إستكمال الوعى والبناء ليس بزوال النظام بل يجب أن يشمل التغيير الاحزاب التقليدية
بقلم: السر جميل
يتميز المجتمع السوداني بعدد مقدر من الأحزاب السياسية يصل إلى 36 حزبا، البعض يغلب عليها طابع التكتلات العقائدية أكثر منها أحزاب سياسية ديمقراطية. ويطفو على هذه التكتلات والأحزاب هالة من القدسية الوهمية للقيادات التاريخية. تتعامل بعض من هذه الاحزاب بعقلية عفى عنها الزمن - تمنع الاختلاف ولا تقبل النقد الذاتي بل تعتبره هجوما عليها لا يستند الا للتقليل من قدرها ويقدح فى مسيرتها الوطنية. كما تردد القيادات السياسية فيها على مر التاريخ الديمقراطية المزيفة كواحدة من أدوات الخداع السياسي. والمفارقة لا تقبل حتى التغيير فى كوادرها القيادية والتعديل فى دستورها. ويظل الرئيس فيها رئيسا وللأبد.
كشفت الثورة المجيدة القناع عن وعي شباب السودان اليوم، وعن مفهوم الأحزاب الحقيقي لديهم ودورها الواجب أن تطلع به فى أحداث التغيير المنشود. شباب...؟ لن يقبل بأنصاف الحلول والإرتهان لأشخاص. وحتى تكون هذه الأحزاب فى دائرة أهتمامهم والبقاء على الساحة السياسية، لابد من ثورة سليمة داخلها أيضا بعيدا عن العصبية والكبرياء وذلك بضرورة النقد الذاتي والتجديد فى صفوف قياداتها ورفدها بوجوه وطاقات شبابية جديدة. تنبع من الحاجة الملحة لواقع اليوم بأهداف ورؤي جديدة معبرة. والتكيف مع المستجدات وعقلية شباب سودان اليوم الذى يرفض التبعية جملة وتفصيلا.
لأن الأحزاب هى تنظيمات جماهيرية مرتبطة ببيئة ومجتمع ديناميكي فإن عليها مواكبة ذلك من خلال إجراء تغييرات داخلية على المستوى التنظيمي والفكري تخاطب عقول شابة تختلف عن آباءهم الأولين؟! ولا يتأتي ذلك إلا من خلال إجراء حساب مع الذات تقوم من خلاله القيادات والأفراد والتنظيم الحزبي بتوجيه النقد الذاتي لأنفسهم والاعتراف بالتقصير والمضي قدما بإجراء إصلاح جماعي بعيدا الاناء وتقديس الأشخاص وحصانتهم ومكانتهم حتى تكون ظاهرة صحية تؤدي إلى تصحيح المسار وتصويبه. ويستوجب الصراحة والوضوح والشفافية وإعادة النظر فى خارطة جديدة للحزب تتماشي مع الراهن السياسي ويلبي تطلعات واشواق منسوبيها وحاجات المجتمع.
إن القيادة الأزلية أو عبادة المناصب وقداسة أسماء محددة اصبح اليوم موت الحزب على السياسية بلا جدال. إن المطلوب من الجيل الشاب فى تلك التنظيمات ثورة ضد الهيمنة الأبوية إن لم تتم بتفاهم تام بين المخضرمين والجيل الصاعد سيكون التوريث هو البديل والإحساس بأنها متعافية من عقدة 'الزعامة' المطلقة ضربا من الديمقراطية المزيفة التى لم تطبقها على نفسها فكيف على وطن ضحي شبابه بالأرواح من أجل التغيير ؟ التجديد الذى ننشده لا يتنكر للقديم بل يكمله ويصويب كل الأخطاء حتى ينعم سوداننا بديمقراطية حقيقة على سدة الحكم ومعارضة وطنية جديرة بالثقة والاحترام خارجه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة