عندما غادر علي عثمان القصر الجمهوري غادر الفاتح عز الدين البرلمان، وعندما عاد علي عثمان للتهديد والوعيد عاد الفاتح عز الدين أيضاً للتهديد والوعيد، وهذا بالضبط يعني إشارة مهمة تبدو جلية ولكن ما يهمني هو خطاب الاستفزاز والتحدي في غير زمانه ولا مكانه بدلاً عن معالجة الأزمة، ما يهمني هو شهادة في حق أبناء جيلي، جيلي الذي تحاول أنت وعلي عثمان تخويفهم بالقتل وترويعهم ومصادرة حقوقهم، حتى يشاع بين العالم أن أبناء السودان جبناء، وما هم أبداً جبناء، وقد رأيتهم في المعتقلات وأثناء تغطياتي الصحفية، شباب تنضح قلوبهم حرارة، لم يدب اليأس في نفوسهم رغم القهر والأسى والفاقة، يتعرض أحدهم للضرب المبرح ولايبكي، يلتقطون عبوات البمبان الحارقة من أفواه البنادق ويعيدونها بأياديهم المتسلخة من النيران، يقف شاب لأخته تحت الرصاص ويحني لها ظهره لتصعد، يعبر شاب آخر شارع الموت بقدم مبتورة وهو يعلم أنه لا يستطيع الهروب، وفي التحقيق يجيب أكثرهم على سؤال: هل خرجت في المظاهرات؟ فيردون نعم خرجنا، دون أن يعبأ أي منهم بما سيترتب على هذه الإجابة، ولا يعبأون أيضاً بسؤال القبيلة، والله العظيم سمعتها بأذني، "نعم خرجنا" ورأيت أنوفهم شامخة تضارع السماء، رغم الدماء والرضوض، وحتى الذين قتلوا كان الرصاص يقتحم صدورهم وجباههم مباشرة، ما يعني أنهم في مواجهة حتمية مع الموت، بصدورهم لا بحافة اقدامهم، وأخر هو هشام الشواني أظنك سمعته يهتف وهو بين الحياة والموت وتحت قلبه أربعة رصاصات، مع ذلك لم يبدو عليه الخوف والرعب إطلاقاً، أو سقطت منه دمعة، وأكثرهم لو تعلم أطباء ومهندسين وصيادلة وأساتذة وأصحاب حرف ومواهب وأبناء قادة ومهاجرين ونواب في البرلمانات الأوربية عن جدارة واستحقاق فلم يشغلهم ذلك عن الاحساس بمعاناة الآخرين، ولم تستعبدهم المناصب مثلكم، ولم يفسدون ويسرقون أموال أهلهم، لأنهم جيل متسلح بالوعي والأخلاق، ممعن في الانسانية، يوزعون الخبز والآسرة ويخدمون مجتمعهم طواعية، ويحافظون على الأعراض والأسرار، ويقدمون للعالم دروساً في الشجاعة والبسالة، البنات والاولاد يقتسمون المخاطر معاً، هذا هو جيلي يا الفاتح عز الدين فماذا فعل جيلك وشيوخك غير الخراب والفتن والتهديد وبيع كل شيء، أنتم أيها الرجال الذين هزمتهم الشروخ، إن كنتم تظنون ان الخيول التي انحدت من هوة نسيانها حملت معها جيل فرسانها، فانتم واهمون . عزمي عبد الرازق
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
مقالات سودانيزاونلاين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست