يوم أمس 11 ابريل سيظل هو اليوم التاريخي ألأميز بكل المقاييس، ومن أعظم أيام دولة السودان في التاريخ الحديث، فقد خرجت جموع الشعب السوداني عن بكرة أبيها سيولا بشرية جارفة في مسيرات هادرة منتشية بسقوط حكم (الطاغية) وهو السقوط المدوَي لحكومة المؤتمر الوطني بعد ثلاثون عاما عانى فيها الشعب اسوأ عهود الفساد والإستبداد في تاريخه. ولكن سرعان ما مارس النظام عادته السيئة في معاداة الشعب وإستفزازه وإجهاض فرحته، حيث جاء بيان الجيش الذي إنتظره الشارع السوداني على أحرَ من الجمر ولأكثر من 6 ساعات متواصلة لم يكن سوى مسرحية .
فكان من الطبيعي جدا والوارد ان ينتفض الشارع (الهادر فرحا) مرة أخرى بعد الصدمة القاتلة التي تلقاها عقب إذاعة البيان الذي جاء مخيبا للآمال بتشكيل مجلس عسكري إنتقالي لمدة عامين وما تلاه من قرارات معلومة للجميع، وكان من المتوقع جدا أن يكون رد فعل الشارع عنيفا للغاية، ورافضا له وهاتفا ضده، وملبيا بسرعة كبير لدعوة تجمع المهنيين وحلفاؤه من قوى إعلان الحرية والتغيير بالبقاء في الشارع وعدم فضَ الإعتصام، وبالتالي رفض كافة ما يترتب على البيان الذي جاء ضعيفا ركيكا يخفي تحته لغة مبطنة أوضحت تماما إستمرار حكم المؤتمر الوطني الذي يرفضه الشارع جملة وتفصيلا وقاد من أجله أعظم ثورة في تاريخه.
البيان أعلن عن عزل رئيس الجمهورية وإبقاءه في (مكان آمن) ولم يوضح مصيره ومصير بقية أعضاء حكومته والنظام ممن عاثوا في البلد فسادا، أعلن ايضا إغلاق مطار الخرطوم لمدة 24 ساعة وجميع المنافذ الحدودية بينما شاهد الجميع الطائرات تقلع وتهبط بشكل طبيعي ولأكثر من 6 ساعات عقب إذاعة البيان، الامر الذي شكك الثوار في حقيقة الشائعات التي تحدثت عن مغادرة أفراد النظام البلاد تحت رعاية وغطاء الحاكمين.
البيان يوجهالإتهام المباشر لحزب المؤتمر الوطني ونظامه فيما وصلت إليه البلاد من درك سحيق وإكتفى بالإشارة إلى ذلك بلغة خجولة لا ترقى لمستوى بيان انقلاب على السلطة بعد فشلها في آداء مهامها. ولم يشير إلى حل جميع مؤسسات الدولة بل أكد على إستمرارية عمل ولاة الولايات ووكلاء الوزارات ما يعني إستمرار حكم المؤتمر الوطني بذات الوجوه والصلاحيات.
ولم يتحدث عن تسريح الجيوش الجرارة من مليشيات النظام من الجيش الشعبي والامن الشعبي والامن الطلابي وغيرها من كتائب تتبع للحزب الحاكم. والإبقاء فقط على المؤسسة العسكرية الممثلة في(قوات الشعب المسلحة)، ولم يتحدث عن حلَ لجهاز الأمن والمخابرات. ولم يطمئن الشارع حول مصير قيادات النظام السابق والمتهمين في قضايا جنائية ترقى لمستوى جرائم الحرب، ولم يتحدث عن مصير من تسببوا في مجازر الإعتصام الاخير ولا التظاهرات السابقة له.
الواضح أنه تمت سرقة الثورة من قبل منظومة الفشل والفساد والإستبداد وليس هناك مجال لتحقيق مطالب الثوار إلا بإستمرار الإعتصام وشلَ دولاب العمل بالدولة لحين تحقيق المطالب المشروعة التي أعلنتها قوى إعلان الحرية والتغيير بتكوين مجلس سيادة من مدنيين وعسكريين تتولى مهام الإدارة وممارسة سيادة الدولة لفترة انتقالية مدتها اربع سنوات.
المشهد الآن : قسماُ وقسماُ بالله فإن الأغلبية من الشباب والشابات الذين كانوا يعتصمون أمام القيادة العامة للقوات المسلحة قد عادوا لبيوتهم منذ إعلان ابن عوف ،، وذلك حين تيقنوا أن نظام الإنقاذ قد تولى من الساحة بغير رجعة ،، وحين تيقنوا أن نظام البشير قد جرى فيه شعار ( تسقط بس ) مائة في المائة ،، ولكن مع الأسف الشديد هنالك فئات حراك التجمع المهني هي على البعد وتريد مواصلة مناوشات غير منطقية وغير عقلية في مقابل عروض منطقية وعاقلة للغاية من جانب الجيش السوداني ،، وفي المؤتمر الصحفي اليوم كان موقف الجيش واضحاُ للغابة بالقدر الذي يرضي طموحات الجماهير السودانية الثائرة .. فنقول لتلك الفئات التي تريد أن تدير الأحداث من خارج البلاد أن الذي يده في النار ليس كالذي يده في الماء !!!!! ،، وهل يدري هؤلاء الذين يريدون أن يحركوا الشعب من خارج البلاد أن حالات الاعتصام والمواجهات والمناكفات والتواجد في الميادين يومياُ ليست بتلك السهلة المتاحة لكافة الشعب السوداني الذي يعاني الأمرين ؟؟ ،، وعليه نقول لهؤلاء لا تعتمدوا كثيراُ على حالات التسويف والمماطلات ،، ففي مرحلة من المراحل سوف تقل الهمة لدى الشعب السوداني ،، وسوف تكون العملية برمتها روتينية يومية عادية لدى العامة ولدى السلطات ،، حيث التواجد في أماكن التجمع المقترحة بنفس القدر الذي يماثل التواجد في الأسواق العامة يومياُ !!!!! ـ فأين العقل والمهارة في ذلك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة