ورد بالصحف أن ولاية الخرطوم قد ابتدعت شهادة عدم زواج وببحث لم يتجاوز ثوان وجدت أن هذه الشهادة في الواقع متطلبة من دول عدة عند الزواج بأحد مواطنيها كألمانيا وايران ...الخ. السفارة السودانية في المانيا انتهزت الفرصة وفرضت ثلاثين يورو لاستخراج هذه الشهادة بالرغم من أن الأمر في الواقع يعتمد على وثيقة اساسية واحدة وهي شهادة من اللجنة الشعبية بالمنطقة. قد يكون الغرض من الشهادة هو ضمان عدم تعدد الازواج أو الزوجات بما قد يشكل جريمة في الدولة طالبة الشهادة. مع ذلك فيبدو لي أن هذه الشهادة لا تتمتع بالمنطق خاصة أنها مطلوبة من دولة جنسية الشخص. وذلك للآتي: أولا: من ناحية طبيعة الزواج: فالأصل في الزواج أنه عرفي وليس شكلي ، فليس بالضرورة أن يكون مكتوبا. ثانيا: أن طقوس وبيروقراطية الزواج تدخل في الجانب الثقافي للفرد. فبعض القبائل مثلا في صحراء افريقيا لا تتزوج على النحو المعتاد بل عن طريق خطف الزوجة وقد تكون اساسا متزوجة من رجل آخر. وطقوس الزواج تختلف باختلاف الثقافات المختلفة فليس بالضرورة أن تكون الدولة على علم بكل زواج يتم داخل أراضيها. ثالثا: لا يمكن الشهادة على النفي. فلا يمكن أن تشهد الدولة على عدم أكلي للنقانق مثلا ولا عدم ركوبي لسيارة وأيضا على عدم زواجي ...الخ. فنفي العدم مستحيل إلا في مسائل ضيقة جدا ترتبط بوقائع ذات صبغة قانونية مثل عدم ارتكاب جريمة عبر استخراج شهادة من السجل الجنائي (الفيش والتشبيه) وهذا أيضا لا يعني أن الشخص لم يرتكب جريمة انما يعني أن السلطات في الدولة لم تثبت عليه (بحكم قضائي اقتراف جريمة). لكن ليس من المستبعد أن يكون الشخص واقعيا قد ارتكب جريمة وأفلت من الملاحقة أو الإدانة. اما واقعة الزواج فلا تتضمن أيا من ذلك. فلنفترض أن سودانيا سافر الى البرازيل وتزوج من فتاة من إحدى قبائل الأمازون بشكل عرفي. ثم سافر الى المانيا وطلبت السلطات الالمانية شهادة بعدم زواجه من سفارة دولته. فهل هذا يثبت أي شيء؟ في الواقع هذا لا يثبت أي شيء.. لأنه لا يمكن اثبات أن شيئا ما لم يحدث ، بل يمكن فقط اثبات أن شيئا ما قد حدث. وفوق هذا يستطيع الشخص استخراج الشهادة ثم يقوم اهله في دولته بتزويجه بعد ذلك. خامسا: وثيقة دولة صاحب الشهادة لا تخدم الدولة طالبة الشهادة من ناحية قانونية لأنها تلقي بالمسؤولية القانونية على الدولة الأخرى. وفي الواقع واقعة الزواج ذات طبيعة شخصية وكان بالامكان الاكتفاء بإقرار الشخص أمام موظف رسمي أو أمام القضاء بأنه لم يتزوج من قبل وبالتالي تقع عليه المسؤولية القانونية كاملة لأنه قدم إفادات غير صحيحة أمام موظف رسمي بما يجعله (تزويرا معنويا) وفقا لتشريعات بعض الدول أو جريمة خاصة أو تضليلا للعدالة (بحسب ما تحدده قوانين كل دولة متى ما توفرت أركان الجريمة).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة