صور مزعجة وقاسية تلك التي قام برفعها المواطن الطيب عثمان يوسف على صفحته بأحد مواقع التواصل ، والتي أراد من خلالها أن يبعث برسالة الى المسؤولين في الدولة عن تردٍ وتهاون رصده من خلال تواجده بمستشفى بحري ، ولم يمر وقت طويل ( ساعات فقط ) حتى تم تأكيد الأمر من وزارة الصحة بولاية الخرطوم ، والتي أٌقرت بالصور ، دع عنكم مبرراتها !! .. والتي إن تم سوقها لأطفال المدارس لن تنطلي عليهم ؛ فحال مستشفيات بلادي هو البؤس والتردي ، وعنوانها التهاون والإستهتار بصحة المرضي ... فعلى المستوى الشخصي لم يحدث أن دخلت مستشفىً ( عام أو خاص ) ؛ إلا وخرجت بالعديد من الملاحظات والتي يفترض أن تنعدم في مثل هذه الأماكن ، وتجدر الإشارة الى أن الكثير من المستشفيات العامة في البلاد يعمل داخلها شباب متطوعين كثر يسهمون في تخفيف وطأة التردي وضعف الخدمات التي هي من أهم سمات المستشفيات العامة ، والتي يذهب اليها – في الغالب – من لايملكون ثمن العلاج خارجها أو من لم تمكنهم ظروفهم من الوصول لمستشفيات خاصة وهي الأخرى ليست محل إشادة ، لأنه في كثير من الأحيان تجد أشخاصآ نادمين على العلاج داخلها ويتملكهم الشعور بعدم الرضاء ، مع إستنزافهم ماديآ أيضآ ! . بعد أن طالعت إقرار الصحة بالصحف خُيْل إلى أنهم سيعتذرون للمواطن ، وسيتخدون من الإجراءات والتدابير ما يمنع حدوثها مستقبلآ ، بل وفكرت في أن التحرك سيكون أيضآ من الصحة الإتحادية بتكوين جهاز رقابة على المستشفيات في كل البلاد يعمل على مدار الساعة ، وهاتف بلاغات مركزي يستقبل الشكاوي والملاحظات وما يتصل ... وليتني لم أفكر في أعلاه ،، إذ أعلنت صحة الخرطوم أنها بصدد فتح بلاغ في المواطن الذي قام بتصوير ورصد حال مستشفى بحري !! ... معللة بإنتهاكه لحرمة الجثة وعدم إستئذانه من المريض !! . حسنآ سادتي ... ماذا إن إكتفت الصحة بالإعتذار وإتخاذ الإجراءات اللازمة ؟ ببساطة هذا يعني أنها حريصة على أن تسير الأمور دائمآ بصورة أفضل ، ومهتمة لأن يتلقى المريض خدمة جيدة ( جيدة فقط ) وبرأيي أن أعلى درجات حرمة المستشفيات ومرضاها هو التفاني في تقديم خدمة جيدة وتوفير الإحتياجات الضرورية والكوادر والمياه وغيره ، وما سواه يُعد تردٍ يجب رصده وتناوله بغية الإصلاح . وهل فات على وزارة الصحة أن إكرام الميت دفنه وليس ببقاءه لوقت طويل بجانب المرضى؟ ... وعن أي حُرمة يتحدثون ، وعجبي لمن لا يحرص على الناس أحياء ويدعي أنه يحرص عليهم أموات ؟!! . يجب أن تتخذ الصحة الإتحادية خطوات لتحسين الأداء بالمستشفيات التي أوشكت أن تترك أمرها لأهل الخير والصلاح في صيانتها ، وتأهيلها وشراء الأجهزة وتوفير العلاجات للمرضى الفقراء ، وأن يعلنوا – والآن – عن هيئة للرقابة على الأداء في المستشفيات بكل أنحاء البلاد ، والإعلان عن إستعدادهم لتلقي البلاغات الفورية على مدار الساعة ، وأرجو أن لا يقول لي أحدكم أن هنالك إدارة للجودة !. أما تعليقي الأخير على موضوع فتح البلاغ ، والذي كان إصرارهم عليه أكبر من إعترافهم بالتقصير والإعتذار ؛ فهي المكابرة عينها . التقصير والإخفاق وبالرغم من أنه أضحى الأصل هنا ؛ إلا أنه موجود – أحيانآ – في كثير من دول العالم ولكن يقابله المسؤولين هناك بالإعتذار وتقديم الإستقالات ودفع التعويضات ، أما هنا فبالتعنت والإصرار على الموقف وبالتهديد والوعيد وما يشبه ، وهذا أسلوب الوقحين ! .... ( اي غض الطرف على فعلتك ، وتحدث عن ردة فعلي ! ) أخيرآ . لن أمل هنا تكرار أن ما نعانيه اليوم يتطلب إداريين لديهم معرفة بكيفية إدارة الأزمات ، فلعلكم لاحظتم ردة فعل إعلان الصحة لفتحها بلاغ في المواطن ؛ حتى ظهرت حملات تشجع تصوير التردي داخل المستشفيات... ووضح جليآ هذه الفترة أن تعاملكم مع أي موقف ( أزمة ) يولد أزمة أخرى ، وهكذا ! قبل أن أغادر .. قبل فترة جاء في الأخبار أن الحسن الميرغني يطلع البشير على أوضاع قاعة الصداقة ؛ فكتبت في موضع آخر – متهكمآ - أنني على إستعداد بأن أطلع البشير على أوضاع المستشفيات بكافة أنحاء البلاد ولوجه الله ، والوطن .!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة