يعجبني كثيراُ ذلك التحول الذكي في عقلية المثقف السوداني !!
في مرحلة بعد ستين عاماُ من التجارب كان لابد من المثقف السوداني أن يقف وقفة شمولية لتقييم تلك التجارب السابقة بطريقة علمية وفاحصة وجازمة .. والمتمعن اللماح من الناس يلتمس في هذه الأيام ذلك الاتجاه الحديث لدى المثقف السوداني الذي يتناول قضايا السودان الكبرى بطريقة جديدة مغايرة كلياُ .. حيث ذلك الاجتهاد من المثقف السوداني الذي ينتقد بشدة وبصفة شمولية مسار السودان خلال الستين عاماُ الماضية .. ولا يخصص انتقاداته بمرحلة سياسية معينة في مسار السودان بعد الاستقلال .. وتلك خطوة بحق وحقيقة بارعة وذكية للغاية .. والكل يلاحظ أن الكتاب في هذه الأيام يوجهون الانتقادات اللاذعة لكافة المراحل السياسية التي مرت بالبلاد منذ الاستقلال .. ويركزون على السوالب أكثر مما يركزون على الايجابيات .. مما يدل على أن حالات الايجابيات كانت نادرة للغاية في تلك التجارب الماضية .. وقد اختفت من أفكار المثقف السوداني تلك الظاهرة في الماضي حيث المدح والثناء لتجربة من التجارب السياسية أو الذم والاشانة لتجربة من التجارب .. مما يدل على أن المثقف السوداني قد بلغ في التفكير السياسي مرحلة النضوج .. واليوم الفكرة السائدة لدى المثقف السوداني هي الخروج كلياُ عن تلك الدائرة المفرغة المهلكة .. والتخلص من تلك الممارسات الموروثة العقيمة التي كبلت خطوات السودان نحو الأمام .. ولذلك نجد في هذه الأيام أن معظم المثقفين السودانيين حين يتناولون قضايا السودان الكبرى لا يكتفون فقط بتناول الأحوال في مرحلة بعينها ,, ولا يكتفون فقط بانتقاد تلك التجربة المتردية لنظام الإنقاذ البائد .. ولكن ينتقدون بشدة كافة التجارب السياسية التي مرت بالبلاد منذ خروج المستعمر .. ويوجهون الانتقادات الشديدة بكل لباقة وذكاء لكل التجارب السياسية السابقة التي مرت بالبلاد منذ الاستقلال .. وهي انتقادات شديدة لا تسلم منها تلك الحكومات المدنية التي حكمت البلاد عن طريق الديمقراطية في أوقات متفرقة .. كما لا تسلم منها تلك الحكومات العسكرية التي حكمت البلاد عن طريق الانقلابات والقوة .. والنظرة أصحبت لدى المثقف السوداني شمولية بطريقة لبقة وذكية يستحق عليها الثناء والإشادة .. فنجده اليوم يتناول قضية السودان بطريقة معممة وشاملة لكل المراحل السياسية الماضية التي مرت بالبلاد دون تخصيص النقد أو المدح لمرحلة بعينها .. والعقلاء من الناس يتمنون أن يستمر ذلك المثقف السوداني في ذلك الاتجاه السليم المفيد البارع .. وهو اتجاه لا يدافع عن جهة من الجهات ولا يدافع عن حزب من الأحزاب السودانية ,, وتلك الأحزاب تمثل عيباُ أساسياُ في التجارب السابقة .. كما يتمنون أن يستمر المثقف السوداني في انتقاد تلك الحكومات العسكرية التي حكمت البلاد عن طريق الانقلابات .. وهي تلك الحكومات التي تمثل الوجه الآخر للعملة الزائفة المهلكة للبلاد .. والصورة برمتها تؤكد أن المثقف السوداني قد أصبح اليوم حراُ من تلك القيود التي تعني الانتماءات والمولاة في السراء والضراء .. ويندر في هذه الأيام أن يتواجد ذلك المثقف السوداني المتعصب المتطرف الذي يستميت من أجل طرف من الأطراف .. أو من أجل جهة من الجهات .. أو من أجل حزب من الأحزاب .. والجميع يحسون في الآونة الأخيرة بأن أبناء السودان اليوم قد تحرروا من تلك القيود العقيمة التي كانت تشوه صورهم وتكبل أقدامهم وأقلامهم .. وقد أصبح ذلك الوطن ( السودان ) هو الهدف الأكبر الذي يستحق التضحيات .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة