:: يوم الخميس، تلقيت إتصالاً من الكابتن أحمد ساتي باجوري مدير سلطة الطيراني المدني، وأخر من صلاح الدين سلًام مهنا نائب المدير العام.. لهما الشكر على المتابعة والاتصال والتوضيح.. باجوري وسلًام تحدثا عن دعمهما لخطة والي الشمالية ياسر يوسف، وكان الوالي قد خاطب نواب المجلس التشريعي بخطته ورغبته في تشغيل مطارات الولاية الشمالية، وهي مروي و الدبة ودنقلا و حلفا.. وكنت قد كتبت عما عليه حال هذه المطارات، وما يجب أن يكون عليه الحال لو أدت كل السلطات المركزية والولايئة والمحلية واجبهما (كما يجب)..!!
:: وبالمناسبة، ليست مطارات الشمالية فقط، بل مطارات الدمازين وكسلا وعطبرة وغيرها من مدائن السودان ليست بأحسن حال ..(مطارات)، كلفت الناس والبلد المليارات خصماً من أثمان الغذاء والدواء والكتاب المدرسي، ومع ذلك لم يُصدرعبرها بصلاً أو ثوماُ بحيث يسد عائد التصدير بعض عجز الموازنة العامة ، ولم يغادر عبرها مريضاً بحيث يختصر مسافة الزمن والوجع..( مطارات)، محض أسفلت وأسلاك شائكة وبنايات كالحة الملامح وفارغ المحتوى..مظلمة ليلاً لحد توطين البوم والعناكب، ثم تتحول إلى ما تشبه المراعي والحظائر نهاراً لتسرح عليها الأغنام وتمرح الضأن..!!
:: (مطارات)، لا نجزم بعدم جدواها عند الإنشاء، ولكنها اليوم بلا جدوى..عفوا، ليس اليوم فحسب، بل في المطارات المهجورة ما لم يستقبل مدرجها طائرة رش مبيد منذ الإفتتاح وإلى يومنا ( مروي والدبة نماذجاً)..وفيها ما لم تقلع عن مدرجه منذ عقد ونيف من الزمان غير الطيور وبغاثها ( دنقلا وحلفا وعطبرة نماذجاً).. وفيها ما لا تستقبل مدرجاتها وتودع غير طائرات المسؤولين عند إشتعال الأزمات ( الدمازين نموذجاً)..والأغرب، بكل مطار مهجور إداري بلا إدارة و عمالة بلا عمل وبنود صرف بلا إيراد، وكأن الصرف على الفراغ - خصماً من تكاليف الغذاء والدواء والطباشير - مجاز بمجلس الوزراء ومعتمد بالبرلمان ..!!
:: ولإحياء هذه المطارات كان يجب جذب الإستثمار و رعاية المشاريع والمصانع وحمايتها من رسوم الولايات و أتاوات المحليات وجزية المركز، لتستقر المجتمعات حولها وتتكاثف وتنتج وتشكل الحراك التجاري والإقتصادي، أو هكذا كان يجب أن يكون حال (المطارات المهجورة).. ولكن النهج العام، كما لم يجذب الإستثمار بالرعاية والحماية وتقديم النماذج المثلى للعالم لإحياء المطارات الفانية، لايزال يتمادى في ترسيخ عوامل فناء ما تبقت من مطارات البلد وعزل مدائنها عن بعضها بفرض ما يشبه الجزية على شركات الطيران ( رسماً وضرائباً وجماركاً)، ثم تسعيراً غريباً لوقود الطائرات .. !!
:: فالدول من حولنا لا تعامل شركاتها الوطنية بذات تعاملها للشركات الأجنبية، إذ لشركات الوطنية إمتيازات.. وبالإمتيازات تجاوزت شركاتها الوطنية جغرافية قطرها إلى فضاءات الكون..وعلى سبيل المثال، من المٌعيب اقتصادياً أن تبيع الحكومة الوقود للشركات الوطنية بذات الأسعار التي تبيع بها للشركات الأجنبية..ومن المُعيب اقتصادياً أن يُكرم بنك السودان شركات الطيرن الأجنبية بالدولار الرسمي ثم تحرم الشركات الوطنية من ذات الدولار وترغمها على الشراء من (السوق الأسود)، لجلب إسبيراتها وإطاراتها.. !!
:: بالبلاد بقايا شركات طيران وطنية، وهي تحتضر حالياً.. وكان عليها إحياء المطارات المهجورة في ولايات السودان، ولكنها تتأثر باللجوء إلى الأسواق السوداء لإستيراد وقودها واسبيراتها، ليصطلي المواطن بتكاليف التشغيل ..لو كانت وزارة المالية تعرف معنى المسسؤولية الإجتماعية، وحريصة على إحياء مطارات الولايات، وخدمة إنسان الريف، لأنقذت الشركات الوطنية من نيران أسعار الوقود ودولار الأسواق السوداء، ولما تحولت المطارات إلى أطلال ..!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة