ليس الخطر من الخنق الاقتصادي الممارس على النظام هو الموت جوعا ، فالشعب قد يقتات على لحاء أشجار النيم المرة عندما يضطره الأمر ، لكن الخطر هو ما ستزفه لنا الأيام القادمة من انعدام الدواء المنقذ لحياة المرضى ، وحينها سيعيد ماركيز كتابة روايته عن قصة موت معلن ولكن مكانها لن يكون في أقاصي أمريكا اللاتينية بل ستكون الفاجعة في القلب الأفريقي المبتلى بعدد سنوات عمر تشكله. لا أعرف كيف ستمر كارثة انعدام الدواء حينما تطفوا إلى العلن ، لكن دعوني أشير إلى أن الصيدليات اليوم مكتنزة بالبامبرز أكثر من بضعة صناديق متبقية من الأدوية المنقذة للحياة. وعندما أقول هذا فليس ذلك بنبوءة ليسوع المسيح ، وإنما حقيقة لا يعلم بها سوى من كان على ذلك شهيدا. الصيدليات الآن على أرفهها صناديق لأقراص السعال والملاريا وبضعة انواع أخرى ولكنك ربما ستسعى بين الصيدليات كلها بحثا عن أدوية الأمراض الخطرة الفتاكة فلا تؤوب إلا بخيبة الأمل. مخازن الدواء تكاد تكون خالية على عروشها ومن الأفضل أن تخزن فيها حبوب الأرض من قمح وذرة لمواجهة أشهر عجاف يأكلن أشهرا أقل منها عجفا وبؤسا. إن دورنا كمواطنين اليوم هو دور أخلاقي يجب أن يتثبت بقيمة التكافل وليس الايثار انما توزيع الخطر ، لا تشتر دواء من أدوية الامراض الخطرة وتخزنه بل علينا جميعا أن نشتري الدواء بما يكفي لشهر على الأكثر لنتيح لإخواننا المرضى الآخرين فرصة إيجاد دواء يمنحهم الحياة لشهر هم أيضا فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. أو نهلك عن بينة وقد حيينا من قبل على غير هدى. كما أناشد الإخوة المغتربين بمحاولة دعم المرضى من أقاربهم بالداخل بالأدوية اللازمة ، وأولي القربى أولى بالمعروف ، فالقادم أدهى وأمر. وفوق هذا أناشد الدول العربية والإسلامية الصديقة للشعب السوداني بأن تتجاهل ولو على استحياء أوامر الأوفاك الأمريكي وترسل ما تقدر عليه من دواء قربى إلى الله والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. السادة المواطنون الأجلاء... إن أزمة الدواء القادمة هي الأكثر خطرا من أزمة الوقود ورغيف الخبز ، وعليكم إذ تكشفت أمامكم ألا تصابوا بالهلع وقد خلق الانسان هلوعا ، إذا مسه الشر جزوعا. بل عليكم بالثبات ، وتحكيم التناصر والتعاضد والأثرة وحب الخير وتشارك البلاء والتمالوء على دحض الجائحات بجمع الإرادات وتوحيد الصف وإعمال العقل قبل القلب لتجاوز المحنة التي فغرت أفواهها المتعفنة اليوم..فالأيام الحالكات قادمات ولا سبيل لتجاوزها -إن استطعنا- إلا بالصبر. آن أزمة الدواء لمستها لمسا وعرفت أنها ستتفاقم عما قريب ، وانها ستتجلى في بضعة أسابيع أو أشهر على أفضل تقدير. فتثبتوا واصبروا وصابروا ورابطوا ، وكونوا عليها لا لها. ألا هل بلغت..اللهم فاشهد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست