يعيش الناس في هذه الحياة عيشاً مشتركاً ضمن جماعات لها خصائصها الّتي تتميز بها، حيث يؤدي هذا العيش المشترك إلى خلق العديد من الأفعال المتشابهة فيما بينهم والّتي تعرف باسم المظاهر الاجتماعية، وهي من أهم ما يؤشر على مضمون المجتمع، ومقدار إنسانيته، وطريقة تفكيره. تعتبر المظاهر الاجتماعية انعكاساً للأوضاع الثقافيّة، والمعرفيّة، والدينيّة الّتي تعيشها الأمم، وهي بهذا تختلف من منطقة إلى أخرى، باختلاف هذه الأصول، فبعض الأمم تتميز بمظاهر اجتماعية حضاريّة استطاعت بها أن تعكس أبهى الصور عنها، في حين أنّ أمماً أخرى لم تستطع أن تتجاوز حاجز الشكليّات، والعادات البالية الّتي تعيق مسيرة التطور الإنساني، وتحول بين الإنسان وبين إحداث نهضة حقيقية فعليّة وواقعيّة. قد تتأثر المظاهر الاجتماعية أيضاً بأوضاع الأمة السياسيّة والاقتصاديّة، فالأمم في أوقات الانحطاط والتراجع تشهد تراجعاً على الصعيد الاجتماعي. إلى جانب ذلك، فإنّ شدة تعقيد المجتمع تلعب دوراً كبيراً في تحديد شكل المظاهر الاجتماعية المنتشرة بين الناس، ومن أوضح الأمثلة على ذلك اختلاف المظاهر الاجتماعيّة بين القرى والمدن؛ ففي القرى يعيش الناس في في سلام وتعاون، وتكاتف، وتعاضد، فيكونون جميعاً وكأنّهم على قلب رجل واحد، ويعزى ذلك إلى بساطة الناس هناك، وعدم تعرّضهم لما يتعرّض له أهل المدن، من: غزو فكري، وانشغغاهم باللهث وراء كسب العيش وسطوة المصالح مما جعلهم أكثرميلًاًنحو المظاهر الاجتماعيّة المزيّفة، والبعد عن جوهر الإنسان الحقيقي، وفقدان الهويّة الجامعة. الزيف في المظاهر الاجتماعية إنّ الاهتمام بالمظاهر الاجتماعية الشكلية على حساب الجوهر، والأخلاق هو من السمات الّتي تنتشر في المجتمعات التّي تعاني من أزمة حضاريّة حقيقية، فمثلاً يلاحظ بشدة في مثل هذه المجتمعات اهتمام الناس بالأغنياء حتى لو لم يكونوا على قدر عالٍ من الثقافة، أو العلم، أو الأخلاق. كما ويلاحظ أيضاً اهتمام البعض بشراء الحاجيات، والسلع الباهظة حتى لو أغرقوا أنفسهم في الديون، والقروض البنكية، وكل ذلك من أجل التفاخر، والتباهي. أيضاً وإلى جانب ذلك، فإنّ بعض المظاهر الاجتماعية، والعادات السيّئة قد ترهق بعض الفئات في هذه المجتمعات وبشكل يتسبب للبعض المشاكل النفسية، والصحية، والعائلية. إن أفضل المظاهر الاجتماعية هي الّتي تنطلق من القيم الأخلاقيّة، والأعراف الحميدة، والمفاهيم الدينيّة الصحيحة، حيث تمثل هذه المظاهر انعكاساً حقيقيّاً لرحمة أبناء المجتمع الواحد، وتكاتف أفراده، ووعيهم بالقضايا الإنسانيّة المختلفة، ومثل هذه المظاهر ليست حكراً على أمة من الأمم، أو شعب من الشعوب، فهي منتشرة بين جميع الناس على اختلاف أعراقهم، وأديانهم، ولغاتهم، وألوانهم
10-26-2019, 06:11 AM
عمر عيسى محمد أحمد
عمر عيسى محمد أحمد
تاريخ التسجيل: 01-07-2015
مجموع المشاركات: 1825
الأخت الفاضلة / ميادة مبارك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
أثابكم الله .. مقال يتسم بموضوعية فائقة التركيز .. وعلماء الاجتماع يقولون أن الإنسان يعادي الإنسان الآخر ( بالعادات والصفات ) .. وتلك العادات والصفات قد تكون سلبية في جوهرها كما قد تكون ايجابية .. والناس في المجتمعات الواحدة قد يصابون بالصفات المشتركة بطريقة تماثل ( العدوى ) .. حيث يتماثلون في معظم الأساليب والسلوكيات .. فتلك هي أقوالهم ،، وتلك هي أمثالهم ،، وتلك هي اختياراتهم للملابس .. وتلك هي مراسيم التحيات لديهم عند اللقاء .. وتلك هي عاداتهم في حالات الزيارات لبعضهم .. وتلك هي عاداتهم في حالات التعازي لبعضهم .. وتلك هي عاداتهم في حالات المشاركة في الأفراح .. والأمر قد يبلغ حد الحيرة لدرجة أن أفراد بعض المجتمعات يشتركون في نفس المخارج للحروف عند اللفظ !.. فحين يتكلمون يعرفهم الآخرون في المجتمعات الأخرى بأنهم من قوم كذا أو من قوم كذا !! .. والمعضلة أن أفراد المجتمعات الواحدة في بعض الأحيان يمارسون طقوساُ يجدونها مقبولة وبديهية لديهم في الوقت الذي فيه قد تعد تلك الطقوس من المظاهر الغريبة والعجيبة لدى الآخرين .. وخاصة حين يتعلق الأمر بالأديان ( الوضعية ) وبتلك الكيفية في العبادات .. ونقصد بالأديان ( الوضعية ) تلك الأديان الغير سماوية السليمة .. فنجد بعض الشعوب في بعض المجتمعات تمارس أدياناُ وعبادات تناقض العقل والمعقول .. فمثلاُ حين يتخذ الناس في بعض المجتمعات تلك الأبقار ويجعلها ( معبوداُ ورباُ مقدساُ ) فتلك الصورة تعد عادية ومعهودة في المجتمعات الهندوسية .. ولكنها تدخل في خانة الغرابة الشديدة لدى الأمم الأخرى !!.. حتى ولو كانت تلك الأمم الأخرى لا تتبع ديناُ من الأديان ( السماوية أو الوضعية ) .. ولذلك يقال أن الناس في المجتمعات المشتركة قد يخلقون الكثير والكثير من البدع التي تعيق تقدم الإنسانية .. وبالتالي يمكن الحكم جازماُ بأن تلك الصفات والعادات التي يكتسبها الناس بالتقارب والتواجد سوياُ في مكان من الأمكنة فوق وجه الأرض ولفترات طويلة هي معرضة بشدة لتلك المهابط والمزالق في السلوكيات .. وهنا يأتي دور الأديان السماوية التي تصحح الكثير والكثير من المفاهيم البشرية المغلوطة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة