ما منشأ العنف في حياتنا السياسية من مثل ما رأينا في استباحة العاصمة خلال ثورة ديسمبر؟
قلت دائماً إنه لم يقم أي من حكامنا المستبدين يريد خراب البلد الذي انتهوا إليه في خاتمة المطاف. لم يولدوا مستبدين غير أنهم ترعرعوا في الاستبداد بوجهين. الوجه الأول هو عزتهم بمشروعهم (اشتراكي، علماني، وطني) النازل من عل لا يتطرق له شك ولا مساءلة. أما الوجه الثاني فهو أنهم وجدوا دولة جرى تصميمها على عهد الاستعمار الإنجليزي على خطة العنف. فجاءنا الإنجليز صفوة أجنبية سكرى بمشروع تمدين المتوحشين من أمثالنا. واحتاجوا، وهم فينا قلة، إلى العنف الواضح والمستتر لتنفيذ مشروعهم. وسعوا لتلطيف وحشتهم فينا بتحالفات مع "الأهالي" يواثقون هذا في يومهم وذاك في غدهم حتى نفد مددهم من التحالفات وتطلبوا الله في ظروف معروفة.
ووجدت بياناً لتأسيس دولتنا على العنف موروثاً من الإنجليز في كلمة الجنرال أرشبيلد هنتر الذي استباح أم درمان بعد هزيمة المهدية في كرري في 1889. وصار حاكماً على المدينة حتى استدعوه ليشارك في حرب البوير (1902) التي تلاقي فيها الإنجليز ضد بيض جنوب أفريقيا من أصول هولندية. واتسمت هذه الحرب بفظاظة مشهودة حتى أن معسكرات الاعتقال للعشرات مما جرى تطبيقه فيها لأول مرة.
وسترى كلمة هنتر تتحدث عن عنفهم في استباحة أم درمان بما يعيد للأذهان عنف الإنقاذ في العاصمة خلال ثورة ديسمبر. فاستباحة أم درمان سابقة لفظاظة الإنقاذ بحذافيرها وكأنها من مذكرات ضابط في قوى الأمن الإنقاذية. فأنظر إلى ما قاله الجنرال هنتر وما ذاع من فيديوهات لاقتحام قوى الأمن بيوت "الأهالي" وترويع أهلها. قال هنتر: "الآن بإمكاننا الاستمتاع كصبية صغار يلاحقون مجموعة من الفئران بمخزن للحبوب في مزرعة ما. فقد انفقنا النهار وما بعده من وقت ونحن نقتحم البيوت، نتردد بين الأزقة، نركل البواب بأقدامنا، ونكسر البوابات والمنافذ ونحن نلاحق هؤلاء الشياطين في كل مكان. معظمهم استسلم لنا ولكننا قتلنا لاغم ذلك ما تراوح بين ال300 وال400 منهم".
والدرس للثوريين: لا ترثوا تركيب الدولة القائمة على عواهنها تبدلون ثوباً بثوب. فككوها. فهي دولة الرعايا حتى ولو تولاها ثوري يزفر شررا. ولن تُكرم المواطنة في السودان بآلة حدباء مصممة للأهالي الأتباع.
الفضل للفت نظري لنص هنتر للدكتور محمد مصطفى موسى من مخطوطته المميزة عن صدى ثورة المهدي في العالم.
لا يا عبد الله خليك منصف وحقاني: إستباحة السودان وليس "العاصمة" و إنتهاك حرمة البيوت وحرمة أجساد لم تبدأ في منذ أو تفاقمت في ديسمبر الماض بل وصلت ذروتها ولم تقل بعد منذ 30 يونيو 89 وسيادتك سخصياً كتبت أنك جهزت شنطة الإعتقال منذ أول يوم لولا أن جاءتك دعوة لحضور مؤتمر الحوار ا في شتاء 89 ومنذها آثرت الصمت حتى رأيت ما رأيت في السنين الأخيرة أو الشهور الأخيرة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالله علي إبراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست