|
|
 لكبح جماح الإرهاب بقلم جورج ديوب
|
03:46 AM March, 18 2019 سودانيز اون لاين
جورج ديوب-استراليا
مكتبتى
رابط مختصر
في أقصى شرق الأرض بلد تشرق عليه الشمس أولا ,بلد هادئ وديع آمن . يتسلل إليه مجرم عنصري إرهابي بجنسية غير جنسية البلد ليهلجم أبرياء وهم سجد يبتهلون إلى الله متضرعين أن يعم الأمن والسلام والعدل العالم كله . فجأة وبينما هم يرفعون الدعاء تنهمر عليهم رصاصات قاتلة تحصد العشرات منهم بينهم أطفال قال الله فيهم ( دعوا الأطفال يأتون إلي لأن لهم ملكوت السموات )
لم تكن مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية الموسومة بالتعايش الآمن بين مكونات سكانها تتوقع عملا عنصريا إرهابيا بهذا الحجم وضد عدد من المهاجرين اللاجئين إليها طلبا للآمن والطمأنينة بعد أن تحملوا كل مشقات الهروب من أوطانهم ومن الجحيم الذي كانوا يعيشون فيه , وإذ بالمصائب والويلات تلاحقهم وتحصد أرواحهم بعد أن اطمأنوا أنهم في بلد منحهم كل الطمأنينة والأمان , لكن المجرم برينتون تارانت لم يرأف بهم فدخل المسجد وبدأ بإطلاق النار العشوائي دون أن تخالجه رحمة بالأطفال المتواجدين بين المصلين
العملية الإرهابية في نيوزيلندا أكدت أن الإرهاب ليس مقتصرا على مكون من مكونات الشعوب دينيا كان أو قوميا ولا على لون , ولم يبرأ منه أحد على وجه الأرض فالجميع مارسوه بأبشع صوره وحشية وإجراما , ولهذا فالبحث عن جذوره عقيم وغير مجدي , وبداياته كانت مع بدء البشرية حيث قام قابيل بقتل أخيه هابيل ومنذ ذلك الحين ولحد هذه اللحظة لم تهنأ البشرية بفسحة من الأمل , وبعد مرور ملايين السنين على وجود الإنسان على هذه الأرض وحدوث حروب مرعبة استمرت سنوات وسنوات وحصدت أرواح الملايين من الأبرياء ودمرت الكثير من الإنجازات الإنسانية الهامة التي بناها الإنسان عبر ملايين السنين , رغم كل ذلك لم يحاول العالم ممثلا بحكوماته ومسؤوليه التوصل إلى تعريف الإرهاب ووضع قوانين تحد من توسعه وانتشاره وتحرمه تحريما كاملا , خاصة في العصر التكنولوجي الحديث وإمكانية التوصل إلى حلول لهذه المشكلة
لايمكن إعفاء الغرب والدول الإستعمارية من مسؤولياتها في تفشي ظاهرة الإرهاب التي تعم العالم ولا يمكن اتهام المسلمين بوقوفهم وراء هذه الظاهرة رغم بشاعة الممارسات التي مارستها منظمة داعش في سوريا والعراق وليبيا وغيرها , ورغم العمل الإرهابي المدان الذي قامت به القاعدة بتفجير مركز التجارة العالمي بنيويورك سنة 2001 , هذه الأفعال رغم إدانتها إلا أنها لا ترقى إلى مستوى الأعمال الإجرامية التي قامت به أميركا في اليابان أثناء الحرب الثانية بضرب المدن اليابانية بالقنابل الذرية والحرب الوحشية ضد فيتنام والحرب المدمرة على العراق , وما فعلته فرنسا أثناء احتلالها للجزائر مدة 132 سنة , وكذلك بريطانيا في فلسطين بمنحها لليهود المنتشرين في كل بقاع الأرض كباقي الديانات الأخرى وتشريد أصحاب الأرض الحقيقيين وغيرها من الأمثلة التي شجعت على ظهور منظمات إرهابية في الجانب الآخر
لا مبرر لامتعاض بعض الغربيين العنصريين من وجود بعض المهاجرين أو اللاجئين في الدول الأوروبية الذين رفدوا تلك الدول بطاقات كبيرة وبرزوا في العديد من المجالات وساهموا مساهمة كبيرة في نهضة تلك الدول , ثم هل نسي هؤلاء أن آباءهم وأجدادهم قد استعمروا تلك البلاد في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية ونهبوا خيراتها وزرعوا جواسيسهم وعملاءهم هناك وتركوها وغادروا , ألا يحق لأبناء تلك الدول أن يترجعوا بعضا من مسروقاتهم والتحرر من كل الأشكال البائدة والعهود المظلمة ؟
رغم فظاعة الجريمة النكراء ووقع هولها على ملايين البشر حول الكرة الأرضية إلا أن جانبا إيجابيا تجلى إثر وقوع الجريمة , فقد أينعت الأرض بالورود التي عبقت الأجواء بعطرها وألوانها التي حملها أهل المدينة ومنهم أطفال صغار لم يزد طول قاماتهم عن طول باقات الورود , وارتوت الأرض بدموع الفتايات وكأن عزيزا قد رحل عنهم والشموع التي أضاءت ليل كرايست تشيرش كما فتحت الكنائس أبوابها للمسلمين لأداء فرائض الصلاة , كما أقامت الطوائف المسيحية ومنها العربية في سيدني الصلوات على أرواح الذين استشهدوا جراء العملية
لن تكون هذه هي الجريمة الأخيرة بل ستتبعها جرائم مماثلة ومن جهات عدة وقد يكون منها دولية كما يهدد به دونالد ترامب ضد فنزويلا ما لم يسارع الحكام والمسؤولون والمجتمع الدولي عامة الذين تقع على عاتقهم مسؤولية كبح جماح هذه الظاهرة ووضع حد لها عن طريق سن القوانين والتشريعات واعتماد المناهج المدرسية الحضارية وضبط الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي وتوجيهه نحو بنا مجتمع جديد خال من الكراهية والعنف ومراجعة الخطاب الديني والسياسي ونشر وتعزيز ثقافة السلام والتعايش الإيجابي بين الناس بلا هيمنة أو صاية أو إدعاء الكلمة الفصل
|
|
 
|
|
|
|
جورج ديوب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست