مــــن أراد أن يقـــول ( لا ) فليقلهـــا بطريقـــة حضــارية وعصرية !!
مشينا كثيراُ في دروب الجهل والجهلاء الذين لا يجيدون غير الفوضى والبلطجة .. وأحوالنا تماثل أسواق ( الكيري ) وأهلها .. تلك الأسواق المعروفة بالصراخ والصياح والسباب والخلافات في بعض الأحيان .. والشعوب المتحضرة من حولنا قطعت أشواطاُ بعيدة في أساليب الرقي والتحضر .. ولا تحتاج في مسارها من يماثل ( الألفة ) في فصول التلاميذ الصغار .. حيث يراقب ويسجل أسماء المهرجلين .. وذلك حتى تختفي حالات الهرج والمرج .. والناظر المتعمق في أحوال بعض الناس في هذا السودان اليوم يجد نفس الهرج ونفس المرج مازال سائداُ .. وهو ذلك الهرج والمرج الذي ظل معطلاُ لمسار السودان لأكثر من ستين عاماُ .. وهؤلاء لا يتبدلون ولا يتحولون مع مرور السنوات تقدماُ وثقافة وتحضراُ وفهماُ وسلوكاُ وإدراكاُ .. بل يظلون كالصخرة الجامدة الخاملة .. وهم يماثلون تلك الخشب المسندة التي تحسب كل صيحة عليها !.. لا بادرة من البوادر توحي بأنهم تقدموا فهماُ وإدراكاُ !.. ولا علامة من العلامات تبشر بأنهم تحولوا إلى الأفضل .. هؤلاء لا يعرفون إطلاقاُ آداب الحوار والمفاهمة .. ولا يعرفون آداب الآخذ والرد .. ذلك الحوار وتلك المفاهمة التي تعني إقامة الجسور للوصول للحلول .. تمضي عليهم السنوات تلو السنوات وهم في غيهم يجهلون سبل الخلاص من المحن والمعضلات .
المعروف أن اللحظة الآنية التي يمر بها السودان هي لحظة ديمقراطية مفتوحة ومتاحة للجميع .. وفي مقدور أي إنسان في أية منطقة من مناطق السودان أن يتحاور ويتناقش بمنتهى الحرية دون خشية من العواقب .. وذلك في إطار من الهدوء والسلوكيات التي تناسب الإنسان العصري .. وليس في إطار تلك الأساليب الهمجية التي تليق بالشعوب البدائية .. ومن المؤسف جداُ أن بعض الناس في هذا السودان يظن أن إظهار العضلات والعداوات والخصومات هي التي تجلب الأحقية .. ونقول لهؤلاء : ( الأحقية في نهاية المطاف لابد أن تنال بالحوار الهادئ والمفاهمة ثم الأخذ والرد ) .. وليست بالمناكفات والأساليب البدائية المتخلفة .. تلك الأساليب المقرونة بالبلطجة وإظهار الفتونة !! .. ومن المضحك المبكي في نفس الوقت أن البعض في بعض مناطق السودان يبادر الآخرين بالعداء والسباب قبل أن يبادرهم بالتحية والسلام !.. فهو يخلق العداوة والخصومة من محض الخيال ! .. فكأنه يريد حرباُ مع أي بشر فوق وجه الأرض بغير أسباب وضرورة !.
تلك الأساليب البدائية وذلك التهور المفرط بجانب تلك الخلافات المقرونة بالعناد الشديد قد أجبر العقلاء في هذا السودان مراراُ وتكراراُ أن يستعينوا بالعسكر لإخماد الفتن وإطفاء الفوضى في البلاد .. رغم أنهم كانوا يدركون جيداُ ومسبقاُ بأن تلك الخطوة الجريئة تضع رقاب الجميع تحت سيوف الجلادين !.. وهي تلك الويلات المعهودة في معية العسكر .. ولكن في نهاية الأمر يقول الحكماء من الناس : (للضرورة أحكام ! ) .. حدث ذلك يوماُ عندما تم الاستعانة بانقلاب الفريق عبود .. ذلك الحكم الذي دام لست سنوات عجاف .. وحدث الأمر كذلك عندما تم الاستعانة بانقلاب جعفر النميري .. ذلك الحكم الذي دام لأكثر من 16 عاماُ .. وحدث الأمر كذلك عندما تم الاستعانة بانقلاب عمر حسن البشير .. ذلك الحكم الذي دام لأكثر من ثلاثين عاماُ .. وقد يحدث ذلك مرة أخرى ( لا قدر الله ) إذا توالت حالات الفوضى وعدم المسئولية لدى البعض في هذا السودان .. فهي خطوة متوقعة يراها الفاحصون للأمور .. وتلك حقيقة لا يرضي بها الجميع في السودان .. ولكن تلك هي الضرورة التي تجبر الجميع على الإذعان حيث : ( شر أهون من شــر !! ) ,, وذلك الأمر ليس بمستبعد إذا لم يعقل الجهلاء .
اليوم نجد نفس المشاهد تتكرر في بعض مناطق السودان .. وهي تلك المشاهد المعهودة منذ استقلال البلاد .. حيث البعض الذي يردد نفس العبارة البلهاء : ( لا ) بعصبية هوجاء !.. وذلك قبل أن يستمع لقول القائل .. وقبل أن يعرف حقيقة المقال ! .. تصرفاته وسلوكه مجرد عناد في عناد في عناد !!.. ولهؤلاء يقول العالم المتقدم المتحضر من حولهم : ( يا ناس !! يا بجم !! يا بلهاء الشعوب !! ) الحوار ثم الأخذ والرد هو الترياق والمنطق السليم الذي يخلق الحلول في هذا العصر .. ولابد من الاستماع لما يقوله القائل بكل هدوء ورزانة وتعقل .. ثم الحكم بعد ذلك بالرفض القاطع .. أو الحكم بالقبول القاطع .. أو الحكم بالقبول المتحفظ .. وكل ذلك في إطار من التحضر والتقدم .. وفي إطار من الهدوء التام الغير مقرون بالتشنج والغضب .. والكل اليوم يردد ويكرر القول بأن المطالبة بالحقوق لا تغضب أحدا في هذا السودان .. ولا يحتاج الأمر لتلك الصورة الهمجية والتصرفات الرعناء التي تليق بالشعوب البدائية المتخلفة .. والشعب يعرف جيداُ أن مظاهر الفوضى والبلطجة في البلاد هي التي تجبر أبناء السودان أن يلجئوا لسطوة العسكر والانقلابات كل مرة !.. وذلك لإخماد وإطفاء مظاهر الفوضى والبلطجة .. ولسان حال الشعب السوداني يقول كل مرة : ( رب شر أهون من شر ! ) .. وتلك السلوكيات الغير حضارية والغير عصرية هي التي تجبر البعض في هذا البلد أن يقول : : ( علينا وعلى الجهلاء ,, ولا يهمنا بعد ذلك حتى ولو اطربقت على رؤوس الجميع !! ) .. ومن سخرية الأحوال أن الذين يدفعون قيمة العناد ويضحون بالأرواح الطاهرة والشهداء والأطفال هم هؤلاء الجهلاء قبل غيرهم من الناس !!.. أما الآخرون من أبناء المناطق فيأتي دورهم في المرتبة الثانية حيث التضحيات ومواجهة ظروف الحياة القاسية .. حيث حياة الضنك والجحيم ودفع ضريبة وجريرة الآخرين من الجهلاء بغير ذنب !.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست