ليس كل ما يقال أو يكتب ينـــال تـــلك المصداقية والاهتمام !!
لا يتوهم كل من يبذل قولاُ أو يكتب حرفاُ بأن قوله ذلك مقدس ولا يقبل المساس .. ولا يحدث نفسه تيهاُ بأن حروفه تلك سوف تزلزل الأرض تحت الأقدام !.. وقد يرقص طرباُ في أعماقه كلما يبذل قولاُ أو حرفاُ .. كما أنه قد يحس بنوع من تلك النشوة الكاذبة التي تراوغ النفوس .. وفي حقيقة الأمر ليس كل مقال يستحق ذلك التوقف والاهتمام !.. وتلك الأحاسيس التي تراود النفوس هي مجرد مغريات تخدع كالسراب .. وهؤلاء يهدرون الأعمار فيما لا يقدم ولا يؤخر .. والمعضلة الأساسية أنهم يجهلون أو يتجاهلون أن للآخرين عقولاُ توازن الأمور ولا تقبل أي شيء يقال أو يكتب !.. وهي تلك العقول التي لا تأخذ كل حصاد الألسن والأقلام بمنتهى المرونة والسهولة .. ولذلك فإن معظم تلك الثرثرة من الحروف والكلمات تدخل لدى الناس في خانة : ( ذاك مجرد كلام يقال وبس !!! ) .. حيث هي تلك الثرثرة لمجرد استهلاك الأوقات !. والناس في حل من تقبل كل كلام يقال أو كل حرف يكتب .. وهي الناس التي لها وجهات نظرها الخاصة .. كما أن لديها تلك الفراسة والمهارة في تناول المفيد فقط من الكلام .. أما دون ذلك من تلك الحروف والكلمات المبذولة بكثرة وإسهاب فمصيرها أن تذهب جفاءُ كالزبد .
مع الأسف الشديد فإن باحات الأقلام والألسن هي من أكثر الباحات التي تعج بغثاء الكلام .. وهي باحات موبوءة بفوضى الألسن والأقلام .. وتمثل ذلك المعرض الفالت الذي يبيح تداول كل ألوان السلع البائرة !.. حيث يجتهد فيها كل من يقدر ومن لا يقدر .. وكل من يستحق ومن لا يستحق !. وهؤلاء يظنون الصواب رغم تلك العيوب المتمثلة في آرائهم الشخصية الغير معتمدة لدى الآخرين !.. وهي أقوال وحروف مفصلة ومخيطة حسب قياسات وأمزجة أهلها .. وبالتالي فإن تلك الحروف والكلمات في أغلب الأحيان من قبيل تحصيل حاصل .. حيث تدخل من أذن لتخرج بالأخرى دون أثراُ يبقى في الذاكرة .. فكم وكم من تلك الحروف والكلمات التي يبذلها هؤلاء وهؤلاء لمجرد الثرثرة والاستهلاك ثم ترحل مع أدراج الرياح ؟!. وكم وكم من قائل يكثر القول والناس تقول عنه : ( يا ليته صمت وسكت !! ) .. وكم وكم من كاتب يبذل الحروف والناس تقول عنه : ( يا ليته توقف وأمسك !! ) .. وهنالك من يبذل السباب والشتائم دون جدوى ويظن أنه يحدث مفعولاُ !؟.. وعند الحقيقة قد يكون هو أقل شأناُ من ذلك المشتوم .. وهنالك من ينتقد الآخرين بشدة وهو يجهل أن المقصود بنقده قد يجهله تماماُ ولا يبالي بأمره !.. وهنالك من يصول ويجول ليجرح مشاعر الآخرين وهو في حقيقة أمره مجرد نكرة !!.. وتلك كلمات وحروف قد تعجب أصحابها فقط وقد لا تجد ذلك الإعجاب لدى الآخرين .
وفي المحصلة تتجلى ذلك المثل الذي يقول : ( أن الأقزام لا تستطيع أن تحدث الأثر في جبين العمالقة ! ) !!.. فالمقامات والمكانات تظل راسخة وثابتة مهما تجتهد تلك الألسن والأقلام للتقليل من الشأن .. فهي تلك الألسن والأقلام التي لم تكن يوماُ تملك المقدرة في تعطيل العزائم والهمم .. ولو كانت تملك ذلك لما تمكن الأنبياء والرسل .
والخلاصة فإن تلك الحروف والكلمات مهما يجتهد أصحابها بالتلميع والإثارة فهي تدخل في خانة ( مجرد كلام يقال وبس !! ) .. ولا تملك القيمة والأثر بالقدر الذي يظنه هؤلاء الموهومين .. بل هي بالعكس قد تشين صورة أصحابها وتدخلهم في خانة المهدرين للأعمار في الفارغة .. وفي أغلب الأحيان فإن سهامهم طائشة ولا تصيب الأهداف !.. والعيوب في ذلك لا تتمثل في أصحاب المرامي بقدر ما تتمثل في هؤلاء الرماة أنفسهم أصحاب الألسن المصابة بداء الإسهال .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست