25 سبتمبر 2019م لا يجادل إثنان أن ثورة 19 ديسمبر لم تكتمل بعد . وأن النظام السياسي العقائدي الذي ساد وحكم البلاد طوال 30 عام لم يسقط بعد على النحو الذي يشتهيه الشعب ... ولكن .... بدلاً من أن ينشغل الناس في وسائل التواصل الإجتماعي خاصة ؛ بتعداد مظاهر وأدلّة عدم سقوط نظام المؤتمر الوطني البائد .. والمطالبة بملاحقة هذا الفرد وذاك وتلك . فإن من الأجدى أن يتوجه الجميع إلى الكليات ، وبيان وتحديد وتحليل الأسباب التي أدت إلى بقاء فلول وقواعد وآليات ومظاهر وأدوات وقوانين ومفاصل هذا النظام ماثلة فاعلة في العاصمة والولايات رغم سقوط الرؤوس . وبناء على هذا التحليل المنطقي ، يتم إبتكار الخطط والآليات وإستحداث القوانين الكفيلة بتفكيك مفاصل هذا النظام الفاشي النازي المافيوي إلى أبد الآبدين ...
ولقد شهدت الأيام القليلة الماضية إحتجاجات طلابية في العاصمة والولايات أبرزث وأوضحت مؤشرات بقاء نظام المؤتمر الوطني البائد في العاصمة القومية لاتخفى على العين المجردة. ربما تبدو مظاهر ونفايات دولة التمكين تسعى على إستحياء وخجل داخل العاصمة القومية وتمترسة فقط في تجمعات بعينها وأوكار نمطية معروفة .... ولكن في الولايات عامة . والمدن والمناطق الطرفية خاصة ؛ تظل مؤشرات ودلائل إستمرار دولة التمكين والقبضة واليد الأمنية القمعية الباطشة أكثر وضوحا وأبرز ..... حتى ليكاد يظن المراقب أن المسألة جزء من إتفاقية تقاسم سلطة ومحاصصة سرية تم إبرامها بين مجموعة من المكونين العسكري والمدني للثورة من جهة ؛ مع قيادات من الصف الثاني في نظام المؤتمر الوطني البائد من جهة أخرى . وأن لبعض ولاة تلك المناطق والقيادات الأمنية فيها اليد الطولى في تحديد الكيفية التي يتم التعامل بها مع ثوار ديسمبر ومنتجات ثورة ديسمبر هناك.
على سبيل المثال فإن إحتجاجات غير مشروعة لطلاب متأسلمين في جامعة أمدرمان الإسلامية وجامعات أخرى في ألعاصمة ..... تقابل هذه الإحتجاجات بكل الحنان واللطف والعطف .... ويجري التعامل معها بزيرو بمبان وزيرو مساس .... ولولا الخجل والخوف من كاميرات الموبايلات لكانت السلطات الأمنية قد وزعت على هؤلاء الطلاب الكيزان الشربات وحلاوة مصاصة ولبان شيكليت... ومناديل ورق لزوم مسح العرق وقشقشة دموع الزعل والبكاء والنحيب.
وفي ذات التوقيت فإن إحتجاجات طلاب مدارس ثانوية دون الثامنة عشر . محسوبين على ثورة ديسمبر ، وعامة الشعب الشريف المناضل في مدينتي نيالا والفاشر . تُـقابل إحتجاجاتهم بالبطش والغاز ، والرصاص والسحل والسلخ والنفخ والإعتقال . والتعذيب والتنكيل والفصل من الدراسة ؛ ذكوراً كانوا أو إناث.
والمصيبة أن إحتجاجات الطلاب المتأسلمين في جامعة أمدرمان الإسلامية ، وأمثالهم طلاب الجامعات الأخرى في العاصمة. بمن فيهم بنغال وهنود ومنسوبي ما يسمى ببوكو حرام وخوكو حلال وطالبان ومنظمة شباب الصومال وغيرهم من شذاذ الآفاق الذين تكتظ بهم جامعة افريقيا المثيرة للجدل بوصفها مفرخة لفكر الإرهاب العالمي ومن أهم أسباب إدراج السودان ضمن قائمة رعاية الإرهاب .. إن هذه الإحتجاجات ذات الأجندة والمؤدلجة لا تقوم على حق . وإنما على باطل صريح سافر ... فهم يحتجون على مصالحهم الفردية الشخصية التي تضررت بسبب إبعاد مدراء الجامعات المتأسلمين ؛ الذين كانوا يجاملونهم في القبول بالجامعات ويراضونهم في الإمتحانات والتصحيح والدرجات ويحجزون لهم مقدماً درجات التفوق بإمتياز ؛ ومراتب الشرف العليا .... ثم والتعيين معيدين والإبتعاث إلى الخارج على حساب الدولة ... إلخ... ناهيك عن رعاية ودعم وتمويل ما يسمى بالأمن الطلابي . وأولئك الذين ذهبوا إلى االحنوب السابق بمسمى الجهاد ... الجهاد الآمـن الذي كان في حقيقته هجائص زإشاعات وأوهام وبربجندا وفبركات تلفزيونية تم تصويرها ما بين العيلفون وحدائق الدندر وأطراف الجنوب المسالمة وداخل حزام السافنا الأخضر العريض في نهايات فصول الخريف ..... رحلات جهاد كانت محض سياحة وإستمتاع بالطبيعة البكر .. وصيد غزلان وطيور... ومتاجرة في سن الفيل وريش وبيض النعام ، وجلد الجاموس وقرن الخرتيت..
ولا نغفل هنا عن ذكر أنه قد تكشف قبل فترة أن هناك تزوير في شهادات هؤلاء الطلاب والمدراء، والعمداء والوكلاء والأساتذة الجامعيين المنضويين في عضوية حزب المؤتمر الوطني . وكذلك لجهة التعيين . وحتى الترقيات الى درجة الأستاذية التي كانت تتم بقرارات سياسية سيادية من رئيس الجمهورية المخلوع عمر البشير.... ودون إعتبار للمتطلبات والشروط الأكاديمية المتعلقة بمنح الدرجات العلمية في الجامعات والمعاهد العليا.
وفي الجانب المقابل حيث إحتجاجات تلاميذ المدارس في مدينتي نيالا والفاشر . كانت أسباب هذه الإحتجاجات مشروعة ومُلِحّة ، وتستدعي النظر وإيجاد الحلول السريعة لها ... خاصة وأن الحلول المتعلقة بالندرة في الوقود والطاقة والخبز والماء والخدمات وغلاء المعيشة بوجه عام يمكن معالجتها ببساطة لأنها مشاكل نشأت بسبب الفســــــاد المنقطع النظير ... الفسـاد المافيوي الممنهج المركّب المتعدّد ، الذي يشارك فيه الجميع من مهربين وتجار ومسئولين حكوميين فاسدين ؛ بتسترون على فساد هؤلاء التجار والمهرببن ويغطونهم أمنيا . ويحولون دون ملاحقتهم جنائيا نظير عمولات وشراكات ورشاوي.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة