هذه الروح وجدتها في العديد من الناس ، عموما هي تلك الروح المصابة بالشيخوخة والاحباط المستمر وانعدام الهمة لخلق واقع مختلف. قلة من السودانيين هم من استطاعوا تحقيق انجازات عبر الاستفادة من فرص وجودهم في بلاد العم سام والدول الاوروبية الأخرى. يميل أغلبية الناس الى الممارسة الروتينية لأعمال تفتقد للتشويق والتجديد ، الموظف والزبال والقاضي بل وحتى الوزير لا يحاول ايا منهم القفز على الاكتساب بالممارسة الطويلة ولذلك يفاجأون كالحمار الذي يحمل قطنا بجزع حين يتعرضوا للغوص في نبع مياه لم يغوصوا فيه من قبل. لا يوجد روح نشطة ووثابة ، يبدو لهم كل شيء خياليا وغير قابل للتحقيق ، فالفتى الغامض الذي صنع عملة البتكوين ما كان ليفعل ذلك بروح شائخة ومخيلة عجفاء إذا كان في السودان ، وما كان ليتحول الى ملياردير بمجرد فكرة تبدو شديدة الخيالية. وكذا هو الحال لمن استطاعوا احداث انقلاب عبر استخدام الخيال المتحرك بدينامو الهمة والنشاط لتحقيق معجزات يراها الغالبية شيئا بعيدا كبعد نجم سهيل. واتساب ، فيس بوك ، علي بابا ، امازون ، أوبر ...ميكرو سوفت ..الخ ... انتجتها ارواح شابة وليس شائخة. أما عندنا فما أن يتم طرح فكرة حتى يبتسم الجميع بسخرية ، ويبدأ التفكير الهدام والسلبي في تقويضها ، ولذلك لا شيء ينجح ، يمكنك ان تفعل اي شيء وستجد من يحاولون هدمه من الاشخاص العاديين او حتى الحكومة. ورغم شح الفرص في دولة شديدة الفقر وفاشلة بكل المقاييس الا ان روح الهدم متفشية بشكل لا مثيل له ، ناهيك عن الروح الشائخة للشباب الذي لا يؤمن بأي أمل في المستقبل. هناك غالبية من البشر لديها شعور مستوطن بفشل أي فكرة خارجة عن صندوق الجماعة البالي ، وهذه الغالبية هي التي تتحكم في مسيرة الدولة ، الانسان السوداني لا يؤمن الا بتحقيق ثراء سريع ولو ببيع المخدرات ، واختلاس المال العام وحمل السلاح للحصول على منصب ، وبالرشاوى والفساد ، لا يوجد أي ايمان بفكرة الخلق والابداع والانتاج. ما أن تتحدث الى أحدهم حتى تشعر بروحه الشائخة وهي تلقي بكل ما تقول في قعر المحيطات المظلمة... هناك حالة يأس .. و################ .. مع نفس شحيحة عجولة ترغب في الحصول على كل شيء بدون تقديم أي شيء... وهذه هي حالة الهدم. وأنا اقف في طابور الرغيف سألني أحد زملاء الانتظار: -لماذا نجح بعض السودانيين في الخليج وفشلوا هنا في وطنهم. اجبته: لأنه ان لم يبذل مجهودا في الخليح فسيتم طرده فدول الخليج لا تحتاج لكائنات لا تجدد فكرها. أما هنا فمن سيحاسبه؟ من سيحاسب وزيرا على انخساف مرحاض بأستاذة المدرسة وموتها غرقا في غائط ، ومن سيحاسب وزيرا على سقوط سقف مدرسة على تلاميذ ، ومن سيحاسب وزيرا على جسر تأكله الفئران ومن سيحاسب وزيرا على سد لم يحقق ما يغطي المليارات المقترضة التي انفقت فيه او في جيوب المسؤولين ، من سيحاسب مسؤولا عن غرق تلاميذ يقطعون البحر بالمركب ليصلوا الى مدارسهم ، من سيحاسب موظفا على عرقلة مصالح المواطنين وتسهيلها لمن يدفع ، من سيحاسب صاحبة كوافير نافذة اذا اشتبه في اتجارها بالمخدرات والدعارة ، من سيمنع وزير العدل من عدم استخدام المادة 58 لافلات مسؤول متهم من العقاب.. من سيحاسب مسؤولا عن تفشي الأوبئة والكوليرا والاسهالات المائية ، من سيحاسب مسؤولا عن نفوق مئات الالاف من رؤوس الماشية المعدة للتصدير ، من سيحاسب مسؤولا عن اغتيال اكثر من مائتي شاب في مظاهرات ضد الحكومة ، من سيحاسب مسؤولا عن عمليات ابادة وتطهير عرقي مستمر منذ خمسة عشر عاما ضد اثنيات معينة ، من سيحاسب مسؤولا عن اطلاق سراح حائز مخدرات لأن أمه نافذة في الدولة ، من سيحاسب مسؤولا عن انشاء طريق معبد بملايين الدولارات ثم ذوبانه كالبسكويت في أول امطار الخريف ، من سيحاسب مسؤولا عن طرق لم تنشأ وتم اختلاس اموالها وتعيين المختلس في البرلمان ؟ من سيحاسب على اختفاء اكثر من مائة مليون دولار قدمت كقرض للدولة ثم اختفت مثل فص ملح في ماء ، من سيحاسب على مدن رياضية ظلت هياكل مخيفة ومستوطنة للاشباح رغم انفاق ملايين الدولارات على القائمين عليها ... من ومن ومن .... تخيل ان تصبح وزيرا في دولة فاسدة من رأسها وحتى أخمص قدميها..ترى هل ستعمل بإخلاص ووطنية ..أشك في ذلك... فبهت زميل طابور الخبز ...وصاح في شاب حاول شراء خبز دون الالتزام بالصف ، فصاحت معه الجماهير حتى تصبب الشاب من العرق وغادر الفرن نهائيا.... وصلنا الى شباك بيع الخبز..لكن البائع اعتذر لنا وعيناه تكادان تفيضان من الدمع: انتهى الدقيق يا سادة....
09-02-2018, 04:46 AM
عليش الريدة عليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709
دا موضوع جميل،لكن نظرتك ليهو احادية..طبعا متفقين معاك إنو الناس المؤثرين في الدنيا دي هم المبتكرين الإنت أشرتليهم،لكن كمان تأثيرهم دا بتوقف فقط على نجاحهم.. يعني نسبة الفشل الطبيعية المتوقعة تجاه كل انجاز بتكون محتملة من قبل الناس ديل عشان يصلوا لمبتغاهم،لكن لما يتكرر الفشل تلو الفشل وخاصة الفشل الناتج من عوامل خارجية، دا قد يقود لنتائج نفسية سيئة..من ناحية تانية،الروح الشبابية متعبة جدا وقلقة،لذلك من الطبيعي أن تسيطر على الشخص في مرحلة الشباب،الجسد والنفس بكونو مهيئين ليها،لكن مع تقدم العمر الشغلانة بتكون زي العربية الشايلة أكتر من حمولتا،ماشة وتطقطق..هل سمعت صوت ZY مركبين ليهو كوز؟(الكوز حق العربية ماالكوز الحرامي).. فاشنو يادكتور،برضو الحياة الروتينية ليها نكهتا وبتدي دافع كبير للارتقاء،ولحظة واحدة من راحة البال تعادل ألف انجاز من روح شبابية..يعني بيت صغير ومتواضع،مرة متفهمة وودودة،شفع مجدعين في الحوش جنهم يهظروا مع بابا..فنجان جبنة بالعصاري..جار ظريف يحب المكاواة..ديني أنا ياخ.. طبعا أنا لس ماجربت الموت،لكن غالبا لما تجي اللحظة القدسية ديك،وأعاين للشريط من أولو،وأقلب الخيارات الكانت متوفرة،وأقارنا بمعطيات تلك اللحظة القدسية،بقول،غالبا،ح أقول:الشغلانة ماكانت بتستحق قدر دا كلو..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
أمل الكردفاني
عليش الريدة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست