المؤكد والذي لا يختلف عليه إثنان، ضعف الجبهة الثورية من حيث الاداء السياسي، وقبله الفعل العسكري، والذي لم تكون هناك وحدة حقيقية علي ارض الميدان، او وجود قيادة عسكرية واحدة، بعكس ما نراه من إدعاء سياسي من علي المنابر..
الجبهة الثورية جسم هلامي فاقد للقدرة علي تبني او إنتاج رؤية موحدة ذات طابع قومي، واثبتت الايام انها عبارة عن فائض سياسي، حد الترف في الصراع الاعمى، الذي خصم كثيراً من رصيد المعارضة، و كان له الاثر في طول عمر النظام الهالك، الذي قبرته ثورة شباب اعزل تسلح بالإيمان بقضيته ووحدته، وكانت ديسمبر المجيدة..
كما ذكرنا سابقاً كان لابد من قيام هذا الكيان الصوري في مرحلة ما، واثبتت الايام والمواقف وصناعة الاحداث انه تجاوز صلاحيته، واصبح بلا فائدة..
ما قام به التوم هجو "بنجر" ما يسمى مسار الوسط، في مجمل الصورة العامة هو إنعكاس لضعف الجبهة الثورية، و اجده لا يخرج من امرين..
*صناعة الواجهات والاذرع، لأغراض فرض النفوذ داخل اروقة الجبهة الثورية، برغم انه مرض عام يشمل كل القوى السياسية، ولكن له وجه خاص حيث صراع آخر بين مكونات الجبهة الثورية، وظهر هذا جلياً في اول إختبار لنقل الرئاسة الدورية للدكتور جبريل ابراهيم، زعيم العدل والمساواة، حيث كان الحديث جهراً وهمساً انه لا يمكن نقل رئاسة الجبهة الثورية إلي إسلامي، وإن كان رفيق، وحليف في ميادين القتال، فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وظل الكل يستغل ذات هذا الظهر العاجز، الذي ظل اصل الصراع داخله تحكمه الايديولجيا والتوجه بكل حياء..
سنعرض الي هذه النقطة في مقالات أخرى بكل شفافية، حتي يعرف الناس ما يدور داخل هذا التنظيم، الذي مثل امل عريض للخلاص، والتحرر في مرحلة ما، ولكنه ظل حبيس القاعات والفنادق وأُهدرت اموال كثيرة، في نثريات السفر والإقامة، وإنعكست افعاله في تعقيدات اخطرها مسار الشرق..
* إعلان صافرة النهاية لتعلن موت هذا الكيان الذي لم ولن يتجدد لطالما تمت إدارة الامر فيه بكل خبث، ليمثل التوم هجو بالونة الإختبار لإنخراط الكيانات داخل الجبهة الثورية في حوارات سلام، وإتفاقيات بشكل منفرد، خارج إطار الجبهة الثوربة، دون إستخراج شهادة وفاة رسمية، وإلا ما معنى إعلان هذا المسار في لحظة توقيع الإتفاف فقط، لتتبعه مسارات اخرى؟
الايام ستثبت ان هذا الكيان عاجز عن تحقيق اي تقدم سياسي، وسيشيع قريباً إلي مثواه الاخير، وتبقى الاحلام التي عُقدت عليه كسراب بقيعة، وتظل الجبهة الصورية كما كان يحلو للراحل علي محمود حسنين ان يذكرها بقصد او بلا قصد له الرحمة والمغفرة..
وها هو إعلان مسار دارفور يثبت ذلك، وما مسار الوسط إلا مكافئة رخيصة للعاطل التوم هجو الذي ظل يُستخدم كأداة عفنة موقلة في الفساد، لينجز آخر المهام، ليتفرق القوم..
إذن لماذا هذا كل الجهد الضائع يا هؤلاء..
اعتقد حتى مسار دارفور لا يمكنه تحقيق السلام، لأن القوم تراهم جميعاً وقلوبهم شتى، فهم ذات من يحملون تشوهات جبهتهم الصورية..
إرادة السلام الحقيقية الآن يجب ان تكون خارج إطار الوحدة الهلامية ذات الاغراض، والصراعات، وتكسير العظام، لتكون بشكل منفرد، وكلٌ علي قدر ماعونه، وتكون وحدة الهدف والمصير تحت رعاية حكومة الثورة، والتي يجب تصحيح مسارها بعيداً عن المحاصصة، والاطماع..
ما تبقى من الفترة الإنتقالية يجب ان يستثمر بشكل جيد، وتترك الفرصة الكاملة لرئيس الوزراء حمدوك في حرية الحركة وإتخاذ القرارات..
الاكيد للسلام الحقيقي بلا رتوش ذراعين..
*سلام سياسي يعني تقسيم السلطة، وإرضاء طموح النخب التي ظلت بعيدة عن تطلعات الشعب السوداني منذ فجر الإستقلال، في كل اقاليمه واثبتت التجارب فشل هذا المسار الذي ظل هو الوحيد، و زادت الازمة تعقيداً وإتسعت رقعتها..
* سلام يعني التنمية، و معالجة القضايا الإجتماعية علي الارض، وهذا المسار ظل غائباً، وهو الاساس ورأس الرمح، الجميع غير معني بهذا المسار، والدليل الاغلبية العظمى دخلت في حوارات وتفاهمات سياسية افضت إلي وظائف، وعطايا مالية، دون ان تحرك ساكناً علي الارض..
فالمعني بهذه القضية هي حكومة الثورة بشكل مباشر، لأن الدولة السودانية التي حكمها الجهل والفقر والمرض لثلاثة عقود، لم تستطيع إنتاج مؤسسة قومية يمكنها ان تكون الارض الصلبة التي يقف عليها الجميع..
ويظل الامل معقود علي حكومة حمدوك التي جاءت برغبة وأمر الشعب مفجر الثورة، الذي اجمع عليه بكل اطيافه، في حالة نادرة، قل ما تحدث في السياسة السودانية، بعيداً عن صراعات ورغبات كيانات الحرية والتغيير التي بدت للعيان، رغم الإنكار، و المساحيق الرخيصة..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة