حينما نتكلم عن علي ابن ابي طالب فإننا يقيناً نتكلم عن المنهج و الأخلاق و الخِصال التي تحلت بها هذه الشخصية المثالية التي أعطت للبشرية أكثر مما أخذته منها، فشخصية الخليفة علي ( عليه السلام ) جديرة بأن تكون مفخرة للأجيال في كل زمان و تستلهم منها الدروس و العِبَر فتستذكر مناقبها و تصدرها للأمم الأخرى كي تنهل من معينها المِعطاء، و حريٌ بنا أن نربي فلذات أكبادنا على معانيها الإنسانية النبيلة، فهذا الأنموذج الذي تربى في مدرسة الرسول محمد ( صلى الله عليه و آله و سلم ) و تعلم في حجره الكريم الأخلاق الحسنة و قيم العدالة الاجتماعية التي يتساوى في مضامينها العربي و الأعجمي فلا فرق بينهما إلا بالتقوى، فعليٌ رجل المواقف الصعبة و القيادة الضرورة، فرغم مرور السنوات الطِوال إلا أن صدى موقفه الحازمة لا تزال تصدح بها الحناجر المعتدلة ؛ لما قدمه من خدمات جليلة و كثيرة في الوقت نفسه تصب في مصلحة الإسلام و عامة المسلمين، فهو بمواقفه النبيلة قد وضع النقاط على الحروف و بشكل الصحيح، ولنا خير شاهد على ذلك ما قاله الخليفة عمر ( رضي الله عنه ) بحق علي : ( لولا علي لهلك العمران ) كلمات تستحق منا التوقف عندها و التأمل بمضامينها التي تدعو إلى الوحدة الصادقة و نشر ثقافة التسامح و المحبة و التعايش السلمي بين جميع الملل الإسلامية، بالإضافة إلى ما تحمله من جواهر كلامية و معاني نفيسة، فعليٌ لم يك بذاك الرجل الذي يحتاج لغيره من البشر ؛ لأنه الإيمان كله وكما وصفه بذلك رسول الله يوم الخندق بقوله ( خرج الإيمان كله ) بل هو بحد ذاته موسوعة علمية فكرية معرفية واسعة، فنهجه القويم هو بمثابة المقدمة الناجحة في طريق التكامل الإنساني ، فهو ( عليه السلام ) المرآة العاكسة لما عند نبينا الكريم من خُلُق حسنٍ، و شمائل طيبة، و أخلاق حميدة، فهو الامتداد الطبيعي للجوهرة المحمدية الأصيلة الناصعة، هو المضحي بدمه و نفسه و ماله أمام عزة ديننا الحنيف و علو كعبه، و خيبر خير شاهد على شجاعته و بسالته التي مكنته من سحق أشجع الشجعان كيف لا و الفرسان تخشى منازلته حتى استطاع من رفع راية الإسلام خفاقة فوق سور خبير ذلك السور الذي عجزت الأقوام تلوَ الأقوام من اقتحامه، علي دار العلم و الفكر، علي باب مدينة علم النبي، علي رمز الكرامة الإنسانية و عنوانها الرصين، علي الناطق بالحق و الصدق و العدل و الإحسان، عليٌ آثر طاعة الكِرام على طاعة اللئام، فنال أسمى درجات الشهادة ؟ فهذا كتاب كنز العمال ج6 ص156 ينقل ما جاء عن أم المؤمنين عائشة ( رضي الله عنها ) ما قاله الحبيب المصطفى بحق علي : ( النظر في وجه علي عبادة ) فإذا كان النظر في وجه علي عبادة فكيف بحبه و إتباعه ؟ وهذا ما بينه المحقق الصرخي بالمحاضرة (8) من بحث تحليل موضوعي في العقائد و التاريخ الإسلامي في 12/8/2016 فقال: ( جعل الشارع المقدس حبَّ علي حباً من الله و حباً لله، و أنه علامة الإيمان، و أن الإيمان ينتفي بانتفاء هذا الحب، وفي المقابل جعل البغض المقابل له علامة النفاق و استحقاق العقاب و النار، فهل فعل الله تعالى ذلك عن عاطفة و هوى و ترجيحٍ من غير مرجّحٍ ؟ أو هو عقل و حكمة و مصلحة و ملاك و علةٍ و استحقاق ؟ ) .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة