الفنان الكبير عادل امام عند نكتة مشهورة متداولة دائما ما نسمعها ، حول الاشياء غير المنطقية ، عندما قال له احده انا مش فاهم حاجة ، ورد عليه الزعيم عادل امام وقائلا " ولا انا" ، وانا برضوا والله ما فاهم حاجة ، ما يجري حولنا فعلا يحتاج إلى مترجم ليس مترجم لغات بل مترجم أشياء اخرى. تم حل الحكومة ثم تم تشكيل حكومة جديدة ، ومن المعروف أن الوزراء ان لم تتم استشارتهم سيتم اخطارهم لمجرد العلم بالشيء لأن الكثيرين من طلاب السلطة سيهرعون إلى الوزارة حفاة وعراة ، لكن هناك بعض الزاهدين الذين لاتهمهم الوزارة او مخصصات وفرص جمع الثروة السريع. مما ادى لاعتذار بعض الذين تم ترشيحهم لكن كان اشهرهم الدكتور حمدوك الذي تم تعيينه وزيرا للمالية ، حيث قال الكثيرون ما هذا المقفل ، رفض فرصة ذهبية اتته لجمع المزيد من الثروة بسهولة ، الا انه رفض .
المهم لنترك حمدوك في حاله اليوم ، سمعت في اقوال الصحف اليوم تصريح لاحد المسؤولين بضرورة حصول ترخيص لتطبيق ترحال ، القانون مطلوب لكن هؤلاء المساكين الحكومة التفتت لهم ، ليس لتطبيق القانون وحماية الفضيلة ، بل لدفع الضرائب ، مائة في المائة لهذا الموضوع ، اتركوا الجماعة يطلعوا مصاريفهم في هذا الزمن الاغبر بدون مضايقات.
وعلى الرغم من الضغط على اجهزة الاعلام المكتوبة او المرئية او المسموعة لعدم التطرق للكارثة ، الا أن هناك ماهو اقوى منها ، أنه الواتساب ، فكل واحد منا اصبح صحفيا واعلاميا ويمتلك قناة تلفزيونية متحركة. وقد تم ارسال الالاف ان لم نقل الملايين من التعليقات حول قضية تعيين واعتذار حمدوك. لذلك اصبح المسؤولين في موقف حرج بسبب هذا الاختراع الذي يسمى الواتساب الذي اسهم كثيرا في تخطى الحدود و العقبات والنظم والقوانين المقيدة للنشر والصحافة. بالاضافة إلى سرعة الوصول والتواصل بين القروبات التي تخطت الحدود والجنسيات ، وهناك الكثير من الاخوة والزملاء غير السودانيين يرسلون لنا صور الفيضانات ، واذكر النكتة التي صدرت من الفنان محمد الأمين عندما هب في جمهوره ، فقد استلمتها من بعض الاصدقاء والزملاء غير السودانيين ، وحتى الفنانة السورية اصالة نصري في احد المؤتمرات الصحفية سخرت من هذا الموقف.
وقد تجاوز هذا الواتساب الحدود واصبح اكبر مهدد للعروش والحكام ، واصبح هو الحاكم الذي يسخر من أي تصرف غير منطقي وغير مقبول ، لذلك اصبحت جميع الدول والحكومات قد شكلت دوائر خاصة بالواتساب ، وماينشر عن الحكومة والعمل على معالجة القصور ، والرد على الشائعات التي من الممكن أن تصدر بالخطأ او مقصودة. وبالطبع إن الشاب الأوكراني جان كوم لم يكن يدري ان اختراعه هذا يقوم بهذا العمل الجبار ، ولن يستطع احد أيا كان أن يوقف هذا الواتساب ، لذلك يجب على جماعتنا أن يعوا خطورة هذا الاختراع الذي كشفهم ، ولم يدع لهم فرصة حتى يستطيعوا ان ينكروا الحقائق الماثلة للعيان.
وكنت اتمنى ان يأتي هذا الاختراع مبكرا حتى تمكن من كشف مواطن الخلل ، وخاصة فيما يختص بالفساد ، الذي اصبح ينشر بالارقام والاسماء للمسؤولين واقاربهم واصحابهم وشركائهم. لذلك النكران لا ولن يفيد ، ويجب أن ننصاع للواتساب ، ونعمل بالرد على ما ينشر في الواتساب وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي التي اصبحت ، تهدد العروش والحكام ، وتقف في وجه كل فاسد.
ولذك يجب على الجميع التزام الحق والعدل والشفافية ، حتى لايكشف حاله في الواتساب . اما المسؤولين الذين ينكرون مثل معتمد الخرطوم الذي قال أن الخرطوم نظيفة ، انكشف بعد عدة ايام كيف انها غير نظيفة ولا جميلة ، هطلت امطار خلال الايام الماضية وردت على كلامه . وشاهدنا الغرق والتلف وانهيار المباني ، وفي مشهد مضحك ، نشرت صورة لملعب استاد الهلال الذي وصفه المغردون بحوض السباحة.
ومن ايجابيات الواتساب ايضا شاهدنا الكثير من المقالات والقصص القصيرة والتغريدات التي عبارة عن قطعة ادبية رائعة ، لاتقل جودة عما يكتبه كبار الادباء والمفكرين، ولو أتي هذا الاختراع العجيب منذ فترة لاكتشفنا العشرات بل المئات من الكتاب والروائيين لا يقلون جودة عن الطيب صالح او علي المك ومنصور خالد ومحمد المهدي المجذوب حتى العالم البروفيسور عبدالله الطيب . كما خرج المئات بل الالاف من الصحفيين والمحليين ، والالاف من الكتاب الساخرين والممثلين الكوميديين الذي يطلقون النكات ، حيث اصبح لدينا ذخيرة ثرة من النكات والكتابة الساخرة ، التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي القريب العاجل سيتمدد نفوذ الواتساب ويصبح قوة ضاربة مثلما قال الامين العام الاسبق للامم المتحدة الراحل الدكتور بطرس غالي إن العضو رقم 16 في مجلس الامن هو قناة سي ان ان لايتركنا في حالنا كناية على قوة الاعلام . والآن واتساب سيكون العضو رقم واحد في الامم المتحدة وفي اي برلمان او مجلس وزراء في العالم . لذلك يجب ان يعمل له الف حساب . لأنه الطريقة الاقوى لكشف الفساد والمفسدين. وحماية حقوق الناس في كل زمان ومكان ...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة