كانت الفترة الإنتقالية بعد ثورة ابريل 1985 سنة واحدة ، اذ لم تكن المشكلات والدمار الذي خلفه نظام مايو بالحجم والشمول الذي خلفه نظام الإنقاذ . وبالنظر للفترة الإنتقالية بعد ثورة ديسمبر 2018 نجد ان ما ينتظر حكومتها الإنتقالية لتنجزه خلال الثلاث سنوات التي حددت لها لا يمكن وصفه الا بأنه عبء تنوء منه الجبال ، فالقضايا والمشكلات اضافة الي أنها كثيرة فهي شائكة ومعقدة ، وتحتاج لصبر وتجرد ، كذلك فإن الظروف التي ستعمل فيها هذه الحكومة ظروف مختلفة عن تلك التي واجهت الحكومة الإنتقالية لثورة ابريل 1985 ، لذا فان وقوف الشعب لمساعدة الحكومة بمجهوده لابد منه لتحقيق شعارات الثورة في اعتقادي ان اكبر مشكلة تواجه هذه الحكومة ان هذه الحكومة ستعمل والجهاز الحكومي بكامله يعمل بطواقم في مؤسساتها وأجهزتها لا يلتزمون باخلاقيات المهنة ، فهناك أعداد من الذين يحتلون مواقع في الجهاز الحكومي من منسوبي النظام السابق ، وحتي غير الموالين تلوثوا بثقافة وأخلاقيات النظام في العمل التنفيذي التي تتمثل في تسخير سلطات الوظيفة للمنفعه الشخصية وليس خدمة الوطن والمواطن . فهل تسطيع الحكومة ان تحرز تقدما في الملفات التي ستنتظرها بهذه الطواقم التي ستعوق اي خطوات في اتجاه التغيير ؟ ان وجود العناصر التي تؤمن بالتغيير في الجهاز الحكومي يعتبر اجراء حيويا لا غني عنه إذ يمكن الحكومة الإنتقالية من تفادي المعوقات التي يمكن ان تضعها العناصر التي اتي بها التمكين وهذا يقتضي ان تشتمل ميزانية العام القادم أكبر قدر من الوظائف في المستويات العليا والوسيطة والأبتدائية لاستيعاب عناصر جديدة في الجهاز الحكومي قادرة علي تنفيذ خطط الحكومة الإنتقالية للعمل علي اقتلاع مفاهيم وثقافة النظام السابق في العمل العام التي تنظر للمواطن باستعلاء وتهمل حقوقه كمواطن لتحل محلها ثقافة التغيير التي تلتزم باخلاقيات المهنة واللوائح والقوانين التي تضبط العمل وتحاصر الفساد ، واهم من ذلك ان تتغير النظرة للمواطن طالب الخدمة باعتباره السيد ، وأن الموظف جاءت به الوظيفة لخدمته ، وهذا المفهوم كان قد تم استبداله باسلوب الإستعلاء والنظرة الدونية للمواطن في ظل حكومات العهد السابق . إن الحكومة الإنتقالية في فترة الثلاث سنوات إذا أنجزت السلام وصححت مسار الإقتصاد وخلصته من العاهات التي أقحمها فيه النظام البائد ، ووضعت جهاز الدولة بكامله في وضعه الطبيعي الملتزم بالقوانين واللوائح والأخلاقيات المهنية تكون قد انجزت عملا كبيرا فاعادة الدولة المخطوفة التي كانت تعمل بكل أجهزتها لصالح اتباع حزب واحد لتصبح دولة الجميع فيها متساوون في الحقوق والواجبات سيكون اعظم إنجاز للحكومة الإنتقالية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة