ما أن تخرج حركة العدل والمساواة من جحر ضب حتى تدخل فى دبر نعامة لتصطلى بحرارته، فبالأمس وبعد أن تحفظ دكتور جبريل إبراهيم على عقد مفاوضات السلام فى منبر جوبا وذلك لعدم الكفاءة المالية لدولة جنوب السودان على دفع فاتورة إستحقاقات السلام والبقشيش اللازم، حتى دخلت فى مأزق آخر. الجنوبى الذى تشترى منه الدجاجة بقرشين لتبيع له الريش بثلاث قروش لم يعد بعد الإنفصال وتكوين دولته هو ذاته. نعم الإنسان الجنوبى ما زال بسيطا وعفوىا ومتسامحاً ولكنه لا يجامل ولا يساوم فى كرامته وعزته وعندما يتعلق الأمر بكبريائه يلعب معك جميع الأوراق وإن كنت ولد الموية. بعد الجلسة الإفتتاحية بالقصر الرئاسى، وما أن حل مساء ذلك اليوم حتى وجد الدكتور جبريل إبراهيم نفسه فى جلسة إسترخاء وونسة بالفندق مع مجموعة من المشاركيين فى المفاوضات يتجاذبون أطراف الحديث ويستعيدون الذكريات وينكتون شأنهم شأن السودانيين فى جلساتهم. بهدوء دخل القاعة جنوبى من أهل البلد طويل القامة أبنوسى اللون، ملامحه تبيح بأنه من قبيلة الدينكا، جلس فى كرسى جانبى وطلب كأساَ من الفودكا الروسية ثم إنخرط فى الونسات الجانبية مما يعنى بأنه ليس غريباَ عليهم. أدار قرص الريموت كنترول بإحترافية رجال مخابرات الكى بى جى لتظهر على الشاشة تسجيلاَ لساحات الفداء ومقاطع من معارك الميل أربعين وصيف العبور ومعركة توريت والدمازين وصور من شهداء الحركة الإسلامية، على عبدالفتاح، عبيد ختم، أحمد الكلس، آدم تريو، إبراهيم شمس الدين الخ. ما لم يستطيع أن يبلعه الدكتور جبريل إبراهيم هو المقطع الذى أظهر طائرة عزة للطيران – وقد كان هو مديرها – يهبط فى مطار جوبا ليخرج منه عشرات المجاهدين الذين إستوردهم من الهامش أخاه الأصغر الدكتور خليل إبراهيم – أميز وأشجع أمراء الدبابيين وقتئذ – وهم يجلجون الأرض بالشهادة والتوحيد والتكبير. وصلت الرسالة للدكتور جبريل فخرج بصمت وهو يتصبب عرقاً فى ليلة خريفية إستوائية. ألم نقل أن الجنوبى يخليك تمسك ضنب الكوكو.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة