كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
لعنات دارفور تلاحق الخرطوم ,, بقلم إسماعيل عبد الله
|
07:26 PM June, 27 2019 سودانيز اون لاين اسماعيل عبد الله-الامارات مكتبتى رابط مختصر
منذ ستة عشر عاماً ظل شبح الحرب يخيم على إقليم دارفور , فالحروب عندما تندلع لا تستأذن أحداً , ولا يرى علاماتها وإماراتها إلا من وهبه الله قوة البصيرة , أو كما يقول أهلنا البقارة : (الدنيا تلد بلا درة) , أي أن مصائب الدنيا تحدث دونما مؤشرات واضحة أو إمارات بائنة , فهي ليست كالجنين الذي تحبل به أمه فتكون شهوره معدودة و مرصودة إلى حين ميقات بروزه إلى بهو الحياة , و (الدرة) تعني إمتلاء ثدي الأنثى باللبن قبل ميعاد الولادة (أنثى كل من الانسان والحيوان معاً) , الأمر الذي ينبيء بقرب أوان قدوم المولود الجديد. أيضاً , عند احتدام المعارك لا يفيد طرح السؤال الغبي : من هو الباديء و ما هو السبب ؟ لأنه حينها تكون الأولوية لإيقاف الحرب ولا لشيء آخر غير ذلك , ثم بعده تاتي أهمية التنظير و الحديث و الحوار و التفاوض , واسألوا الذين لدغوا من هذا الجحر , فهم أولى بالحديث عن مآلآت الحرب و مآسيها , وصدق مضمون عجز بيت الشعر الذي يقول :(إنّ الحرب أولها كلام) , فما يحدث من إثارة للكراهية بين مكونات المجتمع العرقية و الجهوية , من قبل حملة الاجهزة و الحواسيب اللوحية المنتشرين حول كوكبنا الأخضر , سينتهي بتفجر بركان الحرب داخل عاصمة البلاد. لقد بدأت ذات الشرارة من قبل في الأقليم المنكوب , بحمل بعض الفتية لأرواحهم على أكفهم , و اتخاذهم لقرارهم المصيري بأنهم يريدون الحرية و الانعتاق , مثلهم مثل جماعة الحرية و التغيير التي نشدت ذات الحق الانساني اليوم , لكن وبحكم تعقيدات واقعنا السوداني الاجتماعي في جميع أقاليمه , وتداخل أجندة النخبه السياسية مع الأجندة الأجنبية , إضافة إلى طموحات الشعب المشروعة في الحياة الكريمة , اندلع صراع بيني في اقليم دارفور, تماماً مثل صراع المجلس العسكري ومؤيديه من جانب , و قوى الحرية و التغيير وجمهورها من الجانب الآخر , هذا الصراع الذي تجري احداثه الآن. القتال البيني بين مكونين رئيسيين في اقليم دارفور آنذاك أفقد ثورة الشباب قيمتها , و مع مرور الوقت تساوى الثائرون مع المدافعون عن السلطة المركزية من بني إقليمهم , تساووا في الحجم والقيمة , ففقدوا بريقهم و لمعانهم الذي أبهر شعب الأقليم إبان أيام انطلاقتهم الأولى , والسبب يرجع إلى الانجرار خلف الجزئيات و ترك الكليات التي حملوا من اجلها السلاح , وفي سباق الكر و الفر هذا فقدت اجيال بأكملها أرواحها , وضاع حق بعضها في التعليم و الرعاية الصحية , وذلك بجلوسهم مدة قاربت العقدين من الزمان تحت ظلال رواكيب البلاستيك شحيحة الظل , في معسركات الذل والهوان نازحين ولاجئين يبحثون عن الأمن و الأمان. فالخلاصة التي خرج بها أهل الأقليم من هذه المأساة ولكن بعد فوات الأوان , هي أن الثورة الحقيقية لا تعرف العنصر ولا الجهة و لا الدين و لا اللون السياسي , وأن الاقصاء و الاحتكار و البغض و الكره ليس من سمات الثائر الحقيقي , ولنا عبرة في رمزين وثائرين فاضت قلوب شعوب الدنيا بحبهما (جيفارا و مانديلا) , فالأول قال (أينما وجد الظلم وجدت) فقاتل جنباً إلى جنب مع ثوار افريقيا , وهو الفتى الأرجنتيني القادم من امريكا اللاتينية , والثاني (مانديلا) وهو الذي دعا سجانه الذي كان يتبول على رأسه صباح مساء في الزنزانة , إلى مائدته ليتناولا معاً وجبة الغداء في المطعم الذي جمعتهما به الصدفة , بعد أن حقق الزعيم حلم شعبه , ونعود فنقول أين ثوارنا من هذين الرجلين؟! مالم تشهده الخرطوم منذ حملة المستعمر الغازي كتشنر حتى الآن , هو الاستباحة والفوضى و انفراط عقد الأمن و الهرج و المرج , وربما هذا قدرها منذ قرنين من الزمان عندما اتخذها محمد علي باشا مركزاً لتجميع الرقيق و الذهب , تمهيداً لارسالهما إلى مصر , إذ ما تزال هذه العروس الفاتنة تثير لعاب المتربصين من حولها , وما انفك بعض ابنائها النرجسيين يضربون دفوف الحرب ليل نهار , أملاً منهم في إخراج المسلحين التابعين للمجلس العسكري الانتقالي الحاكم من عاصمتهم المحبوبة , هؤلاء المسلحون الذين يأكلون البيتزا كما تؤكل العصيدة , على حد وصف أحد مشاهير ملاك مواقع التواصل الاجتماعي السودانية , الذي يقطن أحد أعرق أحياء هذه المدينة المثيرة للجدل , في استنكار صارخ منه لوفود مثل هذه الاجسام الغريبة والمدججة بالسلاح الى مدينته الهانئة , يصولون ويجولون ويأكلون الوجبات السريعة بطريقتهم التقليدية. السودان بحاجة إلى قائد روحي ملهم , فمنذ المهدي عليه السلام لم يطأ أرضه هذا الأنموذج الوطني المشرف إلا الراحل جون قرنق , ومن سوء طالع هذا البلد أن شعوبه دائماً ما تسعى لحتفها بأقدامها , إذ أنها لا تفرق ولا تمايز ما بين أصدقائها وأعدائها , لذلك تجدها في اللحظات التاريخية الفاصلة لا تنقاد إلا خلف الهزيل من القادة , و تنأى بنفسها عن الوطني الغيور الصادق والأمين.
إسماعيل عبد الله [email protected]
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: لعنات دارفور تلاحق الخرطوم ,, بقلم إسماعيل (Re: حلات جضومي)
|
ول أبا سماعين سلام .. بدأت في أرشفة بعض كتابات أبناء الهامش بغرب دراستها بشكل عملي .. وبالذات المقالات التي تطرح الأشكالات .. سواء تطرح أسئلة أو تقترح خلاصات .. وفي نيتي أن أجمع عدد كبير من المقالات لأبناء الغرب عموماً .. وهذا المقال أرشفته تخت تاريخ النشر اليوم الموافق 4 يوليو عام 209، نشر بصفحة أراء حرة ومقالات بسودانيزأونلاين.
البقاري
| |
|
|
|
|
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|