تدولت وسائل التواصل الإجتماعي الأيام الماضية ومعها بعض الصحف ومن بينها صحيفة الجريدة ، تصريحاً أو إفادة أدلت بها المدعوة / ميري نادر (مسيحية الديانة) ، وأعتذز مبدئياً عن إضافة تصنيفها الديني وذلك لأسباب تتعلَّق بجوهر الموضوع ، تقول الأخت ميري نادر أنها تفاجأت ولم تصدق أنه قد صدر قرار بتعيين الأستاذ فتح الرحمن جاويش أميناً عام لديوان الضرائب ، وعلى حد قولها أنها كانت تعتقد أن دائرة المعايير التي يتم من خلالها التعيين في مثل ذلك المنصب الحساس وبحسب ما تداولته قيادات قوى الحرية والتغيير وحمدوك نفسه هي بالأساس (تمحيصات) صارمة في سيرة المرشح للمنصب على المستوى السلوكي والمهني والأخلاقي بالإضافة طبعاً إلى التأهيل والكفاءة ، وملخص الحكاية أن ميري أثبتت بالوثائق أن المدعو فتح الرحمن جاويش الذي كان نائباً لمدير عام شركة تعمل فيها المذكورة كموظفة ، قد أمرها يوماً بإرتداء الطرحة (قسراً) و(إجباراً) رغم علمه بأنها مسيحية وعلمه أيضاً بأنها قد إتفقت مع قسم شئون العاملين قبل إمضاءها العقد على ذلك ، وقام (بالتفرغ) التام والعمل الجاد و(المُخلص) على تجنيد كافة جهات الإختصاص بالشركة المذكورة لمجابهتها وإجبارها على لبس الطرحة ، ولكنها قاومت بكل صلابة وحصلت على حكم لصالحها من مكتب العمل بعد حصولها على إنذارين من سيادته (تمهيداً) لطردها من العمل بعد الإنذار الثالث والسبب (طرحة) ، وقد قالت ميري نادر في مكتوبها نصاً دون زيادة أو نقصان (إذا كان فتح الرحمن جاويش قد كرَّس كل طاقات الشركة ومواردها حتى ينتصر بكسر موظفة واحدة ، فماذا يمكن أن يفعل مثل هذا الرجل في مؤسسة مثل الضرائب ؟!).
ومن وجهة نظري الشخصية فإن سؤالها مشروع وقانوني وإستراتيجي إذا ما إستصحبنا في رؤانا حول الموظف أو الإداري الناجح ما يمكن أن نسميه (مؤهلاته السلوكية) ، فقد جابه كثيرٌ من المرشحين لمناصب في الحكومة الإنتقالية الكثير من التدقيقات والتحريات الرسمية والشعبية التي لم تكن تخرج عن كشف حقائق تخُص تاريخهم السياسي أو قدراتهم المهنية ، ولكن لأول مرة نسمع شيئاً عن (النقد السلوكي) والثقافي لشخصيةٍ ما منوطٌ بها أن تفرض في مساحات إختصاصاتها وواجباتها حالةً من العدالة والمساوة والحيادية وإحترام الثقافات والأديان والمذاهب و(الأفكار) المُغايرة ، جديرٌ بالإهتمام هذا المنحى في (تفنيد) ماهية الأفكار والسلوكيات والقيَّم والمراجع الثقافية التي يستقي منها صاحب المنصب الرفيع (أولوياته) في تقييم من يعملون معه أو أولوياته فيما يجب الإلتفات إليه للوصول لنتائج إيجابية في سياساته تجاه تقييم موظفيه وإدارة مصالح الدولة والمواطن.
من حق الشعب السوداني إن يتطلَّع إلى الأفضل دائماً ، وأن لا يكون محدوداً ولا متواضعاً في (مواصفاته) التي يرتجيها في من سيأتون كمسئولين وأصحاب مناصب في العهد الجديد ، فكما يُستبعد كل من تثبت إدانته في جُرمٍ يتعلَّق بالشرف والأمانه ، يجب أن يُستبعد أيضاً كل من يثبت (عدم إيمانه) بالإعتراف بالآخر وحقه في الحرية والعدالة والمساواة والتعبير عن ثقافته وأفكاره ومعتقداته عبر مظهره وأقواله وأفعاله ، إذا سمحنا مرةً أخرى للتطرف والإعتداد بـ (العُلو والسمو) الديني أن يدخل عبر أبواب مراكزنا السياسية والإدارية والفنية ، علينا أن لا نندهش إذا ما سما في بلادنا من جديد الطغيان والفجور والفساد والإستعلاء الفكري والديني وما يتبع ذلك من صراعات أقل مصائبها إستمرار الحروب وإعادة صياغة المرارات والضغائن وخسران الكفاءات لمجرَّد أن توجهاتها ومعتقداتها وثقافاتها الخاصة لا تتطابق مع (ما يتمناه) أصحاب النفوذ والمناصب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة