لا عاقل في السودان يتوقع منك تقويم الاعوجاج الذي أحدثته في دروب الحياة اليومية في السودان، يا سيادة الرئيس..
السودانيون لا يرجون منك خيرا رغم بشرياتك لهم بالمن و السلوى في خطابك الأخير.. و رغم حديثك عن خطط لضمان حسن توظيف الموارد المتاحة.. وإجراءات محفِّزة للإنتاج وزيادة الصادرات وضبط الواردات..
فأين هي الكوادر الاقتصادية و الفنية و الإدارية التي سوف توكل إليها تحقيق زيادة الصادرات وضبط الواردات؟!
إن كوادرك هي نفس كوادر ( التمكين) التي زججتم بها للعمل على أساس ولائها فقط.. دون وضع الكفاءة و الخبرة في الاعتبار.. إنها كوادر أعجز من أن تحقق المطلوب.. و ليس بإمكانك إرجاع الكفاءات و الخبرات التي شردتها و احتضنتها دول المهجر لتقوم بما يلزم! إن كوادرك انغمست ثلاثين عاما من فساد في التعيينات.. و فساد في توزيع السلطة و الثروة.. و ما فسادهم سوى إبن فسادكم و من فسادكم تناسل فساد في فساد في فساد متجذر لا يمكن إيقافه بجرة قلم.. و لا يمكن اجتثاثه إلا باجتثاث نظامكم من جذوره، و ليس بإجراء أي إصلاح في النظام كما تزعم.. و كما يدعو بعض المتعاطفين مع نظامكم..
كنت في ( مرمى الجمرات) و لعنات الناس تنهال عليك في أول أيام عيد الأضحى.. يا سيادة الرئيس..! و عليك أن تعلم أن الكل يعتبرون خطابك ( كلام ساكت).. خاصة حديثك عن اجراءات للتقشف داخليا و خارجيا.. لقد أضحكنا كثيرا.. و أبكانا أكثر!
أنا أشفق عليك، أحيانا، يا سيادة الرئيس! أما سمعت بتقشف الرئيس الباكستاني الجديد: عمران خان؟ أما سمعت بأنه تخلى عن الاقامة في القصر الرئاسي الفخيم المخصص له، و اكتفى بالعيش في منزل صغير مؤلف من 3 غرف نوم.. كما اعتزم أن يحتفظ لخدمته بخادمين فقط من مئات الخدم و الحشم.. فعل هذا تأكيدا لسياسة التقشف التي وعد بها شعبه قبل فوزه في انتخابات الرئاسة، و هي إنتخابات غير مزورة كحال انتخابكم... لقد قرر الرئيس عمران خان أن يحيا حياة التقشف كي يحافظ على أموال الشعب، أو كما قال.. و لا أظنك تفعل ما فعل يا سيادة الرئيس.. لا أظنك تفعل بعد تمرغك في نعيم الدنيا وملذاتها بشراهة، و على مدى ثلاثين عاما.. و أؤكد لك بأننا نعتبرك حالة ميئوس منها في مجال التقشف، ميئوس منها تماما!
هذا، و بعد ثلاث سنوات من الحوار ( الوثني) أتيت لتحدثنا عن عزمك على تنفيذ مخرجات الحوار..؟ و الجميع يعلم أن لا عزم لديك للتنفيذ، يا سيادة الرئيس.. و حتى كمال عمر، المدافع الأشرس عن الحوار المزعوم في بداياته، أدرك ذلك.. و قال أنك شيعت الحوار إلى مثواه الأخير ببعض تصرفاتك غير الحكيمة.. كان كمال عمر شديد الثقة في شخصك.. و شديد الاعتقاد في حسن طويتك.. لكنك فقدته بسبب تلكؤك و مماطلاتك في التنفيذ..
أنت تخسر مناصريك يوميا لعدم التزامك جانب الصدق، يا سيادة الرئيس، و لا تدري أنك تخسر.. و بطانتك توهمك بما ليس فيك من قدرات تفتقر إليها لقيادة شعب طيب هو الشعب السوداني..
أنا أشفق على السودان منك.. و رائحة ميزانية ٢٠١٨ الكارثية تنفذ من خطابك المثقل بالبشريات!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة