مسارات السلام وأستراتيجيات التفاوض رؤية وأهداف الحركة التي لا تحيد عن شيئين: أما تحقيق نموذج السودان الجديد بملامحه العلمانية الأفريقانية عن طريق تفكيك النظام سلميا بوسائل التفاوض أو القبول بنموذج السودان الأصغر الجديد الذي يطبق الشريعة في الشمال وأستثناء الجنوب لتحقيق السلام لفترة أنتقالية محددة..بأعتباره نظاما أنتقاليا لتحقيق السودان الجديد أو الأنفصال إذا تعذر ذلك لأقامة هذا النموذج في الجنوب المستقل.
إن هذه المحاضرة تجيب علي الأسئلة المشروعة حول كيف تفكر الحركة وما هي أجندتها وأهدافها من صنع السلام ..وما هو النموذج الذي تطمح الي تحقيقه ..ومدي حرصها علي الوحدة ..وهي ربما تزيد من تفاؤل المتفائلين وتضاعف من غيظ المتشائمين..
قبل نحو عام ونصف من الآن قدم د. جون قرنق زعيم حركة التمرد ندوة بقاعة فندق دبل ترى DOUBLE TREE بواشنطون أمها جمع كبير من السودانيين يقدورن بألفي شخص . مثل الأخوة من جنوب السودان أغلبية الحضور..هذا فضلا عن الحضور النوعي والكبير من ناشطي المعارضة السودانية كما حضرها عدد مقدر من الأمريكيين المهتمين بالشأن السودانى الذين يمثلون عدد من الجمعيات الدينية ومنظمات حقوق الأنسان . وقدم فى كلمته التى أستمرت زهاء الثلاث ساعات أستعراضا لما أسماه مسارات تحقيق السلام فى السودان وأستراتيجيات التفاوض ورؤية الحركة للسودان الجديد والأوضاع العسكرية والسياسية الراهنة .
أولا : تعريف المشكلة :
أبتدر الندوة بما أسماه توصيف المشكلة problem statement
.. وقال إن مشكلة السودان مركبة إذ استمرت حرب الأنانيا حوالي 17
عاما والأن تتجاوز الحرب الراهنة 19 عاما وما زالت مستمرة ، ولعل السؤال لماذا يرهن السودان إجياله لمعاناة الحرب طيلة هذه الفترة، والأجابة عندى أن الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم عملت على تكريس حكومات عربية إسلامية متجاهلة حقوق وتطلعات بقية الأعراق الأخرى مما أدى إلى إشتعال الحرب، وإطالة أمدها مما يؤكد أن طريق القوة المتبع لفرض دولة إسلامية فى السودان لن ينجح ..
سأبدأ بالنموذج الثالث وهو ما يسمى بالدولة العربية الإسلامية وهو النموذج الراهن المطبق الأن فى السودان، وفى هذا النموذج فإن جنوب السودان يشكل نسبة ضئيلة ضمن دائرة هذه الدولة وقد تم توقيع إتفاقية إديس أبابا عام 1972م وفقا لهذا النموذج وقد فشلت لأنها لم تحقق تطلعات الجنوبيين . وهو كذلك ذات النموذج الذى أستوعب إتفاقية 1997م مع الفصائل الجنوبية الأخرى بقيادة مشار . وقد أعترض الجنوبيون على هذا النموذج وأرادوا فى المقابل الوصول إلى إنشاء دولة مستقلة فى جنوب السودان . وكل الحكومات التى تعاقبت على حكم السودان منذ الأستقلال عملت على تكريس هذا النموذج خاصة حكومة الفريق عبود التى عملت على فرض الأسلمة والتعريب على مواطنى جنوب السودان، مما أدى إلى تكثيف الحرب بواسطة الأنانيا وطرح صيغة أستقلال جنوب السودان .
أما النموذج الرابع فهو يحفظ حقوق المواطنيين ذوى الأصول الأفريقية ويشجعهم على إنشاء دولتهم
INDEGENIOUS AFRICAN STATE .
رؤيتنا فى الحركة الشعبية لتحرير السودان أن النموذج الراهن الذى تمثله الحكومة القائمة يجب رفضه لأنه يؤدى إلى أستمرار الحرب. أما النموذج الرابع وهو يشير إلى إقامة دولة أفريقية زنجية مقابل دولة عربية إسلامية هو نموذج إفتراضى ومستبعد .
هذان النموذجان هما للحرب لأنهما يقومان على المقاومة والتصدى لفرض دولة عربية إسلامية من قبل مجموعة محددة وما نريده هو خلق هوية جديدة تقوم على عكس حقائق التعددية فى السودان .. فإذا أخذنا الموسيقى كمثال ووعاء حامل للثقافة لوجدنا أن الموسيقي السودانية تشبه إلى حد كبير الموسيقى الصومالية، الأثيوبية والأريترية أكثر من الموسيقى السعودية، ولهذا فمحمد وردى مثلا مشهور جدا فى الصومال وأثيوبيا .
فقد ظللنا لمدة 19 عاما، نحاول أن نحقق النموذج الأول وهو ( السودان الجديد ) ولكن المهمة ليست سهلة فالمشكلة الأساسية هى قضية الدين لأن الشريعة هى القانون والمصدر الأساسى للتشريع . لذا ظللنا نطرح بصورة مستمرة عبر كافة المبادرات والمفاوضات من أبوجا وحتى القاهرة ضرورة فصل الدين عن الدولة بصورة دستورية . فنظام الجبهة فى الخرطوم عليه أن يختار بين وحدة الوطن أو وحدة الدين والدولة . وهذان الخياران لا يتلازمان مطلقا . ونحن لا نقصد بالفصل بين الدين والدولة إقامة دولة أثنية بل ستظل الأديان الرئيسية فى السودان هى الأسلام، المسيحية والمعتقدات الأرواحية الأفريقية .. فالدين هو علاقة بين الفرد وربه أما الوطن فهو للجميع فالله لن يعاقبنى لأننى أنتمى إلى وطن بعينه ولكن يحاسبنى بأفعالى وتصرفاتى كفرد . فنظام الجبهة عرقل كل المفاوضات التى جرت بيننا فقد رفض قبول مبدأ الفصل بين الدين والدولة، وعليه عملنا على تطوير النموذج رقم (2) الذى ينادى بأنشاء الدولة الكونفيدرالية . وهو ما أسميه السودان الأصغر الجديد THE MINIMUM NEW
SUDAN وهو يقوم على دولة فى الشمال تطبق ما تريده من شريعة
ودولة أخرى فى الجنوب تقوم على الفصل الدستورى بين الدين والدولة ( وهذا النموذج هو ما تريده الحكومة فى الخرطوم ) ..وسيضمن هذا النموذج حرية الحركة للمواطنيين والخدمات والسلع ستكون كونفدرالية الجنوب مهتمة بتعزيز ورعاية الحريات الأساسية مثل حقوق الأنسان وحتى حرية شرب الخمر . وستهدد بذلك كونفدرالية الشمال، إذ سيأتى الناس إلى جوبا للأستمتاع بالحريات وشرب الخمور فى عطلات نهايات الأسبوع وربما يضطرون إلى الهجرة إلى دولة الجنوب لذات الأغراض . وهذا النموذج سيحقق السلام وينهى الحرب ويؤدى إلى التسوية السلمية لفترة إنتقالية محددة .
ورغم أن هذا النموذج لن يفرض على حكومة الشمال أيقاف تطبيق الشريعة الإسلامية إلا أنه لن يؤدى إلى الوحدة الطبيعية فأثناء فترة نميرى كان السودان هو الدولة الوحيدة التى قامت فيها جمعية تضم الذين طبق عليهم حد القطع من المسيحيين فقد تم أستخدام الإسلام والشريعةٌ الإسلامية لأغراض سياسية والمفارقة أن نميرى كان شخصيا شارب خمر، ولما أشبع رغبته فيها أراد أن يتوب ويكون أماما .
أستثنى دستور عام 1998 المسيحين من تطبيق الشريعة الإسلامية إلا أنكم تعلمون قبل أسابيع قلائل خبر المرأة المسيحية ( أبوك ) التى حكم عليها بالرجم نسبة لجريمة الزنا . ففى عقائد الدينكا يدفع الرجل مقترف الزنا إبقارا كفارة للجرم ولكن لا تعاقب المرأة . ونسبة للضغط الدولى فقد تراجعت الحكومة عن تنفيذ العقوبة .
بالنسبة للنماذج المطروحة فإن من يريد تحقيق السودان الجديد أنصحه بالأنضمام الفورى للتجمع ومواصلة الكفاح لتحقيق ما يريده، أما الذين يريدون دولة مستقلة فى الجنوب عليهم أيضا أن يقاتلوا من أجلها.
لذلك يمكن قبول النموذج رقم (2) كخيار إنتقالى يقود إلى النموذج الأول ( السودان الجديد ) أو إلى الأنفصال كما هو موضح فى النموذج الخامس . وستكون هناك فترة إنتقالية فى حالة تبنى خيار الدولة الكونفدرالية يعقبها إستفتاء علي تقرير المصير إما لبناء السودان الجديد أو أعلان إستقلال دولة جنوب السودان .
إن السودان الراهن يتجاذبه قسطين من التنوع أو ما أسميه التنوع المعاصر أو التنوع التاريخى CONTEMPORARY
DIVERSITY AND HISTORICAL DIVERSITY فالتباين
التاريخى ينقسم إلى عدة حقب تاريخية تبدأ منذ عهد كوش مرورا بكل الممالك التاريخية من المغرة وعلوة ومملكة سنار حتى الوقت الراهن .
لقد قرأت كتابا فى نيروبى قبل أن أتى إلى واشنطون بعنوان
TWO THOUSAND YEARS OF CHRISTIANITY IN THE SUDAN فقد أتضح لي أن أول مسيحيي من خارج ملة اليهود
كان سودانيا، وكان مسئولا فى محكمة مروى فى المملكة القديمة، وهو يعنى أنه من شمال السودان، وقد يكون محسيا أو دنقلاويا ونحن فخورون بذلك. وكذلك سيدنا موسى تزوج بالصدفة من سودانية تدعى حايزة زفورا وهى جميلة مثل بعض الحضور فى هذه القاعة . وفى التاريخ قامت مملكات أخرى فى السودان مثل المغرة و آمون وكان المصريون القدماء يعتقدون أنه اله الماء الذى يسوق مياه النيل إلى مصر ويعتقد بعض العلماء أن آمون هو اله قبيلة الأنواك على الحدود الأثيوبية وقد أمتدت مملكة واوات من كوش الراهنة إلى دارفور وكردفان وحتي واو كل هذه الممالك والحضارات قامت قبل ظهور العهد العربى المسيحى وقبل العهد النوبى المسيحى. حيث جاءت ممالك سوبا، علوة. وعقبت تلك الحقبة هجرة العرب ودخول الأسلام حيث قامت ممالك إسلامية قوية مثل مملكة سنار ودارفور فى الفترة من 1500 ?1820 . ومن ثم جاء الحكم التركى المصرى حتى قيام الثورة المهدية فى 1889 . وأعقبها الحكم الثنائى الأنجليزى المصرى حتى قيام السودان الحديث بالأستقلال فى عام 1956 وجاء نظام الجبهة منذ العام 1989 وحتى الوقت الراهن . هذا التاريخ الذى سردته يحدد لكم هوية السودان الحديث . فقد ذابت كل هذه الممالك والمجموعات الأثنية المكونة لها فى مواقع جغرافية مختلفة مشكلة هوية السودان المعاصر، لذا فمن الخطأ أن تدعى مجموعة احقيتها بالسودان . فهذا النظام يدعى أن السودان أبتدأ بمجيئهم إلى السلطة ليدعوا ملكيته وحيازته . والسودان ملك لجميع السودانيين فأنا أرفض أي فكرة تحاول أن تفصلنى من مروى أو كوش لأننى أنتمى لهذا التاريخ والحضارة الثرة . لهذا فإن حركة تحرير السودان
SPLA/M أسميت أحدى رئاساتها كوش الجديدة NEW KUSH
ولماذا لا إذ توجد يورك الجديدة NEW YORK والتى تشكلت عبر هجرة الأطلسى من أنجلترا إلى أمريكا، أما كوش الجديدة فقد تشكلت عبر التاريخ .
أما القسط الثانى من التباين الأثنى أسميه التنوع المعاصر، فالسودان كما هو معلوم فيه ما يقارب الـ 500 قبلية تتحدث 130 لغة وهذه القبائل تنقسم إلى قسمين كبيرين، القبائل الأفريقية السودانية وهى تشكل 69 ? 70% من جملة السكان وفقا للتعداد السكانى للعام 1955م وأما المجموعات العربية فتبلغ نسبة 30% فقط حسب اللغات والألسنة العربية، أما العرب عرقا ودما فلا يتجاوزون 15% فقط ..
وهناك صعوبة فى تقسيم الناس إلى عرب وأفارقة فى السودان فالتصيف البريطانى للعرب والأفارقة فى السودان قام على أساس لغوى . العامل الثانى فى التباين الأثنى المعاصر هو الدين . فالمسلمون تبلغ نسبتهم من 65 ? 70% من جملة السكان . المسيحيون و معتنقو المعتقدات الأفريقية والأرواحية تبلغ نسبتهم حوالى 30-35% من السكان ..لذا من الخطورة بمكان الحديث عن أغلبية مسلمة فى السودان لأن الاخرين يمكن أن يتحدثوا أيضا عن أغلبية أفريقية فى السودان ..NO BODY IS ANY BODY?S
MAJORITY AND NO BODY IS ANY BODY?S MINORITY فقد تحدث البند الأول فى دستور عام 1998م عن أن
الإسلام هو دين الأغلبية فى السودان ويمكن للاخرين أن يدعوا أيضا أن الأفارقة هم أيضا أغلبية فى السودان كما يمكن الأدعاء أن غالبية أهل السودان من النساء فلماذا لا ينص الدستور على ذلك ؟ . إن الحكومات المتعاقبة حاولت أن تبنى دولة عربية مسلمة على حساب حقوق المواطنيين فى بقية أنحاء السودان مما أدى إلى أشتعال الحرب الراهنة، و عليه فأن أى حل مستقبلا يجب أن يستصحب هوية أهل السودان جميعا .
ففى حرب الأنانيا الأولي قتل حوالى 750 ألف الي مليون شخص و فى الحرب الراهنة يقدر عدد القتلى بـ 2 مليون شخص . مما يدلل على أن الحرب أشتدت وتسارعت عجلتها بسبب الحكومة الإسلامية الأصولية، فقد أعلن النظام الجهاد عام 1993م ضد مواطنيه .
فى عام 1998م ذهبت إلى جنيفا لحضور المؤتمر السنوى للجنة حقوق الأنسان بالأمم المتحدة وقد تقدمت بسؤال فى المؤتمر وهو ماذا يعنى الجهاد هل هو حق دينى للذين أعلنوه أم حق أنسانى للذين أعلن ضدهم ؟ وتحت هذا الظلم أعدم النميرى بقوانيين الشريعة محمود محمد طه زعيم الأخوان الجمهوريين الذى أحيه من مقامى هذا وأعتبره بطلا وزعيما قوميا .
إن خيار الوحدة بين التحالف والحركة يعتبر خيارا أستراتيجيا لأنه كسر الحواجز التاريخية والنفسية التى تفصل الشمال عن الجنوب، وأحى أبطالنا فى الجنوب الذين أتخذو القرار التاريخى الذى لم يكن سهلا بل هو نتيجة عمل متصل إستمر لمدة خمس سنوات . وأن هذا الأندماج يعتبر خطوة هامة وسيكون علامة فارقة فى تاريخ السودان الحديث .
بهذه الخلفية أريد أن أعطى تعريفا دقيقا للسودان الذى أسيئ تعريفه فى عام 1956م عام الأستقلال والتعريف الحسابى للسودان يمكن تقسيمه بطريقة وظيفية إلى ثلاثة متغيرات XYZ . المتغيرX يمثل التباين التاريخى الذى تحدثت عنه من قبل . والمتغير Y يمثل التباين والتنوع المعاصر الآن فى السودنْ . والمتغير Z يمثل المؤثرات الأخرى التى ساهمت فى بلورة وتشكيل السودان الراهن وبالنظر إلى هذه المعادلة سيجد كل السودانيين أنفسهم فى السودان الجديد ولكن وللأسف فأن نظام الجبهة يعرف السودان الحالى بمقتضى متغيرين هما الأسلام والعروبة . ونحن نقول بمنتهى الوضوح أننا لسنا ضد العرب فى السودان فهم مواطنون يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات للسودانيين . كما أننا لسنا ضد الأسلام والمسلمين فنحن يشارك معنا العديد من المسلمين مثل ياسر عرمان الذى قدم لكم فى هذه المنصة من قبل ود. منصور خالد . كما لدينا الكثير من المسلمين من جبال النوبة و جنوب النيل الأزرق مثل مالك عقار وكذلك المرحوم يوسف كوة من جبال النوبة . فالمسلون يمثلون أغلبية فى السودان، ولكننا ضد أستخدام الأسلام كأداة سياسية فنحن لا نقبل أن يقضى الرجل جل حياته فى شرب الخمر ثم يعلن رغبته فى أن يكون أماما ..
في آخر ندوة عامة لقرنق بواشنطون (2ـــ2)
الهدف الرئيسى للحركة الشعبية هو انشاء السودان الجديد
نخطط لتكوين الكونفيدرالية السودانية
ترجمة وتحرير: خالد موسي
ثانيا: أهداف الحركة :
الهدف الرئيسى للحركة الشعبية هو إنشاء السودان الجديد وهو يعنى إنتهاء النموذج العربى الإسلامى المتحكم الان وإعادة بناء السودان
RE-STRUCTURING وفق رؤية الحركة للسودان
الجديد عن طريق الأحلال والأبدال بين النموذجين .
الهدف الثانى هو تكوين الكونفيدرالية السودانية وهو نوع من الوحدة أثناء الفترة الأنتقالية وهو نموذج واقعى للتعاطى مع المشكلة السودانية وهو يمثل شطرا من السودان الجديد وشطرا من دولة الجنوب المستقلة . فالنموذج الثانى عبارة عن شكل تفاوضى، أما النموذج الأول ( السودان الجديد ) والخامس ( الأنفصال ) فلا يمكن تحقيقهما عن طريق التفاوض، بينما النموذج الثالث والرابع غير مقبولين إطلاقا .
يدعى بعض الناس أن الكونفدرالية تم فرضها علينا من قبل الغرب وبالأخص من قبل واشنطون، وأنا أريد أن اصحح هذه المعلومة . فالنموذج الثانى تم تصميمه عام 1994م فى مسار تأطير المفهوم الكلى للمشكلة ولم يتم فرضه علينا من أى جهة . وهو نتيجة طبيعية لوجود نظام الجبهة على سدة الحكم وفرضها للدستور الأسلامى . وجزء من هذه النماذج فرضتها المفاوضات وكان لزاما علينا أن نلعب سياسة حقيقية
WE PLAYED REAL POLITICS فمثلا نموذج
الكونفدرالية، إذا قبلته الحكومة فسيؤدى إلى تفتيت النظام لأنه سيقود إلى النموذج الأول ( السودان الجديد ) وإذ رفضوه سيقود إلى أتجاه معاكس هو الأنفصال . لذلك فهذا النموذج هو شكل تفاوضى وهذه الأشكال تمكننا من الأحتفاظ بكل خياراتنا . وأعتقد فى الوضع الراهن أن أفضل خيارين هما الكونفيدرالية والسودان الجديد . وفى هذا الأطار أريد أن ألقى بالملاحظات التالية :-
أالنموذجان الثالث والرابع ( سيطرة الدولة العربية الإسلامية أو الأفريقية العلمانية ) غير مقبولين ويؤديان إلى أطالة أمد الحرب كما هوالوضع الراهن .
ب .أيا من النماذج الثلاثة المتبقية ( الكونفدرالية، الأنفصال، السودان الجديد ) نتيجة حتمية للكفاح المسلح .
ج. كل النماذج المذكورة أعلاه فى (ب) لا يمكن فرضها بل تأتى عبر ممارسة حق تقرير المصير
د. بالنسبة للأنفصالين الجنوبين لا يمكنهم تحقيق هدفهم بأنشاء دولة مستقلة إلا عن طريق النموذج الثانى ( الكونفدرالية ) ومنه إلى النموذج الخامس الأنفصال . وهى ذات النقطة التى يلتقى فيها معهم المنادون بالسودان الجديد فى النموذج الأول . لذا يجب الأنتباه إلى المركز التى يلتقى فيه الجميع للأنطلاق إلى أهدافهم . فمثلا أريتريا لم تكن لتحصل على الأستقلال إلا بسقوط نظام منقستو فى أثيوبيا . كما لم يكن للدول الأشتراكية أن تحصل على أستقلالها إلا بإنهيار روسيا مركز الأتحاد السوفيتى السابق . لذا ففى كل الأحوال لابد من حدوث شئ ما فى المركز ..
إن مفهوم السودان الجديد يتكون من نقطتين الأولى أنه عبارة عن رؤية VISION والثانية أنه طريقة كفاح
METHOD OF STRUGGLE وذلك لأن أى حركة تحرر
حقيقية لابد أن تكون لها رؤية واضحة وأهداف محددة وأستراتيجية قوية وتكتيك معلوم وهذه الوسائل متداخلة ومتشابكة لذا فإن بعض الناس يخلطون بين السودان الجديد كرؤية ووسيلة كفاح ومقاومة وهدف أستراتيجى . وتلك الرؤية تعضدها أهداف بعيدة وقصيرة المدى فالأهداف بعيدة المدى هى تحقيق السودان الجديد أما قصيرة المدى فهى تأسيس الكونفدرالية . وتقرير المصير . بعض الناس يردوننا أن نحقق مباشرة النموذج الخامس وهو الأستقلال . وهذا النموذج لن يتحقق بالتفاوض ولكن بمواصلة الحرب داخل الغابة حتى أعلان الدولة المستقلة .
بالنسبة لنظام الخرطوم فإن تقرير المصير يعنى الحكم الذاتى وفق النموذج الثالث ( دولة شمالية عريضة مقابل جيب جنوبى صغير ) وقد تم توقيع إتفاقية أديس أبابا 1972م وأتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997م وفقا لهذا النموذج الفاشل . والان د. رياك مشار موجود بيننا وهو أفضل من يحدثكم عن هذا الجانب إذ أنه هنا لشرح تجربته الفاشلة مع نظام الخرطرم . فقد ظل مشار يفاوض النظام لأعطاء الجنوب حق تقرير المصير حسب الأتفاقية إلا أنهم رفضوا لأن النظام يعتبر أن حق تقرير المصير هو الحكم الذاتى SELF ADMINISTRATION .
ثالثا : مسارات تحقيق السلام فى السودان
1/ أن الحركة رسمت ثلاثة مسارات للوصول إلى أهداف السلام فى السودان وهى :
أ.التفاوض لأقرار تسوية سلمية مع النظام فى الخرطوم .
ب. نموذج التجمع الوطنى الديمقراطى .
ج. السلام عبر التنمية .
2/ بالنسبة للمسار الأول فقد ظللنا نتفاوض حوله مع النظام منذ الإيقاد لتحقيق هدف السودان الجديد . وقد واجهنا أربعة مصاعب رئيسية وهى مشكلة الدين الدولة وممارسة حق تقرير المصير والحكم فى الفترة الأنتقالية والرابعة هى المناطق التى سيشملها الأستفتاء لحق تقرير المصير ..
3/ بالنسبة للمسار الثانى وهو أحلال نموذج التجمع الوطنى الديمقراطى بديلا لنظام ونموذج الجبهة الراهن فأنه يقتضى تقوية التجمع وأنا أعتقد أنه النموذج الأمثل لخلق وتأسيس السودان الجديد بمشاركة الجميع من الحركة والتحالف وكل قوى المعارضة الشمالية. ولابد من الأعتراف بأنها المرة الأولى فى تاريخ السودان التى نؤسس فيها لمنظمة تضم أهل الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط . وهذه المنظمة تقاتل الان نظام الخرطوم بينما كان الكفاح والقتال فى السابق محصورا على الجنوبيين فقط . ورغم كل التحديات التى يواجهها التجمع إلا أنه نموذج مثالى من أجل مستقبل زاهر . ووسيلة التجمع هو الجمع بين الأنتفاضة والكفاح المسلح . وسيحل التجمع مكان الحكومة الحالية فى الفترة الأنتقالية حتى قيام الأستفتاء على حق تقرير المصير . فقد ظللنا منذ عام 1995 نعمل لبناء التجمع، وما خطوة التوحد الأخيرة مع التحالف بقيادة العميد عبد العزيز خالد إلا نموذج لتقوية التجمع .. وهذا التوحد بين الحركة والتحالف لا يناقض مظلة التجمع فمولانا محمد عثمان الميرغنى لا يزال هو الرئيس العام للتجمع الديمقراطى . لذا فنحن سنعمل على تقوية التجمع وليس إضعافه وذلك يقتضى خلق برامج عملية حتى يعمل التجمع كجسم فاعل للوصول إلى السودان الجديد .
هذا وقد أصدر التجمع قرارات فى الدورة الثانية فى مساوى لكتابة ميثاق السودان الجديد وهذه بمثابة دعوة لكم جميعا للمشاركة فى كتابة هذا الميثاق وصياغته .
4/ المسار الثالث هو إنشاء إدارة مدنية فى المناطق المحررة فى الجنوب والشرق وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق حتى يكون نموذجا للسودان الجديد الذى ننشده جميعا، كما ننشد أيضا تطوير صيغة جيش موحد فى جبهة الشرق التى تشارك فيها عدة فصائل من مختلف الجهات، لذا فنحن نريد تكوين جيش موحد لهذه الفصائل وندعو العناصر الوطنية داخل الجيش السودانى للأنضمام إلى جيش التجمع حتى نستطيع إنشاء جيشا جديدا للسودان الجديد . وهذه نقطة هامة لذا فأنا أتوجه بالدعوة لكل العناصر الوطنية والبطولية داخل الجيش لنبذ السودان القديم والأنضمام إلى التجمع لبناء جيش السودان الجديد وذلك لأن الجيش لابد أن يكون من ذات هوية الدولة القائمة . فنظام الجبهة حاول إستبدال الجيش النظامى بجيشه العقائدى و نحن كذلك نريد تكوين الجيش الجديد الذى يتناسب مع هوية السودان الجديد. ونحن مازالت وسيلتنا الأولى هى قيام الإنتفاضة الشعبية فى الخرطوم وبقية المدن الأخرى فقد أسقطت الأنتفاضات حكومات عبود ونميرى وهى قادرة على إسقاط نظام البشير الراهن . ولن نسمح هذه المرة بسرقة الأنتفاضة فسيقود جيش التجمع الموحد قرارات الحكم والإدارة للأنتفاضة من داخل الخرطوم للوصول بها إلى السودان الجديد وستتشكل على ضوء ذلك حكومة التجمع خلال الفترة الأنتقالية لتنفيذ البرنامج المتفق عليه مثل قيام الأستفتاء على حق تقرير المصير والتحضير لقيام الأنتخابات العامة .
إن الجيش الموحد للسودان الجديد سيتكون من جيش التجمع الموحد ووحدات مختلفة من الفصائل المكونة للتجمع ووحدات من جيش الحركة والجيش السودانى . هذا البرنامج يحتاج إلى دعم كل السودانيين حتى يتم تحويل التجمع إلى حركة قوية قادرة على تحقيق السودان الجديد البديل لنموذج الجبهة الإسلامية الراهن . وأدعو من هذا المنبر كل سودانيو الشتات والمهجر لدعم التجمع وأتخاذه الوسيلة المثلى لتحقيق تطلعات التحرير والديمقراطية والسودان الجديد وأرجو منكم ألا تحجموا عن المشاركة فى التجمع .
ومواصلة للمسار الثالث : والذى يدعو لتحقيق السلام عبر التنمية فهو نموذج يتم تطبيقه بأتساق مع المسارين الأولين ويجب البدء فى تنفيذه فورا، وذلك بتنفيذ برامج اقتصادية فى المناطق المحررة وكما ذكرت مسبقا فقد أنتهت حرب الأنانيا فى عام 1972م وهذه الحرب مستمرة لمدة منذ 19 عام مما يعنى أن هناك أجيالا ستضيع فى الأمية والجهل . لذلك فنحن لن ننتظر تحقيق السلام حتى نرسل أطفالنا إلى المدارس ولن ننتظر السلام حتى نزرع ما نأكله وسوف نعمل للتوسع فى الزراعة للأكتفاء الغذائى فى الأسواق المحلية وتصدير ما نستطيعه للأسواق الخارجية . ونتيجة لما أتبعناه فى المسار الثالث فنحن استطعنا الان تأسيس أكثر من ثلاثة ألف مدرسة أساس و16 مدرسة ثانوية وفى العام الماضى أفتتحنا كلية زراعية فى يامبيو وكلية تربية فى رمبيك وهما فى الأساس معاهد تقدم كورسات قصيرة فى شهور عدة حتى تفى بالأحتياجات العاجلة المحلية فى مجالات التعليم والزراعة
INSTITUTE FOR DEVELOPMENT ENVIRONMENTAL AND AGRICULTRUAL STUDIES (IDES) وسنواصل البرامج الأكاديمى لمدة
أربع سنوات للحصول على درجة جامعية سوف يتم الأعتراف بها فى بعض الجامعات الخارجية . ولا عجب فى أن المناطق المحررة تعتبر أكثر أمنا من بعض دول الجوار . فى يناير الماضى إلتقيت بثلاث شخصيات دولية . إذ استقبلت فى رمبيك كليرشورت وزيرة التعاون الدولى البريطانية التى قضت ليلتين معنا فى رمبيك كما أستقبلت هيلدا جونسون وزيرة التعاون الدولى النرويجية التى باتت ليلة واحدة فى رمبيك كما أستقبلت المبعوث الخاص للرئيس بوش السيناتور السابق دانفوراث الذى قدم فى صحبة وفد كبير وقضى ليلة واحدة فى رمبيك وهذا يعكس لكم الشعور بالثقة والأطمئنان لدى هؤلاء فقد بات هؤلاء جميعهم فى رمبيك دون الشعور بالخوف أو عدم الأمن مما يعكس مناخ الأستقرار والأمن الذى تتمتع به المناطق المحررة وإذا ذهبتم إلى رمبيك ويامبيو وياى يمكنكم شراء ما تحتاجون من سلع مثل الخمر ( مريسة ) والخبز وحتى البيرة المثلجة، ويوجد عندنا حتى شاى شرق أفريقيا الذى وصل عن طريقنا إلى الخرطوم، كما يباع فى الخرطوم أيضا عرقى يسمى مارجريت يتم تصنعيه فى ناروس، وهذه من نتائج مسار السلام عبر التنمية كما أننا من نشجع الأستثمار فى المناطق المحررة، وهذه دعوة لكل اصحاب المال من السودانيين للأستثمار فى مناطقنا . كما أحرزنا أيضا تقدما فى مجال الحريات فإذا ذهبتم إلى يامبيو، ياى أو مريدى فيمكن للمسلمين أن يؤدوا صلواتهم فى المساجد المشيدة هناك ( وهاهم ناس هاشم بدر الدين يصلوا هناك ) . عندنا أيضا منظمتين دينيتين للمسلمين والمسيحيين ..NEW SUDAN COUNCIL OF CHURCHES -
NEW SUDAN ISLAMIC COUNCIL وستكون
الحريات الدينية مكفولة فى السودان الجديد كما أنتم تجلسون فى هذه القاعة كأخوان وأخوات دون تفرقة بالجنس او الدين . وهناك العديد من البرامج التى نقوم بتنفيذها عبر هذا المسار مثل بناء الطرق لربط المناطق المحررة وحتى نستطيع تصدير منتوجاتنا لدول الجوار، وكذلك إنشاء شبكة إتصالات لربط الأقاليم الخمسة التى نسيطر عليها بالعالم الخارجى ونعيد الأن تنشيط راديو
SPLA ليغطى كل السودان .. كما فتحنا الباب للأستثمار
فى البترول، فحتى الشركات التى أوقفت عملها فى مناطق بانتيو يمكنها الأستثمار عندنا فى المناطق المحررة . رابعا: حق تقرير المصير
هناك نقاشا محتدما حول حق تقرير المصير فى الجنوب إذ يظن البعض إن تقرير المصير هو هدف فى حد ذاته ويرون أن قرنق لا يريد الذهاب إلى أخذ (قفة) حق تقرير المصير من الخرطوم أو لندن أواشنطون . فأنا لم أجد (قفة) اسمها تقرير المصير حتي أحمله من هذه العواصم .فهذا الحق عبارة عن معادلة لابد من تحقيقها رياضيا. كما إن حق تقرير المصير لن يأتى إلا من خلال فوهة البندقة وذلك بالربط بين مواصلة القتال ARM STRUGGLE وحق تقرير المصير .
وقال هو ذات الشئ الذي حصلت عليه جبهة البوليساريو التى وجدت أعترافا وحقا من مجلس الأمن ومنظمة الوحدة الأفريقية وهو كسب أعلى من الذى حققه الجنوبيون وقد اثبت ملك المغرب أنه رجل عاقل، إذ قبل حق تقرير المصير مقابل أيقاف الكفاح المسلح وهو قد بدأ الأن فى شراء القادة بالمال والوظائف واستطاع أن يخترق جبهة البوليساريو ولكن رغم هذا الكفاح الطويل فإن مواطنى البوليساريو لو اجرو استفتاءا الآن لفقدوه لأن 60% من السكان هم مغاربة . والنقاش الأن هو من له حق التصويت من سكان الصحراء الغربية وبالتالى لم تعد القضية هى حق تقرير المصير، وهو نموذج واضح لما قد تقود إليه مشكلة تقرير المصير .
ووصف الذين يريدون للحركة أن تقبل بحق تقرير المصير بالبساطة والسذاجة وقال بأنهم يريدون المخاطرة ببــلسرة ( من البوليسارو ) حركة التمرد THEY ARE
RISKING THE POLESARIOZATION OF THE SPLA ونحن لا يمكن أن نقبل ذلك . ولابد من مواصلة
الكفاح المسلح مع حق تقرير المصير، لان حق تقرير المصير هو نتيجة طبيعية للكفاح المسلح ويجب ألا نقبل المفاصلة بينهما لأننا إذا أوقفنا الكفاح المسلح فلن نحصل على حق تقرير المصير .
وقال عندما ذهب عبد العزيز قائد جبهة البلساريو إلى المغرب إستقبل بواسطة مسئولين فى الدرجات الدنيا ووصفته الصحافة المغربية بأنه مواطن مغربى يعود للرباط لمقابلة الملك . لذا فأن حق تقرير المصير ليس أولوية بالنسبة لنا بل الأولوية هو الوصول إلى تسوية سياسية بواسطة الكفاح المسلح، الأنتفاضة، والضغط الدبلوماسى والدولى وقال إذا نجحنا فى قطع طريق الخرطوم بورتسودان ومنعنا حركة التصدير والأستيراد وضربنا خطوط الآنابيب وحركنا شوارع الخرطوم بالمظاهرات فأنى أضمن لكم سقوط النظام ورغم أن ذلك قد يخلق بعض المعاناة للمواطنيين ولكنها لن تكون أكثر من الضنك الذى نعانيه الآن .
ان نظام الجبهة وقبل الوصول الي السلطة حلل مآلات الحكومات السابقة ووجد ان المهددات لأى نظام تكمن في حرب الجنوب والأنتفاضة و الأنقلابات داخل الجيش وقد احتاطو لكل ذلك من مقاتلة الحركة فى الجنوب ولمنع حدوث أنقلابات عسكرية أو لحدوث إنتفاضة ولكن فات عليهم أن يتخذو الأحتياطات لمواجهة الكفاح المسلح والأنتفاضة فى وقت واحد . وبهذا فإن نظام الجبهة لا يمكن أن يصمد فى وجه هاتين الوسيلتين مجتمعتين . ورغم كل ذلك فأنا رجل سلام وليس رجل حرب لذا فنحن نتفاوض مع نظام الجبهة الحالى فى إطار مبادئنا وثوابتنا .. وعليه نحن نتفاوض معهم الأن عن النموذج رقم (2) وهو الذى ينادى بالتفكيك السلمى للنظام مثلما حدث لنظام التفرقة العنصرية فى جنوب أفريقيا من قبل .
رابعا: الوضع السياسى والعسكرى الراهن
لدينا ستة جبهات فى الحرب ثلاثة فى الجنوب وثلاثة فى الشمال . تتألف جبهات الجنوب من أعالى النيل الأستوائية وبحر الغزال، وفى الشمال لدينا جبهة جبال النوبة، جنوب النيل الأزرق وأخيرا جبهة الشرق التى يتولاها التجمع .
نحن الأن بصدد تكوين جبهة سابعة للحرب وهى جبهة سودانيو الشتات أو سودانيو المهجر وعليكم أن تواصلوا الكفاح من أجل تأسيس السودان الجديد . أريد منكم فتح حساب بأحد البنوك لدعم السودان الجديد حتى يستطيع أى سودانى أن يساهم بالدعم المالى حتى ولو دولار واحد.
أما الشئ الأهم فأن جبهة المعارضة الأن أقوى مما مضى نسبة للأتفاق والتوحد الذى تم مع د. رياك مشار وحركة التحالف مما أدى إلى تقوية التجمع وحركة التمرد على السواء كما أدى إلى تحول SPLA/M إلى حركة قومية
NATIONAL MOVEMENT وهدفنا هو تجميع كل
قوى المعارضة بما فيهم حزب الأمة للوصول إلى تحالف قومى ديمقراطى، وفى هذا الأطار إلتقيت بمبارك الفاضل فى لندن وأتفقنا على مواصلة الحوار حتى نحول دون أى إلتقاء بين نظام الجبهة وحزب الأمة كما بدأنا في ذات الأطار حوارا مع حزب المؤتمر الشعبى بزعامة الدكتور الترابى وذلك من اجل تجميع قوى المعارضة لأسقاط النظام وتأسيس سودان جديد على أساس ديمقراطى . وما زلت أتساءل كيف يمكن للقوى السياسية الوطنية والديمقراطية الأتحاد تحت دستور إسلامى ديمقراطى؟ لذا فإن الحوار مع حزب المؤتمر الشعبى مفيد إلى حد كبير، كما أنه لا يوجد أى مبرر بأن أحاور البشير ولا أفاوض الترابى فهما كانا وجهان لعملة واحدة . العامل الآخر المهم هو البترول الذى أستخدمته الحكومة لتقوية ترسانتها العسكرية كما قامت بترحيل أكثر من 2000 مواطن فى أعالى النيل قسريا لتوسيع نطاق عمل الشركات فى البترول . ونحن بلاشك سنتمكن فى القريب العاجل من وقف ضخ البترول إذ أوقفت شركتان الأن عملهما فى التنقيب وسنعمل لأيقاف عمل الشركات الأخرى فى غضون هذا العام ..
أما بخصوص زيارتى الراهنة لواشنطون وأروبا فقد إلتقيت فى لندن بوزير الخارجية جاك أستروك ووزير التنمية الدولية كلير شورت وفى النرويج إلتقيت وزيرة التعاون الدولى هيلدا جونسون كما إلتقيت فى بروكسل بالعديد من ممثلى دول الأتحاد الأروبى . أما فى واشنطون فقد إلتقيت بالعديد من أعضاء الكونغرس وكذلك بعدد من المسئولين كان من ضمنهم وزير الخارجية كولن باول، كما إلتقيت فى البيت الأبيض نائبة كوندليزا رايس مستشارة الرئيس لشئون الأمن القومى . وفى كل هذه اللقاءات كانت رسالتى واضحة ومحددة وهى : -
أ.أن نظام الخرطوم لم يتغير، ولن يتغيرTHE REGIME
IN KHARTOUM HAS NOT CHANGED, CAN NOT CHANGE AND WILL NOT CHANGE لذا
نحن نسميه طالبان أفريقيا وما حادثة المرأة المسيحية التى حكمت بالرجم فى الخرطوم إلا مقالا حيا لما فعلته طالبان بالمرأة الأفغانية، وهى كذلك نفس الحكومة التى أعلنت الجهاد ضد مواطنيها وتمارس الأضطهاد والتطهير العرقى فى جبال النوبة، وهى لم تتعاون مع الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر الا خوفا من أن تلقى نفس مصير طالبان . وقامت حكومة الخرطوم بتسليم واشنطون 300 ملف أمنى وقالت هل من مزيد أقدمه ؟ وفعلت هذا بدافع الخوف وليس لأن طبيعة النظام تغيرت . لذا نحن نريد أن نستعمل خوف النظام من أحداث 11 سبتمبر لممارسة المزيد من الضغط بواسطة المجتمع الدولى وذلك لأن النظام يستجيب لتلك الضغوط .
ب.الرسالة الثانية أننا نملك بديلا لنظام الجبهة وهو التحالف القومى الديمقراطى الذى يجب دعمه بواسطة المجتمع الدولى حتى يكون بديلا فعليا للنظام .
ت.رغم ذلك أننا على أستعداد للتفاوض مع نظام الجبهة وسنستعمل نافذة الخوف من أحداث 11 سبتمبر للتفاوض من أجل تفكيك نظام الجبهة سلميا وفق ما حدث لنظام الفصل العنصرى . ولن يكون التفاوض من أجل الأنضمام للنظام فقد تم أستيعابى فى ظل إتفاقية أديس أبابا عام 1972م وأؤكد لكم الان أنه لن يتم أستيعابى مرة أخرى جزءا من النظام .
أنا أعلم أن نظام الخرطوم يقول أن د. جون قرنق يواجه ضغوطا شديدة فى واشنطون لقبول السلام . ولكن أنا لم أرفض السلام حتى يتم الضغط على لقبوله . ما أرفضه هو السلام غير العادل .. وأنا أرفض السلام وفق النموذج الثالث وقد ذكرت ذلك بوضوح للمسئولين فى لندن، أوسلوا وواشنطون .
ج. فى ذات الوقت الذى نعمل فيه فى مسارين الأول : بالتفاوض مع النظام والثانى هو بناء التجمع والتحالف الوطنى فأننا نصنع السلام عبر التنمية حتى نمكن المواطنيين فى المناطق المحررة من إدارة أنفسهم حتى فى ظل ظروف إستمرار الحرب . وبذلك فنحن متيقنون بأننا سنحقق السودان الجديد الحلم الذى يتطلع إليه كل السودانيين . الجزء الأخير من محاضرتى هو حوار داخلى معكم ويتلخص فى توضيح رؤية الحركة لمسار السلام وهو يؤكد أنه لا يوجد طريقا مختصرا للحرية، وأن السلام للسودان الجديد يمكن الوصول إليه عبر المسارات الآتية :
الأول : عبر التسوية السلمية بتفكيك النظام عبر المفاوضات .
الثانى: نموذج التجمع الديمقراطى وهو أبدال النظام الحالى بنموذج التجمع الديمقراطى .
الثالث : السلام عبر التنمية . وبالطبع فأننا إذ عجزنا عن تحقيق السلام عبر المسارين الأولين فإنه من الصعوبة تحقيقه عبر المسار الثالث.
فى خاتمة هذه العرض أحب أن أؤكد لكم أن أذهاننا ستظل مفتوحة لأيجاد حل للمشكلة القائمة وسنعمل لأرضاء تطلعات السودانيين . وأدعو كل مواطنى السودان الجديد لبذل الجهد لتحقيق السلام عبر المسارات الثلاثة المذكورة آنفا.
المصدرجريدة الصحافة بتاريخ:28/29ابريل2004
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست