بعد ان تولى السيد حيدر العبادي رئاسة الحكومة للمدة من 2014 الى 2018 شرع الى اتباع سياسة انفتاح العراق على محيطه العربي والإقليمي، وسعى لتعبيد الطريق في مسير علاقات العراق مع بعض الدول العربية بعد قطيعة طويلة شابها خلافات عدة لا سيما مع السعودية في اعقاب تقاذف التهم ما بين البلدين بتهم تتعلق بدعم الارهاب في العراق واطلاق فتاوى التكفير والسماح لتوافد إرهابيين. في حين كانت السعودية ترى في العراق تابعاً ومتأثراً وينفذ اجندة طهران في معاداة المملكة والتحاقه بمشروع الهلال الشيعي الايراني العراقي السوري اللبناني، اضافة الى دعم بعض الحركات الشيعية في السعودية والبحرين وبقية دول الخليج، الا ان تلك الرؤيا ما بين الطرفين قد جرى تجاوزها بعد تبادل الزيارات الرسمية وايجاد فرص للتعاون واهداء العراق مدينة رياضية تعزم السعودية انشائها في بغداد تحت مسمى مدينة الملك سلمان الرياضية. هذا التقارب قد تحول من مرحلة التخطيط الى التنفيذ وهو ما شهدناه مؤخراً من زيارة وفد رسمي سعودي ضم قرابة 100 شخصية رفيعة المستوى من مختلف الشخصيات التقوا خلالها بالرئاسات الثلاث، فضلاً عن افتتاح قنصلية سعودية في بغداد والاتفاق على فتح ثلاث قنصليات اخرى في مدن عدة من العراق لتعزيز التعاون وتقديم التسهيلات لمواطني البلدين، ايضاً جرى الاتفاق على فتح معبر عرعر البري ما بين البلدين اضافة الى عرض العراق لأكثر من 186 فرصة استثمارية امام الوفد السعودي، في مقابل ذلك اجرى السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي زيارات اقليمية وعربية شملت كل من ايران والسعودية لتعزيز ذلك التعاون وتأطيره بالأطر الرسمية. ويبقى السؤال هنا هل يتمكن العراق من مسك العصا من الوسط وايجاد موازنة ما بين إيران والسعودية؟ العراق ذو التأريخ الطويل والبنية الثقافية والاجتماعية الريادية على مستوى المنطقة العربية قادر على اعادة مكانته في القضايا العربية الشاملة ودوره المحوري الذي ينطلق من موقعه ودوره المهم، لذلك وبالرغم من صعوبة الموقف باعتبار ان العرب ابتعدوا طيلة السنوات السابقة عن ايجاد ارضية مناسبة لإعادة العراق لحضنه العربي، كما ولا ينكر متانة علاقة العراق بإيران والتداخل الاقتصادي والسياسي والديني معها، لذلك هناك اشخاص متضررون من هذا التقارب ووجود ماكنات اعلامية تتبع لجهات متنفذة تعمل جهاراً نهاراً لأثارة الخلاف مجدداً واظهار الجانب المظلم من تلك السياسة وتعزف على الوتر الطائفي، الا ان العراق وبما هو موجود اليوم من معطيات فإنه قد يمضي في الابقاء على سياسة الحياد والابتعاد عن سياسة المحاور الا ان الامر يحتاج لتضافر الجهود وحنكة سياسية واتباع خطوات تراكمية لتعزيز ذلك الموقف عبر التالي: 1- الجميع يعرف أن إيران اليوم تمر بصعوبات جمة جراء الحصار الأمريكي، والعراق بوابتها الكبرى لتجاوز مشاكلها او التقليل من شدتها، وهنا على صانع القرار العراقي التحرك لإجراء مفاوضات جديدة وتعديل بعض الاتفاقيات القائمة، ومنع جميع اشكال التدخل في شؤونه الداخلية. 2- الضغط على بعض الجماعات التي هي خارج سلطة الدولة وتتبع لجهات خارجية بضرورة خضوعها للقانون او دمجها تحت اطر الدولة او اتخاذ الاجراءات الوقائية الحازمة بحقها. 3- محاسبة وسائل الاعلام المثيرة للازمات او التي تنشر ما من شأنها احياء التوتر او تسعى لتهديم علاقات العراق سواء مع إيران او السعودية. 4- استثمار التقارب مع السعودية لإعادة البناء والاعمار بما يحقق طموح المواطن لا ان تحال لجهات وشركات تحوم حولها شبهات الفساد. 5- مغادرة كل ما من شأنه تعكير ذلك التقارب على ان يبقى العراق بعيداً عن الاملاءات الخارجية ومن اي طرف كان. * باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-Ⓒ2019 http://http://www.fcdrs.comwww.fcdrs.com
مشكلة الإنفتاح على المهلكة السعودية .. تتمثل في التمويل وصنع طابور خامس كما يحدث في لبنان وبقية الدول العربية.. ويتباين التدخل من دولة لأخرى...
ففي لبنان يتمركز التدخل في وضع العصي في دواليب الدولة اللبنانية وتعطيل تشكيل حكوماتها لأهداف تخدم الكيان الصهيوني.. مثل قضية سلاح حزب الله، ويمكن أن نتذكر ذلك التدخل السافر في الخمسينيات حين وضعت المهلكة الكثير من الأموال في بنك أسمه الأنترا .. بقصد التحكم في الساحة السياسية اللبنانية.. فكان من المذهل أن يتدخل هذا البنك فيمن يترشح للبرلمان اللبناني ومن يكون رئيسا للوزراء إلى درجة .. اصبح تهديدا واضحا.. فتدخلت الدولة اللبنانية وأفلست هذا البنك .. وبالأحرى تم نهب ماله وتوارى عن الأنظار... ولكن الشق الأهم هو رغبة السعودية السيطرة على دور النشر اللبنانية لتمهيد الطريق للآحادية الدينية والعقائيدية براية ابن تيمية.. وتعتبر لبنان المورد للثقافة والكتب.. لذا كان الإختراق.. وتصاهر "الأمير الثوري" طلال بن عبد العزيز ..وقتها وتصاهر مع عائلة الصلح فكان الوليد بن طلال النتيجة لهذه التدخل...
بينما في دولة مثل العراق.. تم الاختراق السعودي الوهابي منذ أن طُرِد صدام من الكويت. بتحالف البعثيين الصداميين مع السلفية الوهابية .. ومثاله عزت الدوري الخ
أما في السودان فتم التدخل عبر فتح الابواب للطلبة السودانيين الدراسة في الجامعات السعودية فتم إستغلالهم كناقل لجرثومة الوهابية وابن تيمية.. وعادة لمن يرغب فيهم أن يكون داعية في السودان توفر له السعودية راتبا شهريا من السفارة السعودية في الخرطوم مثل عصام أحمد البشير، ومحمد الأمين والكثير منهم..
ويتمثل خطأ العراقيين في الإنفتاح على المهلكة السعودية ليس حصرا في الخوف من الأموال التي قد تتدفق للطابور الخامس .. بل يتمثل في الإعتراف بأيديولوجية هي خارجية، اي تنسب إلى الخوارج وفكرهم.. كان من الأفضل للعراقيين .. أن يجعلوا علاقتهم الدبلوماسية بالمهلكة في الحد الأدنى... في الحد الأدنى الأقصى. ولكن كما نرى.. أنفتحت حكومة العبادي بشكل كامل.. وها يشكل خطورة حقيقية على العراق... ستحول سنة العراق إلى الوهابية بالكامل... وسعملون إلى ق العراق إلى نصفين متقابلين متناحرين....!!
وهذا رأي مع الاحترام الشديد للعملية السياسية العراقية الحالية التي خطت خطوات جيدة نحو الوطنية العراقية ونبذ المحاصصة السياسية والمذهبية والطائفية التي زرعها بول بريمر.. الذي سعى لتحويل العراق إلى لبنان آخر.. كما فعلت معاهدة الطائف...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة