الا يستحق ان نعيد النظر في اسس التمثيل السياسي لسكان البلاد التي ابتدعها نظام الإنقاذ ؟ قبل الإنقاذ كان الثمثيل السياسي للمكونات السكانية الإجتماعية والسياسية في البلاد يتم عبر الأحزاب والإنتخابات ، ولأن الإنتخابات كانت حرة ونزيهة فالحزب أو مجموعة الأحزاب التي تفوز في الإنتخابات تقوم بتعين الأشخاص في المناصب السياسية ، وقد تراعي بعض التوازنات داخل الحزب . الإنقاذ جاءت بالمحاصصة المستندة الي القبلية والمناطقية والجهوية ، وخلق هذا الأسلوب المبني علي سياسة فرق تسد خصومات ومنازعات بين المكونات السكانية الإجتماعية والقبلية في كل اقليم ، وكان أحد عوامل تمزيق النسيج الإجتماعي في البلاد . كان من نتاج الحركة الوطنية السودانية التي ولدت إبان الحكم الإستعماري أن نشأت الأحزاب السياسية واصبح الإنتماء السياسي للأحزاب يقوم على المباديء بدلا من الإنتماءات الأخري دينية أو قبلية أو جهوية مناطيقية . كان من المؤمل ان ينعكس الواقع الجديد للثورة على الممارسة السياسية التي افسدتها الإنقاذ بالتلاعب بالمكونات الإجتماعية والسياسية ، والخروج من هذا المستنقع يمكن مقاربته من خلال تبني أسس جديدة تدعم الإنتماء للوطن وتتجنب تهديد وتفكيك وحدة البلاد ، أسس تتبع خطي التغيير وروح الثورة وتنقل العمل السياسي الي مربع جديد ، لكن ما رأيناه في الإختيار للمجلس السيادي الإنتقالي أعتمد على نفس الأسس القديمة . الفدرالية التي تبناها نظام الإنقاذ والتي يعتبرها البعض مكسبا ، اعتمدت كليا علي القبلية ، وظهرت عيوبها في في هذا النوع من الإختيار لتولي المناصب السياسية علي المستوي القومي والولائي ، الفدرالية نجحت في بلدان مجتمعاتها متجانسة أو شبه متجانسة ونسبة الوعي كبيرة ، أما في بلاد مجتمعاتها لازالت تعاني من التمايز العرقي والقبلي ، وتتصدر القبلية الولاء والإنتماء فذلك يتطلب الإبتعاد عن كل ما يصب في إضعاف الإنتماء للوطن . هذا لا يعني إنكار أن يتولي أبناء المناطق إدارة شئونهم بنفسهم لكن ليس من خلال الإنتماء القبلي . القبلية والجهوية كأساس للتمثيل لتولي المناصب السياسية يوفر الفرصة للإنتهازيين وطلاب المناصب واصحاب النعرات القبلية لاستغلالها لأجندتهم الشخصية . ماذا لو كان أتخذنا القطاعات الأجتماعية والمهنية والإقتصادية ، والإنتاجية كأسس للتمثيل في المناصب القومية والولائية ، مثلا يكون للمعلمين وأساتذة الجامعات ممثل وللمزارعين ممثل وللعمال ممثل ، ولرجال الأعمال ممثل وللرعاة ممثل وللمهنيين من أطباء ومهندسين ومحامين وإداريين ممثل علي أن يراعى التمثيل للمرأة والشباب داخل هذه القطاعات ، كأن يكون ممثل المعلمين وأساتذة الجامعات من المرأة ، أو ممثل المهنيين من الشباب وهكذا ........مثل هذا التمثيل يبعدنا من الجهوية والقبلية . قد يبدو ان مثل هذا التمثيل تكتنفه صعوبات ، لكن علينا أن نحاول التفكير في تطوير ممارستنا السياسية إعتمادا علي أسس تبعدنا عن الأسس الحالية المعتمدة علي القبلية والجهوية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة