هل هناك فعلاً ثورة مضادة . . ؟ أطرح هذا السؤال، بعد أن تابعت بعض الكتاب والمتحدثين الذين تحدثوا وكتبوا عن الثورة التي تشهدها بلادنا وأدت حتى الآن إلى إسقاط الطاغية عمر البشير. إلا إنها لم تسقط كامل نظامه بعد، نتيجة لمقاومة بقاياه ممثلين في المجلس العسكري الإنقلابي الذي وقف حجرة عثرة أمام إستكمال الثورة كل صفحاتها. عاونه في ذلك بقية رموزه وخلاياه وكتائبه ومليشياته، وجوقة الفاسدين واللصوص والحرامية الذين إستفادوا من النظام عبر صفقات الفساد وشبكاته المتعددة خلال الثلاثون عاماً الماضية. هذا النشاط المعادي من جانب بقايا النظام للثورة وأهدافها، يصفه للاسف بعض المدافعين عن الثورة بالثورة المضادة . . ! وهنا نتساءل هل مفردة الثورة المضادة، هي في حد ذاتها مفردة صحيحة لغوياً وفكرياً وسياسياً . . ؟ أستطيع أن أقول بكل طمأنينة وثقة أن مفردة الثورة المضادة هي مفردة خاطئة لغوياً وفكرياً وسياسياً . وتقدح في ثقافة من يردد، عبارة الثورة المضادة. وتؤكد مدى التصدّع الثقافي الذي يرزح فيه. بغض النظر عن أسم هذا الشخص، وموقعه وعنوانه وتاريخه السياسي المعارض ودرجته العلمية. أقول ذلك: لأن الثورة، فعل خلاق، يروم تغيير واقع الحياة نحو الأفضل. بينما العمل المضاد للثورة، هو عمل هدام، هدفه قطع الطريق على التغيير المنشود، لذلك ليس صحيحاً، بإي حال من الأحوال، أن يوصف هذا النشاط المعادي للثورة. بالثورة المضادة . مثل هذا العمل الهدام، يوصف بالمؤامرة وليس بالثورة المضادة. كما قلت : الثورة هدفها تغيير الحياة نحو الأفضل، والتخلص من القهر والظلم والأوضاع غير المقبولة. بينما العمل المناقض هدفه إدامة واقع الظلم والمحافظة على الأوضاع البائسة التي خرجت الأغلبية من الشعب ضدها وقدمت التضحيات في سبيل الخلاص منها. إذن كل من يردد هذه المفردة في الفضائيات أو يكتبها في المقالات، هو يخدم بوعي منه أو بجهل منه، أعداء الثورة ومخططاتهم، لأنه يعطيهم أحساس بأنهم أصحاب قضية مشروعة، تستحق أن توصف بالثورة المضادة. لذا دققوا في المفردات، قبل الزج بها في المعترك الفكري والسياسي والثقافي. المعركة من أجل الثورة، لا تخاض بالمسيرات والتظاهرات والدماء والأرواح فحسب برغم أهميتها ، وإنما تخاض أيضاً، حتى بالكلمات التي نستخدمها للدفاع عنها . الطيب الزين.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة