*ولكل أجناس من البشر منطقها الخاص، لغةً... ولهجة... ولساناً.. *والدواب... والزواحف... والحيتان...والكلاب، كذلك.. *فالقط - مثلاً - قد يبدو مواؤه مفردة ذات تكرار... لا معنى لها.. *وفي المقابل قد يبدو له كلامنا نحن البشر تكراراً سخيفاً لنبرات... لا معنى لها.. *كل ذلك مفهوم لنا معشر الإنس، ومعروف... ومقبول.. *ولكن هل يمكن لأحدنا -مهما شطح خياله خيالاً - تخيّل أشياء صمَّاء تنطق؟!.. *نعم، إن كان له مثل خيال صديقنا فهمي... ربما.. *فصديقنا هذا كان باب غرفته يذكره بصدمته العاطفية في كل لحظة.. *كل لحظة يفتح فيها هذا الباب... أو يغلقه... أو يواربه..
*أما ما كان ينطقه الباب فهو (مس آيزاك).... ويفهمها فهمي (مش عايزاك).. *وهي العبارة التي صفعته بها فتاته على وجهه... وقلبه.. *وعندما قام بتشحيم مفاصل الباب - تخلصاً منها - فاجأه بأخرى... أشد وقعاً.. *فقد صار يئن بصوت مكتوم (أننن بكرييييك).. *وما كان فهمي بحاجة إلى قاموس منطق الأبواب ليفهم أن ترجمتها (أنا بكرهك).. *وهو آخر ما سمعه من محبوبته... قبل الفراق.. *وقبل أيام عُلِّمت أنا منطق شيء أصم (فصيح)... وهو قنينة عطر.. *فعندما كنت أتعطر لصلاة الجمعة وقعت مني... فنطقت.. *نطقت فور ارتطامها بسطح المائدة الخشبي... وصرخت (ساب بتل).. *وحين انزلقت مني مرة أخرى صرخت الصرخة ذاتها.. *ثم انتبهت إلى أن (منطوق) الصرخة عالجه عقلي - بترجمة بشرية - ليبدو مفهوماً.. *فإذا به (شعب بطل)... طيب ما معنى هذا الكلام؟!.. *اجتهدت كثيراً في محاولة فهم صرختها ذات الحشرجة.. *ثم صرخت بدوري فجأة : هل المقصود - يا ترى - (أيها الشعب السوداني البطل)؟!.. *إنها العبارة التي كان يصيح بها (أحدهم) عند فجر الإنقاذ.. *ويصيح بها فجر كل يوم جديد... فسُمي (ديك الصباح).. *والرسالة التي أراد تبليغها للشعب (النائم) أن هبوا إلى صلاتكم... ودينكم... وآخرتكم.. *تماماً كما ينبه الديك (الصيَّاح) النائمين - فجراً - للصلاة..
*طيب، ما زلت عاجزاً عن فهم الرسالة التي أرادت القنينة توصيلها إلى عقلي.. *ولعنت القنينة... والعطور... والشيطان، ودخلت المسجد.. *وطفق الإمام يتحدث عمَّن كانوا يسوقون الناس إلى الدين، وساقتهم الدنيا.. *وحديث القنينة لا يزال في رأسي... يزاحم حديث الإمام.. *والحديثان - البشري والمادي - لا يبدو أن ثمة رابطاً منطقياً بينهما.. *ولكن حديثاً بين اثنين - عقب الصلاة - لفت انتباهي.. *كان عن أوضاع يسوقها السودانيون الآن مقارنة بأوضاع كانت تُساق إليهم.. *ثم تختبر قوة تحملهم... وأنهم فعلاً (الشعب السوداني البطل).. *وانتهزت الفرصة لأسألهما - بتطفل - عن حال قائلها الآن.. *فقيل لي : يقيم بقصرٍ كافوري... وله فارهات حسناوات... وسكت عن الصياح.. *وبات يكره الشعب السوداني.. *البطــــــــــــــل !!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة