بات معرفة ما يجري في العالم، غير مقيد بوقت أو مكان، بل متاح رؤية الحدث في وقته، من جهاز الموبايل الذي في كفك، ومن غير ملحقات ثقيلة تصاحبه، وفي أي زمان وأي مكان. نعم في كف يدك، ومن غير أن تشوِّش للذي يجلس بجوارك، أياً كان هذا التشويش، وأنت تقرأ أو تشاهد أو تسمع، أو تشارك برأيك عبر هذه الوسائط الاتصالية، ومن غير أن تعدل في برامج نشاطك اليومي تعديلاً مخلاً.
فالعالم اليوم صار في كفك، وليس في كف عفريت من الجن، كما يقولون، أي بامكانك صناعة الحدث وصناعة المستقبل، والمشاركة، والمساهمة بما عندك من أجل الإنسانية، ومن أجل ما يحيطنا من موجودات ومخلوقات، والمحافظة على توازنها خدمة لانفسنا والإنسانية.
هذا التطور المذهل في تقنية الاتصال، أثار جدلاً عميقاً وسط الصحفيين المهنيين، والباحثين الأكاديميين، حول مصير الصحفي، بعد أن صار كل شخص صحفي "المواطن الصحفي"، ينشر ما يريد، ووقت وكيف ما شاء. وله الحق في الوصول إلى المعلومة التي يرغبها، ويتفاعل مع من يهواه أو يبغضه. ولم يعد هذا الجدل في دولة بعينها أو منطقة، بل في كل العالم.
وإلى وقت قريب يعتقد الكثيرون أن دور الصحفي، والصحف إلى زوال؛ ولكن رويداً رويداً بدأت تتكشف سوءات ضخ المعلومات من كل فج، ليبقى الصحفي المهني هو الضامن الوحيد للإعلام المسئول، لقيامه بمهمة التمحيص والتحقق صحة المعلومة، ويرجع إليه عند الالتباس، ولا يستطيع أن يقوم بذلك إلّا الصحفي الذي يحترم مهنته، ولا يدنسها بأهواء في نفسه، أو آخرين. ولذلك سعى المجتهدون بإنتاج برامج، لقياس صحة المادة المنشورة من ركام الغش، والتدليس والتضليل الذي يمارس، لكنها ليست كالصحفي؛ حيث هناك من يصر على العمل بمنهج فرعون " ما أريكم إلّا ما أرى، ولا أهديكم إلّا سبيل الرشاد".
فقد ارتفعت مهمة الصحفي في العملية الإعلامية بوسائلها المختلفة، قديمها ومستحدثها، على أن يكون مواكباً ومستخدماً وسائل عصره بكل حرفية ومهنية، وليس بالفهلوة والتذاكي على المجتمع. فأين عالمنا العربي من هذه الدائرة، والعالم كله في كفك؟!. [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة