كان موظفو الأمن بالمطار ينظرون بارتياب للغريب الأنيق الذي جعل على رأسه عمامة ضخمة.. دخل الرجل بوابة التفتيش الإلكترونية دون أن تصدر تحذيراً..تبادل رجال الأمن نظرات الشك ثم بعثوا أحدهم ليطلب من الرجل خلع عمامته..لكن نافيديب بينز رفض الأمر وكان القانون الأمريكي بجانبه..ازداد ذعر رجل الأمن حينما أبرز المسافر جواز دبلوماسي يفيد بأن بينز ذا الأصول الهندية ليس سوى وزير الإبداع والتنمية الاقتصادية في الحكومة الكندية..بعدها اضطرت الحكومة الأمريكية لإصدار اعتذار للوزير بينز والحكومة الكندية..ليس بينز سوى واحد من أربعة وزراء في الحكومة الكندية السابقة الذي ينتمي لطائفة السيخ . قبل أيام كان وزير الداخلية يتحدث أمام مجلس الولايات عن ما يشاع عن بيع جوازات سودانية في السوق السوداء عبر نافذين..الوزير نفى الاشتباه جملة وتفصيلاً..ولكن الحديث أخذ مسارات أخرى تتعلق بمدى ترحيبنا بالأجانب.. ومن حسن الحظ أن الوزير بدأ مرحباً بفتح أبواب الهجرة الشرعية باعتبار أن بلدنا فيه سعة إن لم تكن حاجة لمزيد من الأيدي العاملة الماهرة ورؤوس الأعمال المقتدرة..بالطبع إن حديث الوزير لن يعجب طوائف واسعة من أهل السودان الذين يعشقون الانغلاق. يظل الانغلاق واحدة من الصفات السالبة في الشخصية السودانية..وما يعقد هذا الانغلاق إنه انغلاق من طرف واحد..لا تخلو أسرة سودانية من أن يكون أحد أطرافها ممن جرب الهجرة إما مغترباً في الخليج القريب أو مهاجراً في المغارب البعيدة..من هذه الناحية الهجرة مرحب بها وبفوائدها..لكن ذات السوداني العائد من الاغتراب يلعن حال البلد التي امتلأت بالحلب والحبش والجنوبيين..الاصطلاح يشير إلى اللاجئين من سوريا وإثيوبيا وأريتريا وجنوب السودان. نتجاهل عن عمد الإضافة الإيجابية على الاقتصاد السوداني من جراء العمالة الوافدة من وراء الحدود.. الجالية السورية اتضحت بصمتها في قطاع صناعة الطعام..فيما ظل الجنوبيون والإثيوبيون أوفياء لمهن شاقة أو غير مستساغة لعامة السودانيين.. بالطبع هذا الترحيب لا يعني أن تكون بلدنا وكالة من دون بواب..بل من الواجب أن نضع إستراتيجية تحدد تعاملنا مع ملف الهجرة واللاجئين.. بلاد كثيرة وضعت إستراتيجيات لضخ التنوع في شرايين الاقتصاد..قبل أيام أعلنت حكومة دبي عن سياسة جديدة لجذب الكفاءات من كل أنحاء العالم..أمريكا تفتح أبوابها كل عام لنحو خمسة وخمسين ألف مهاجر عن طريق الهجرة العشوائية. في تقديري مازلنا نتعامل مع ملف منح الجنسية السودانية بالتجنس بكثير من الازدواجية..قبل أيام أصدرت رئاسة الجمهورية قراراً بنزع الجنسية عن عدد من (لعيبة الكورة) الذين انتهت تعاقداتهم مع نادي الهلال..قبل أن يجف مداد السحب كانت قرارات أخرى تجنس آخرين قبل أن تطأ أقدامهم الخرطوم..هذا نوع من التساهل يفقد الجنسية السودانية قيمتها ويجعلها مجرد ورقة خضراء يحدد الكاردينال من يستحقها. بصراحة..عدد كبير من الشعوب كانت تقف من ورائنا ولكنها مضت وتركتنا.. كل ذلك سببه إحساس زائف بأننا أفضل من غيرنا.. وتقدير كاذب بأن الآخرين يحلمون بأن يكونوا مثلنا.. لهذا لا نحتفي بالتنوع.. بل من الممكن أن يكون التنوع منقصة تمنع صاحبها من تقدم الصفوف..هناك من يستنكر حتى فكرة ازدواج الجنسية لأي مسؤول سوداني.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة