لا اعرف لماذا تذكرت ذلك المشهد الآن. دخلت لقسم العظام الى الطوارئ ، وهناك انعطفت الى غرفة مستطيلة عليها نقالات ومكتبان حيث جلس شاب نحيل أسمر واخر سمين وأسود اللون اتكأ على مكتب.. كان يحدق في المرضى بحنق وشراسة. دخل شاب بجرح قطعي عميق في ذراعه اليمنى فارتدى السمين قفازا وفعل شيئا عجيبا. لقد أدخل سبابته بعنف وأخذ ينخر بها الجرح القطعي للفتى يمينا ويسارا وأعلى وأسفل...أدهشني جدا ذلك السلوك. في الواقع..حتى الحلاق عندما يتسبب لك بجرح في رأسك يأخذ قطنة وعليها عطر ويمسح به الجرح ، أما هذا الشخص فلم يفعل ذلك ، لم يحاول استخدام ملقاط عليه شاشة أو قطن.. لم يغمس اصبحه نفسه في مطهر بل مباشرة (طبز) الجرح وأخذ يسرح ويمرح متسليا بالمشهد ثم صرف الغلام. كان يتعامل مع المرضى كما لو كانوا قد اغتصبوا أمه. حانق وغاضب ومتعجرف بشكل غريب جدا. يعرقل المرضى ويتعمد توجيه اسئلة تربكهم كما يفعل محام اتهام مع شاهد دفاع. في النهاية لا يفعل أي شيء هو فقط ينتظر فريسة من المرضى المساكين ليتعمد خلخلة اتجاهاتهم وأغلب المرضى أناس بسطاء جدا. ولكن ..كلو كوووم وما فعله بالجرح القطعي للشاب كوم آخر. لقد رأيت روحا إجرامية ، لا اكتراثية ، وكأنما كان غرضه ايلام الفتى الذي أخذ ينظر بدهشة لما يفعله ذلك المكتنز بجرحه. قبل أن يصرفه دون أن يفعل شيئا. تخيل أن ينخر شخص جرحك الغائر بسبابته كما لو كان يرغب في استخراج نفط من أعماقه.. يدير أصبعه كالمسمار القلووظ ، يرفع الجرح من جلدته العليا لأعلى يتأملها ويمسها بذات السبابة...ثم ينزل بسبابته فيمط الجرح لأسفل بقسوة وبدون بنج ، ثم يمسح الدم بذات السبابة كما لو كان ينظف ساعة يد صينية. أدركت أنه شخص خطر. كرهته جدا..لأنني أعرف الانسان ذو النزعة الإجرامية والمتسمة (في نفس الوقت) بالخسة والجبن متأكد من أنه لو تعرض للمساءلة فسينكمش كابن عرس مذعور خائف..أعرف هؤلاء الجبناء ..أشم رائحة خستهم حتى دون حاجة لرؤيتهم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة