* إذا أخبرك سودانيٌّ ما أن زميلاً لك قد (ركَّبُوهو) التونسية.. فاعلم أنه قد فُصِل من العمل في دولة الاغتراب.. و أنه عاد إلى الوطن بالطائرة التونسية..
* لكن الذي حدث في تونس هو أن شباباً تونسياً فَصَلوا الأحزاب التقليدية التونسية من الخدمة.. و( ركبوها التونسية) داخل تونس..
* و هذا ما سوف يفعله شباب السودان للأحزاب التقليدية السودانية، فصلا من الخدمة.. و يفعلون ما لا تونس رأت و لا أمريكا سمعت.. و لا خطوط الطيران التونسية حملت! و كل ذلك بعد الفترة الإنتقالية، كما تُبشِرُنا وقائع أحداث ثورة ديسمبر ٢٠١٩ و إسقاطاتها..
* بلغت كراهية الشباب السوداني ( من الجنسين) للأحزاب المتَكَلِسة في السودان مبلغها.. و لم يعودوا يطيقونها في أي مجال بالسودان.. و ظهر ذلك جلياً عند محاولة قيادية من قيادات أحد الأحزاب مصالحة الثوار في ميادين الحراك الثوري فقوبلت بالرفض و الهتاف المضاد و الطرد و تشييعها حتى السيارة المقلة لها بعيداً عن الثوار.. و قبل ذلك، بلغ الكره حدوده القصوى عند ضرب الثوار لأكبر المنافقين ضرباً مبرحاً في ميدان الاعتصام بالقيادة العامة..
* و الصواعق تتراكم و تتهيأ لسحق الأحزاب التقليدية السودانية المتكَلِسة، سحقاً أشد مما سحقت رصيفاتها في تونس.
* لكن، هل نسمي ماحدث من سقوط للمنظومة السياسية التونسية التقليدية سقوطاً صاعقاً؟ بعض المعلقين يُسَمُون ذلك السقوط زلزالاً و بعضهم يسميه: (صاعقة) بينما أسماه بعض المنشدهين: (تسونامي الانتخابات التونسية)..
* فاز إثنان من المترشحين اللا منتمين للأحزاب المهيمنة على الساحة السياسية في تونس.. و التي تُكنَى بحيتان المؤسسة الحاكمة.. و تلك الحيتان محشودة، ظاهرياً، بأعداد غفيرة من الجماهير يعضدها المال و الإعلام و التاريخ..
* و عند الامتحان، لا نفعتها جماهيرها و لا مالها نفعها.. و لا الدعايات الانتخابية المكثفة أعطتها قصب السبق.. و التاريخ يسجل..
* لم يكن المحللون السياسيون يضعون قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري، في عداد الفائزين المحتملين.. خلت دعاياته الإنتخابية من البذخ و الندوات و ضجيج الليالي الانتخابية الصاخبة.. فهو لم يكن متمكناً مالياً و لا إعلامياً.. لكنه كان منحازاً للفُقراء.. و الشباب.. ففوَّزه الشباب و الفقراء!
* و الشباب هم الذين قادوا حملة الدكتور قيس سعيد في الجولة الأولى إلى نهاياتها المظفرة.. و يرتبون أمورهم لخوض الجولة الثانية كي يرسخوا الديمقراطية على نهج مختلف عن التقليدي المدمر لمستقبلهم الواعد، كما يحلمون..
* فالانتخابات الرئاسية التونسية تقتضي أن يفوز بالرئاسة من يحصل على أعلى من ٥٠٪.. و تُجرى جولة ثانية بين الأول و الثاني.. * و سوف ينتصر في الجولة الثانية بوعي الشباب، كما تقول الإرهاصات هناك!
* أما هنا، فنتعجب لحزب تقليدي يتعجل إجراء الانتخابات.. و لا يدري أنه يسعى إلى حتفه بظلفه.. و أن بقاءه هكذا بسمعته ك(حزب كبير) أفضل من أن تعرِّي ضعفه و هزاله أي انتخابات (نزيهة) تُجرى في البلد اليوم أو غداً أو حتى بعدَ بعدِ غدٍ..
* إنه الأعلى صوتاً حالياً و يتعجل كتابة نهاية تاريخه غير مدرك للنهاية الدامية القادمة لذبح حزبه من الوريد إلى الوريد بسكاكين الدوائر الانتخابية في أول انتخابات..
* مسكين! لا يدري ما حدث من فك ارتباط واضح بين جيل الأبناء و جيل الآباء الجالسين على دكة مثبتة في الماضي السحيق موعودون بأمتار في الجنة نظير أمتار في الدنيا.. "و هدايا و بُقَج و وعود بالفرج"!..
* وعي كبير تسيَّد الساحات.. و متغيرات كتيرة فرضت نفسها على الأرض و أحدثت تحولات كثيرة في تضاريس الحياة الاجتماعية و الاقتصادية السودانية، ارتفاعاً و انخفاضاً، و مع ذلك، ما زال الوهم متكلساً في أذهان قيادات احزاب "محلك سر!".. و لا يزال ترؤس الحزب يتم بالميراث إبناً عن أب و كابر عن كابر.. كآباء روحيين لا نظير لهم إلا في عصابات المافيا..
* إنهم مع الواقع في مغالطات دائمة.. .. و هم في كل القنوات يهيمون و يتوعدون بإجراء إنتخابات مبكرة و يشترطون: إذا و إذا..
* لا يريدون أن يستوعبوا المتغيرات التي جرت و تجري في تضاريس ساحة السياسة السودانية! و لن يستوعبوها إلا يوم تصعقهم الصاعقة.. أو يزيل حزبهم زلزال باتع يبعدهم عن الساحة أو تسونامي يمسح الحزب من على وجه التاريخ المعاصر..
* يومها سيعلمون!
* نصيحة:- قولوا لهم ألا يتعجلوا نهاية حزبهم بإصرارهم على التهديد بالانتخابات.. إنها لن تكون في صالحهم!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة