:: ترشيد الدعم، بحيث يذهب لمن يستحقه، كان يجب أن يكون حديث الجميع منذ أشهر.. ولكن للأسف، رئيس الوزراء وحده من يتكلم عن ترشيد الدعم المسمى مجازاً برفع الدعم، وهذا خطأ .. منذ أشهر، كان يجب فتح مسارات (الحوار الجاد)، حول قضايا البلاد الأساسية، عبر وسائل الاعلام و أندية الشباب و منظمات المجتمع المدني و لجان المقاومة.. وكثيرة هي القضايا التي بحاجة الى مساحات نقاش واسعة ، ومنها قضية الساعة التي تحدد مصير الاقتصاد الوطني (ترشيد الدعم)..!!
:: وكان رئيس الوزراء قد أعلن قبل أسابيع بأن الحكومة بصدد إجراء حوارات واسعة مع قطاعات الشعب، ليقبل سياسة ترشيد الدعم أو يرفض، وهذا ما لم يحدث حتى الآن .. نعم يجب أن يُشارك الشعب بالنقاش الحُر في صناعة القرار، علماً بأن قرار قبول ترشيد الدعم - أو رفضه - يحدد مصير حاضر ومستقبل البلد .. هناك إيجابيات وسلبيات، وهناك فوائد ومخاطر، و على النُخب السياسية تجنب التنطع و المزايدات السياسية غير المسؤولة..!!
:: والمؤسف، منذ تلويح وزير المالية بملامح ميزانية العام 2010، ثم حديثه عن ترشيد الدعم، وقد أسماه برفع الدعم، بدأت ملامح التنطع والمزايدات السياسية غير المسؤولة في الظهور بلا حياء .. نعم، زعماء بقوى الحرية والتغيير يكاد أن يتحالفوا مع الفلول والثورة المضادة، ضد سياسة وبرامج حكومة الثورة التي هم ( عجنوها وخبزوها)..حال هؤلاء، وهم يرفضون سياسات حكومة هم اختاروا رئيس وأعضاء مجلس وزرائها، كحال زوج يهرب من منزله لكي لايتحمل مسؤولية الحياة الزوجية وتكاليف تربية الأبناء، ، أي زوج غير مسؤول ..!!
:: فالأخلاق - قبل الوثيقة الدستورية - تُلزم زعماء قوى الحرية والتغيير بدعم حكومة الثورة .. وليس من الأخلاق أن يقلب بعضهم ظهر المجن للحكومة لكي لا يتحملوا - مع حكومتهم - مسؤولية آثار سياسة ترشيد الدعم .. نعم هناك آثار مؤقتة لهذه السياسة الاقتصادية، وهي مثل أية أثار جانبية لأدوية يجب أن يتجرعها المريض في سبيل العلاج..فالآثار الجانبية للأدوية لاتمنع العلاج، ولكن التوقف عن العلاج - بسبب الأثار الجانبية للأدوية - يؤدي إلى تفاقم المرض ثم الموت، وهذا ما قد يحدث لبلادنا ما لم نعالج داء الدعم بدواء (ترشيد الدعم)..!!
:: ترشيد هذا الدعم بحيث يحظى به المنتج و الفقير - في مدارسهم ومشافيهم و مدخلات انتاجهم- هو المدخل الصحيح لاصلاح الاقتصاد .. ومن يتنطعون ويزايدون يعلمون أن الدعم الراهن للوقود و القمح ما هو إلا دعم للأثرياء والأجانب وشعوب دول الجوار، و من الظلم أن يتساوى هؤلاء مع ذوي الدخل المحدود في الدعم ..فالقادر على شراء عربة بمليارين يتقاسم حالياً قيمة دعم الوقود مع من لايملك ثمن تذكرة (بص الوالي)، وهذا ظلم .. وبالتهريب تعيش شعوب من حولنا بقيمة دعم قمح شعبنا، وهذا ظلم .. و.. هكذا ..!!
:: يجب ترشيد الدعم، بحيث لا يذهب لمن لايستحق، وهذا هو المعنى الحقيقي لرفع الدعم .. رفع الدعم لا يعني أن يموت الفقير بالجوع و المرض، ولا يعني أن يتسرب ابنه من المدرسة حين يعجز عن دفع الرسوم، بل يعني أن يشبع هذا الفقير بما كان يذهب دعماً لبنزين صاحب العربة لاندكروزر 2019 ، ويعني أن يتداوى في مستشفيات مؤهلة و يتعلم ابنه مجاناً بما كان يتم تهريبه لدول الجوار .. وقبل كل هذا، ترشيد الدعم، المسمى برفع الدعم، يعني الاعتماد على النفس بالإنتاج، وهذا يعني تحقيق أهم أهداف الثورة ( استقلالية القرار الوطني) ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة