منذ اكثر من أسبوع تعاني العاصمة الخرطوم من إختناق مروري مزمن ؛ في كل شارع رئيسي أو فرعي. وهو أمر مربك جدا ؛ لقد حاولت استكناه الأمر ، وتبين لي أن هناك حالات نزوح ضخمة من الولايات للخرطوم وذلك لضعف الخدمات أو انعدامها أو غلاء المتوفر منها. دعنا فقط نشير إلى أن سعر الثلاثة أرغفة هو عشر جنيهات في الولايات ، مع ضعف شامل للخدمات الصحية والمواصلات والغاز وخلافه. ويبدو أن معالجات (المجلس العسكري) وليس حكومة قحط المشغولة بمعركتها مع عبد الحي؛ يبدو أن العساكر قد اتخذوا قرارا بمنح العاصمة أولوية لمنع الاضطرابات. غير أن هذا أدى لنتائج عكسية كارثية. فقد انعدمت وسائل المواصلات وخرجت احتجاجات جماهيرية شاهدت بعضها بنفسي في أطراف العاصمة تعامل معها العسكر بالبنبان فانفضت وعادت وهكذا. والأسوأ من كل هذا أن عمليات النزوح شملت الأسر متوسطة الدخل أي التي تمتلك سيارات وهذا يعني أننا سنشهد شحا في الوقود وربما هناك الآن أكثر من مليوني سيارة دخلت للعاصمة. ستؤدي عمليات النزوح إلى تكديس الطلب على الخدمات ومن ضمنها الغاز والقضاء والمخابز والمستشفيات والصيدليات...الخ. ويعني عدم قدرة العرض على مواجهة إزدياد الطلب فترتفع الأسعار فوق ارتفاعها. لقد تنبأت منذ أشهر بما حدث وأتوقع أن المشكلة ستتفاقم ، خاصة في المستشفيات ، وانعدام الدواء وخاصة الادوية المنقذة للحياة. هذا مع توقعات بظهور الأوبئة والأمراض المنقولة مع النازحين. من ناحية قانونية لا يجوز منع أي مواطن من الانتقال من مكان إلى آخر ولا إعادته لولايته أو قريته وبالتالي لا تملك حكومة المجلس العسكري إلا أن تحاول معالجة مشاكل الولايات بأسرع ما يمكن قبل أن تتحول المشكلة لأزمة ثقة حادة كما حدث للمعالجات المشوهة والخاطئة لأزمة البنوك..فبمجرد أن يفقد المواطن عودة الأمور إلى مجاريها في ولايته لن يتردد في الانتقال للعاصمة حيث الترضيات مستمرة لسكانها على حساب الولايات التي تعاني من مشاكل عويصة خصوصا ما يتعلق منها بتوفير الماء النظيف والكهرباء. الولايات المتحدة الأمريكية وعلى صفحتها في الفيس أعلنت تبرعها بإثنين مليون دولار مما أثار تهكم وحفيظة المتابعين الذين طلبوا منها وقف هذه المسرحية لأن رجل أعمال سوداني واحد يمتلك منازل بأضعاف هذا المبلغ. مع ملاحظة أن تبرعات أمريكا تفرض شروط صعبة جدا حتى ولو كان التبرع بدولار. نرجوا من السودانيين رجال الأعمال والمغتربين بالخارج مد أقربائهم بمساعدات عينية وخاصة المحاليل الوريدية ، والأدوية المنقذة للحياة. إلى حين الفصل في الدعاوى المتبادلة بين البوشي وعبد الحي ونتمنى حين يحدث ذلك أن يكون هناك إنسان حي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة