يشير الدليل إلى أنه خلال مرحلة العصر الحجري الحديث ، تحديدا من الألفية السادسة إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد إستقر سكان في منطقة دنقلا ذات التربة الخصبة وبدأوا في ممارسة الزراعة وتدجين الحيوانات ، فيما قدمت الحفـــــريات الأثرية ثمة أقدم دليل في العالــم على ممارســــة الزراعة وتربية الحيوانات . بناء على ذلك فقد لعب سكان دنقلا دورا في نشر الزراعة في الشرق الأدنى وأجزاء أخرى من أفريقيــــا . في الألفية الخامسة أو منتصف الألفية الرابعة أصبحت دنقلا مركزا للثقافة والحضارة في السودان ، لا سيما على إمتداد نهر النيل . إن مجتمع ما قبل كرمه شكل واحدا من أقدم الثقافات المتمدنة في العالم ، بجانب ثقافة مصر وبلاد ما بين النهرين .
لقد كان المجتمع الزراعي – الرعوي لما قبل كرمه مركزا للتجارة ، فيما كان الفخار يأتي من مناطق مختلفة من النيل بما فيها مصر ، غير أنه بحلول عام 3000 ق م تحولت المنطقة إلى مدينة مزدهرة ببتى تحتية مدنية منظمة . بتطوره إلى دولة بالكامل أصبح مجتمع ما قبل كرمه يحكم بسلطة مركزية ، منظمة سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا بدرجة عالية . إن أكثر ما كان يثير الإهتمام هو تخطيط المدينة والذي يشير إلى مستوى متقدم من التخطيط والنظام الدفاعي المتقن . لقد عثر في منطقة على مجموعة من المباني ذات المنافع والمباني العامة . كذلك عثر على عدد من حفر لأعمدة يبدو أنها عائدة لمراكز إدارية ، بجانب أكواخ يبدو أنها كانت أماكن إقامة لأفراد مميزون وجرى تعريف هياكل بنائية أخرى على أنها مخازن ، ورش وزرائب ماشية .
في الجوار توجد مدفنة تؤكد تأسيس طبقات إقتصادية في المستوطنة ، بينما بعض القبور واسعة وزاخرة بالأغراض الجنائزية وبعضها أصغر وأفقر . لقد كشفت الحفريات عن عدد ضخم من القطع الأثرية مثل الفؤوس ، الصوان ، الصحون ، الفخار والمجوهرات . هناك أغراض دفنية أخرى تشير إلى قدر كبير من النشاطات التجارية . إن ذلك تأكد لاحقا بأغطية الأصايص التي عثر عليها والتي ختمت بتصميمات مختلفة ، تشير إلى نظام متقدم من التجارة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة