كنت قد ناديت عند استلام البرهان للسلطة (واستمراره حتى الآن مع تطعيم سلطته بأرجوزات الساونا والميكاب وحمامات الزيت) ، بأن يطالب الجميع بأمرين: - مؤتمر جامع واسع لمناقشة تسيير الدولة منعا للانقسامات. - أن يكون رئيس الفترة الانتقالية من دارفور أو جبال النوبة أو الشرق. كان ذلك هو الطريق الطبيعي والمنطقي والبداية حسنة النوايا لحلحلة كل مشاكل الدولة. فالمؤتمر الجامع سيكون فيه المجلس العسكري أقلية تذعن لرأي الأغلبية. وقيادة أحد كفاءات الهامش كان يعني كبح انحدار الدولة نحو التفكك. لكن بالتأكيد كان للشعب (البحري) رأيه الآخر. واستطاع المجلس العسكري بحنكة ودهاء كبيرين أن يدق اسفين الفرقة بين الثوار. لقد تفاوض المجلس العسكري مع كل القوى السياسية مجتزئة حتى يمنع أي تحالف جماعي بينها. قام بجمع كل القوى الأهلية واجتمع بها. واجتمع بكل القوى الشبابية الثورية داخل ميدان الاعتصام. وتفاوض مع قحت لوحدها وهكذا انعزلت كل قوى عن بعضها البعض وزادت الضغائن بينهم. وركز مع قوى الحرية والتغيير وبدأ في ضعضعتها وتكسير مفاصلها حتى انتهى الأمر بمهزلة الأمس وخطاب الشاب الغلبان الذي كتبه هو وتلاه الأصم فنسبوه للأخير لمجرد وسامته ، وكما قلت من قبل فهذا الشعب ذمته واسعة ويسرق الكحل من العين فالكيزان لم يأتوا من المريخ. ومنذ أول وهلة بدأت حرب نفسية تمارس ضد كل قيادات دارفور وخاصة من قبل الشيوعيين ؛ فشلة الشيوعيين ومعهم الكيزان خبيرة في الاغتيال الأدبي لكل من يختلف معها وصناعة عجولها المقدسة. والحق يقال فالاغتيال الأدبي ليس شيمة الشيوعيين وحدهم فكلنا يعرف أن ألشعب كله متمرس في شيطنة بعضه البعض. وهذه الشيطنة بدأت تجاه الجنوبيين منذ الاستقلال وإظهارهم كجهلاء وذوي رائحة عفنة (كما قال الخال الرئاسي سابقا) ، تم تهميش الجنوبيين الذين لم يسأموا ولم يملوا من النضال رغم ضعف الإمكانيات ثم بعد خمسين عاما نالوا أرضهم وتركوا خلفهم الشماليين يضربون أخماسا في أسداسا يعضون أناملهم حسرة وندامة. ومنذ استلام برهان للسلطة بدأ التاريخ يعيد نفسه. فهاهو عبد الله علي ابراهيم يتحدث عن شره الجبهة الثورية للوظائف رغم أنه يعرف أنه قبل يوم واحد فقط من التوقيع دار صراع وظائف حامي الوطيس وتمت اقصاءات ومناشدات ومفاوضات ، ورغم أنه يعرف أن ما يسمى زورا بمجلس تشريعي تحول الى محاصصات داخلية بعد صراعات طويلة حول محاصصة سبع وستين في المائة. وها هو ود قلبا (برضو من ذات المنطقة المتعفنة) يعتبر مناوي جاهلا ولن يفهم خطاب الأصم (الذي لم يكتبه الأصم بل ولا حتى هو بالحديث الخطير الذي لا يفهم لكنهم طبعا خلقوا منه كتابا مقدسا فعظموه وعبدوه وطافوا حوله) ، ثم قبلها تجهيل لحميدتي ومن أسموه مستر نو (عبد الواحد) ، ...الخ.. ذات الأمر وهم يأتون بكومبارسات لا يعلمهم إلا الله ويعتقدون بأنه لا توجد كفاءات غير كفاءاتهم وأن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون. تستمر عمليات استخدام الميديا لتشويه قبائل لها تاريخها من خلال قياداتها ، واشعارهم بالوضاعة والخسة وتتفيههم بالنكات السمجة والبوستات المتهافتة والصور النتنة وهذا من خسيس النفس ودنيئها ... إنها حرب نفسية شاملة من فئة حكمت لأكثر من ستين عاما بخريجيها من الجامعات ودكاترتها وبروفيسوراتها ثم أنتجت الحاضر البائس وأب سنة يضحك على أب سنتين. وكذلك ستضحكون. سيستمر هذا الغباء وسيؤدي حتما إلى ما انتجه غباء الآباء الأولين ولو بعد حين. إن قصر النظر والتهافت على الحكم والسلطان ، يعمي الأبصار عن المشاكل الحقيقية والجادة التي لا تحتمل العقول السفيهة هذه. هذه المشاكل لا تحل بدبلجة الصور الساخرة من الآخر ومحاولة تحطيمه معنويا لأن ذلك ما حدث من قبل وما أسفر عن انفصال ثلث مساحة الدولة وذهاب النفط والغابات والمعادن والمياه وسائر الخيرات إلى أهلها وكانوا من قبل لا يحسبونه واقعا فإذا بهم يرونه رأي العين. علينا أن لا نكذب على أنفسنا ؛ فالخطاب المنتشر اليوم خطاب عنصري وإن تدثر بالمزحة والتبريرات المخاتلة ، والحق أن الإنسان يعلم ما بدواخل غيره من خير أو شر ولو لم ينطق بها. فترى النفوس وقد تنافرت وبعدت بينها الشقة وكأن لها منها دهرا بعيدا..أخيرا فإني لكم ناصح أمين ولكنكم لا تحبون الناصحين وسأنظر وتنظرون وإنه ليوم آت لو تعلمون لا تملكون له دفعا. وإلى الله قصد السبيل..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة