احتاج الى ان ارحل اسافر فى ربوع بلدى ازور الاهل والاحباب واستمتع باجواء الخريف ورؤية المزارعين والرعاة فى مراحيلهم وقراهم ..... ورؤية البرق يشلع فى البعيد منذرا بالمطر وصخب الرعود وشى من الرهبة والاستبشار والوجل المصاحب ونسمات الدعاش...... احب دارفور وكردفان ومدنى وسنار والدمازين وكوستى واحن الى ايام قضيتها بعطبرة احن الى اللاماب مرتع صباى والنيل وايام الفيضان بها اشتاق الى الجيران اندادى وامهاتهم واتذكر برنامج يومنا بالاجازات الصيفية وافطارات شهر رمضان بالشارع والاعياد اتذكر تجمعنا بالحى لسماع بث الراديو لهلال مريخ ومباريات الفريق القومى بصوت على الحسن مالك والرشيد بدوى عبيد واثارتهم عند الهجمات الخطرة وتوزيعهم للملعب الى مربعات حتى نكون كالمشاهدين وانفضاضنا بعد نهاية المباراة فرحين بالانتصارات وناقمين عند النتائج السلبية وبخاطرى الصيف ببيوت الحلة والاوضة مرشوشة والسرير مفرش ملاية نظيفة والراديو شغال وكم جريدة والساعة نهار والبال فاضى ورائق ونسمة هواء تجيك من الشباك والغداء خضره مفروكة بكسرة وسلطة طماطم وشطة حمراء وليمون والعصر مباراة بميدان الحلة وبعدها المغرب حمام وسباحة بالنيل وشاى المغرب والمسلسل المصرى ثم العشاء والنوم بالحوش تحت النجوم والقمر والسحاب يمشى الهوينى على انغام راديو وبرنامج مايطلبه المستمعون او اذاعة لندن بىبىسى الناس فى بلدى كانوا بسطاء طيبون خيرون ويوم العمل ليس بطويل حيث يمتد حتى الثانية ظهرا وكان موعد عالم الرياضة توقيتا لاجتماع كل الاسرة على الغداء وحفلات الافراح تمتد حتى صلاة الصبح ان لم يفضها السكارى بمعركة كراسى متطائرة ونحن اخر جيل شاهد فنانى الغناء الشعبى حيث يغنى الفنان بالة الرق ويصحبة كورس من الصفاقين وتبدا الحفلة بعد العشاء المكون من كوكتيل طعمية وباسطة وقطعة لخمة وجبن...وتسبقها بيوم حفلة الحناء للعريس حيث يتبارى الصحاب والاهل والجيران بمساهماتهم النقدية والتى لاتتعدى جنيهات معدودة وتعلن بواسطة المكرفون وسط زغاريد النساء ولم تكن الخمرة حراما حيث يجتمع عليها الاصحاب والجيران والاقرباء وكانت هنالك مساحات لرحلات الترفيه بايام الجمعة والاعياد لابناء الحى والمدارس والاسر لحدائق سوبا والفكى هاشم وجبل اوليا والرى المصرى بالشجره وعندما شببنا على الطوق بمراحل المراهقة والثانوى تتداعى زكريات شقاوة الصبا وصور الرفاق من زملاء الطفولة والشباب واطياف جلسات سمرنا وغنانا واول كاسات الخمر وانتشانا واول قصص الغرام فى اعمارنا ووسايل التعبير البسيطة حينما يضج صوت الحب فى قلب الفتى لبنت الجيران والحى ويقضى الايام فى كتابة خطاب يلقيه مسرعا ووجلا فى ايدى الحبيبة ثم يهرب فى لحظتها تاركا لها تلجمها المفاجاة والدهشة فيما تعمل ثم ينزوى خائفا فى انتظار النتيجة باللوم الشديد على فعلته او الاجابة مشاركة فى مشاعره ثم تمر ايام الثانوى وندخل فى زخم وضجة امتحانات الشهادة السودانية وتحدى المستقبل القادم وكانت الفرع وجامعة الخرجوم والاسلامية خيارات الداخل وكان الاتحاد السوفيتى واوربا الشرقيا من رومانيا والمانيا الشرقية واشيكوسلوفاكيا والهند وباكستان والعراق ومصر خيارات الخارج والانطلاق فى غربة مبكرة عن ارض الوطن. واتى انقلاب الانقاذ فى 1989 وتوقف التاريخ والحياة وضجت الدنيا بهتافات الحرب واصبحت الدنيا دفاع شعبى وخدمة الزامية ووصوت مدافع بالتلفزيون عن ساحات الفداء واصبح الشعب جمع مساجين تبحث عن التحرروالهروب خارج الوطن ومن بقى اصبح كالمخدر فى غيبوبة وهو فى ظل الحياة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
سهيل احمد الارباب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست