الشعب السوداني لا يأكل ولا يشرب ولا يلبس الشكليات !!
فكرة الانتفاضات والثورات قد تكون هي الأولى لبعض الشعوب .. ولكنها هي الثالثة للشعب السوداني .. فهو ذلك الشعب الذي انفرد بتلك الصفة التي توحي بالكرامة والإباء بين شعوب الأرض .. ولذلك فإن الشعب السوداني يملك مخزوناُ هائلاُ من تجارب الانتفاضات .. وتلك التجارب عبر السنوات أكدت لإنسان السودان أن العبرة ليست في الانتفاضات في حد ذاتها ولكن العبرة في الثمرات التي تعقب الانتفاضات .. وبالصراحة التامة فإن الشعب السوداني لم يحصد يوماُ ثمرات أحلامه التي خاض من أجلها تلك الانتفاضات .. وبالتالي فإن الإنسان السوداني قد أكتسب نوعاُ من المناعة ضد الشعارات الجوفاء والمسميات الشكلية التي تلاحق عادة الانتفاضات .. وهو ذلك الإنسان السوداني العادي البسيط الذي لا يهتم كثيراُ بتلك المسميات .. ولا يهتم كثيراُ ببرتوكولات المؤسسات الإجرائية التي تحدد كيفية الخروج عن بوائق الأحوال .. حيث تلك الثرثرة الوفيرة عن عضوية وأعضاء مجلس السيادة .. والثرثرة الوفيرة عن عضوية وأعضاء مجلس الوزراء .. والثرثرة الوفيرة عن عضوية وأعضاء المجلس العسكري .. والثرثرة الوفيرة عن موجبات وسلبيات الفترة الانتقالية .. والثرثرة الوفيرة عن تلك الأحلام والآمال العريضة التي يداعب بها البعض عن استحقاقات الفترة المدنية الدائمة المقبلة .. والثرثرة الوفيرة المملة التي تدور حول بنود الدستور المؤقت للبلاد .. والثرثرة الوفيرة التي تدور حول بنود الدستور الدائم للبلاد إذا قدر لها ذلك .. فهو ذلك الشعب الذي سمع ما يكفي من تلك المسميات والشكليات عند أعتاب كل مرحلة سياسية جديدة .. كما سمع ما يكفي من تلك الشكليات عند اقتلاع جذور الحكومات التي كانت قائمة .. وبالملخص المفيد فإن الشعب السوداني قد أدرك بمقدار الجزم والحزم بأن تلك الشكليات هي مجرد مضيعة للأوقات والاستهلاك .. ولا تبدل إطلاقاُ في حياة الإنسان السوداني إلى الأفضل والأحسن .. فالشعب لا يأكل تلك الشعارات والشكليات .. ولا يشرب تلك الشعارات والشكليات .. ولا يلبس تلك الشعارات والشكليات .. بل هي تلك الدوامة من الإجراءات الصورية التي لا تقدم ولا تؤخر .. ولا تمس حياة الإنسان السوداني الذي يكابد المشاق .. ولا تطرد إطلاقاُ حالات العذاب والشقاء والغلاء والبلاء التي تقع في الحياة اليومي للإنسان .. ومن غرائب الأحوال التي تجلب الشفقة أن البسطاء الجدد من مواليد الأرحام الذين لم يمروا بتلك التجارب القاسية المريرة يطربون حين تقع الانتفاضات .. ولا يعلمون بأن تلك الأحلام قد تخمد وتموت في مهدها بين ليلة وضحاها .. فهي تلك الأحلام التي يعقبها السراب في تجارب السودان المعهودة .. ورغم ذلك فإن الشعب السوداني يتمنى هذه المرة أن تكون تجربة الانتفاضة الثالثة مغايرة لتلك التجارب السابقة .. ويدعون الله الكريم أن يجعل التجربة الأخيرة ناجحة ومفيدة بالقدر الذي يحقق أمنيات وطموحات أبناء وبنات السودان .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة