بينما كنت منشغلا بهاتفي بالأمس ’إذا برسالة تصلني على الواتس ’ قرأتها فذهلت ولم أصدق ....إنها من السيدة حرم م م م النافع كما يحلو له أن يوقع كذلك فيما يكتب .... لم أصدق حقيقة ما قرأت وظننتها كذبة من هاكرز يجوبون صفحاتي ومواقعي صباحا ومساء وعلى مدار اليوم أو ربما مزحة ثقيلة ... اتصلت هاتفيا بالأخت الفاضلة حرم معتصم مختار محمد النافع فتأكدت من الحقيقة المرة .......لقد مات معتصم ليترك لنا الأسى والحزن والدموع واجترار الذكريات حلوها ومرها . لم ألتق بالرجل حتى وفاته ولكنه كان معي في اليوم الواحد عشرين مرة ....جمعني به الفيسبوك ... يبدو أنه أعجب بما أكتب وطلب صداقتي وبدأت علاقتنا المثالية ... ظل لي فخرا وسندا وأخا شقيقا ...يراسلني عبر الواتس والماسنجر والهاتف يوميا ولعدة ساعات ... مات وأنا لا أعرف فأرسلت له من مختاراتي شيئا ولكني لم أتابع لأعرف إن كان قد قرأها أم لا .. كان يتلقف أشعاري من كل موقع ليخرجه بفنية وتقنية عالية ... يجمع صوري وصور أفراد أسرتي لينسج لنا فيديوكليب يثير إعجابي ... كان توأم روح بحق وحقيقة . شكوت إليه قبل أيام مرض زوجتي فاهتم وأخذ يستفسر مني عن حالتها يوميا واتصل بابنة عمه أخصائية معروفة بألمانيا ونقل لها الحالة الصحية واتصل بي ليعطيني هاتفها للتواصل معها ...فقام ابني الطبيب إبراهيم بالتحدث إليها وإعطائها تفاصيل المرض ونتائج الفحص والتحليلات ’ فاقترحت علينا الحضور لألمانيا واتصلت بمعتصم لتخبره بأنها على استعداد لاستضافتنا بمنزلها وترحيلنا بسيارتها وتقديم كل الخدمات الممكنة ... فشكرا لها . الموت حق لا شك وأقرب من حبل الوريد ولكنك عندما تفاجأ به دون مقدمات ولرجل ظل نشطا وحيويا فإنك تصدم وربما لا تصدق ...نعم لا أصدق . كان ضابطا بحريا محاربا (م) ’ثم عمل بالمقاولات’ يتمتع بدماثة خلق وطيب معشر ... أبكى حتى الطير المحلق في سمائه : أيا شـــجر الخابور مالك مورقا ...كأنك لم تحزن على ابن طريف فتى لا يحب الزاد إلا من التقى ...ولا المــال إلا من قــــنا وسيوف فقـدناك فقدان الربيــــع وليتنا ... فـــديناك من ســاداتنا بألــــوف عشت بالأمس يوما عصيبا كئيبا باكي الطرف ....يكاد الحزن يمزقني فلم تعد لي شهية لأكل ولا شرب وكأني لم أدفن مرة واحدة في يوم واحد ستة من أفراد أسرتي في حادث سفاح مدني الشهير سنة 1962 وكأني لم أدفن من قبل شقيقي الأصغر ولا توأمتي واللذين قضيا بذبحة لم تمهلهما لدقائق وكنت في بلاد المهجر بعيدا ... أخي معتصم ....تأكد أني لن أنساك وسأذكرك ما امتدت بي الأيام حتى ألتقيك. أبكيك من حزن ومن إحراق ... والنار في قلبي من الأشواق بدّلـت أيامي وكـنت حـبيبها ... وأثَرت أحزاني بيــــوم فراق يا سلوتي حين المصائب جمة ... ومعللي بالنُجح لا الإخفاق وعرفت قيمة ما تخط قريحتي ...ووصفتني بالزاكي البراق أخي معتصم عذرا فأنا لا أملك قلما يوفيك حقك ولست مثلك أديبا بليغا ...فنم في الفردوس الأعلى بهدوء وسكينة وأعذر أخاك وتوأم روحك إن أخفق أن يعبر عما بدواخله واسأل الله لي الصبر والسلوان ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة