كان حاج عثمان رجلا طيبا وفي حاله، حين وقع إنقلاب الإنقاذ تنبأ: ما (حيكملوا) شهر! حين (كمّلوا) الشهر راجع نبوءته باعتبار أنّ النبوءة تُراجع ولا تتراجع: ما (حيكملوا) شهرين! وحين (كمّلوا) الشهرين رفع من سقف النبوءات: ما (حيكملوا) ستة شهور وحين (كمّلوا) الستة شهور، أعلن للضمان نبوءة طويلة الأمد أنا بأديهم سنتين! حين أكملوا السنتين كانت موارده قد نضبت، فشقيقه المغترب الذي كان يتولى مشاق إبقائه قيد الحياة، تورط في مشاجرة مع الكفيل فطُرد طرد من لا يخشى الفقر. وعاد من مهجره كما ذهب اليه تشكو جيوبه قلة الدولار، وبدلا من أن يعيل شقيقه الأكبر، اصبح عالة عليه!. وهكذا عن طريق أحد الجيران وجد حاج عثمان عملا في احدى شركات أجهزة الامن الكيزانية. عين موظفا صغيرا في شركة تابعة للجهاز وبدلا من قصة ما حيكملوا شهر او شهرين أصبحت فرمالته الثابتة: لكن البديل منو؟ لو قلت له السلام عليكم سيرد: لكن البديل منو؟ أخبار الدولار شنو يا حاج؟ لكن البديل منو؟ الناس ديل ظلمونا يا حاج عثمان صحي والله، لكن البديل منو؟ البديل انت ذاتك! والله انا ذاتي بظلمكم! ويسمع شكاوي الناس من استبداد الأمن والشرطة التي يبدو انها كانت (تغار) من احتكار جهاز الأمن لقتل الناس، فأصبحت تنافسه في ضرب الناس في الشوارع، أقل مخالفة وبدلا من الغرامة والتسوية المعروفة بدون إيصال، أصبح شعار الشرطة: الرصاص في خدمة الشعب! ومافيش حد أحسن من حد! لكن البديل منو؟ البديل أي زول الناس ديل حرامية اصبروا الجماعة ديل قربوا يشبعوا، بدل تجيبوا واحد جيعان يجي يبدأ من الأول لغاية يشبع داير تاني عشرين سنة! شفت ليك كوز بيشبع يا حاج عثمان؟ دي كيزان مقدودة، كيزان سبيل! أطلق عليه معارفه لقب : البديل منو، كانوا حين يتحدثون عنه يقولون، الليلة قابلت البديل منو، كان مستعجل شوية قال عنده مواعيد في بنك! يا اخوانا البديل منو ليه كم يوم ما ظاهر في زول شافو قريب؟ البديل منو الليلة قابلته لابس بدلة! بعد سنوات واثناء شجارات الكيزان على الكعكة الصغيرة بعد ان نضبت قريشات البترول، افلست الشركة التي يعمل فيها حاج عثمان وأُرسل مرة أخرى الى الشارع دون مكافأة او حتى كلمة عزاء. عاد ليعتلي احد صواني المرور ويشتم النظام ولأنه كان يعرف بعض المعلومات بحكم عمله قريبا من النظام لعدة سنوات، فقد بدأ يفشي بعض الاسرار بالتقسيط المريح، الشركة الكنت شغال فيها، كانت بتستورد سماد، كان معفي من الجمارك عشان كدة كان رخيص شوية، ضربوا بيه السوق في اليوم التالي أعلن: السماد كان فاسد، ما مطابق للمواصفات، ناس المقاييس رفضوه! لكن ناس المقاييس شن طعمهم؟ حاكمين البلد؟ سمعتو يوم ناس المقاييس عملوا إنقلاب؟ ناس مساكين ساكت، ناس معايش والمعايش جبارة، امضي هنا يمضوا والا المراكب تقيف. في المرة الأخيرة أعلن: الشركة استوردت حاجة تانية خطرة شوية، جابوها في حاويات، انقروا تكون شنو، صاح الجمهور المتشوق لفضائح الفساد المجانية: أدينا خيارات! لا لا لو ما عرفتو الإجابة اليوم، بديكم فرصة لبكرة، بعدين بديكم خيارات،. بكرة بخياراته لم يأتي أبدا، تم تعيين حاج عثمان مترقيا مديرا لقسم في شركة أخرى تجلب أيضا مواد غير مطابقة للمواصفات وبدون جمارك، أصبح يوقّع على الأوراق والشيكات البدون رصيد، وعادت الأحوال تنتعش من حوله، وفي بيوت العزاء أو الافراح حين يسمع الناس يشتكون من غلاء المعيشة واستبداد السلطة كان يعلن بثقة: كلامكم صحي، لكن البديل منو؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أحمد الملك
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست